كان تصرفا ذكيا من المجلس الأعلي للقوات المسلحة عندما فاجأ الجميع بنشر الإعلان الدستوري المكمل مساء الأحد الماضي فور الانتهاء من العملية الانتخابية في جولة الإعادة الخاصة بانتخاب رئيس مصر القادم وقبل بداية فرز صناديق التصويت وقبل ظهور أي مؤشرات تقول من هو. وحدد المجلس العسكري في هذا الإعلان التكميلي جزءا مهما من سلطات رئيس الجمهورية خلال المرحلة الانتقالية القادمة ومستقبل الجمعية التأسيسية إذا تعذر عمل استمرار الجمعية التأسيسية الحالية التي شكلها البرلمان, ومن له حق التشريع خلال هذه الفترة الانتقالية في ظل غياب مجلس الشعب بعد أن قضت المحكمة الدستورية العليا ببطلانه. فعل المجلس العسكري ذلك حتي لا يتزايد البعض عليه لو كان هذا الإعلان التكميلي قد تأخر بعض الوقت حتي تتم معرفة النتائج شبه النهائية لصناديق الانتخابات ومعرفة من هو الرئيس القادم ووقتها سيقول الكثيرون ان هذا الإعلان المكمل فرضه اسم الرئيس القادم وليس المصلحة العامة لمصر بشكل عام, لذا حسم المجلس الأعلي القضية وأوضح في الاعلان الدستوري التكميلي قبل أن يعرف من هو الرئيس القادم انه وحده هو المختص خلال فترة هذا الإعلان وقبل وضع الدستور القادم كل ما يتعلق بشئون القوات المسلحة, وتعيين قادتها ومد خدمتهم, ويكون لرئيسه حتي إقرار الدستور الجديد جميع السلطات المقررة في القوانين واللوائح للقائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع, وأن من حق رئيس الجمهورية أن يعلن الحرب لكن بعد موافقة المجلس الأعلي للقوات المسلحة. ويجوز لرئيس الجمهورية في حالة حدوث اضطرابات داخل البلاد تستوجب تدخل القوات المسلحة, وبعد موافقة المجلس الأعلي للقوات المسلحة, إصدار قرار باشتراك القوات المسلحة في مهام حفظ الأمن وحماية المنشآت الحيوية بالدولة, وأن يباشر المجلس الأعلي للقوات المسلحة الاختصاصات المنصوص عليها في الإعلان الدستوري الصادر في30 مارس2011, لحين انتخاب مجلس شعب جديد ومباشرته لاختصاصاته لحين استكمال بناء مؤسسات الدولة المدنية والانتهاء من وضع الدستور بعد حسم موضوع الجمعية التأسيسية وانتخاب مجلس شعب جديد بعد إلغاء المجلس السابق. وقد فعل المجلس العسكري ذلك حتي لا نعود إلي حالة الاستقطاب التي حدثت عند تشكيل الجمعية التأسيسية في المرة الأولي ولا نعرف ماذا سيحدث لها في وضعها الحالي وخوفا من أن نفاجأ بدستور حزبي يعبر عن تيار سياسي معين ولا يعبر عن مصر كلها بكامل طوائفها. بعد أن حدد مواعيد لكل شيء. إلا انني فوجئت للأسف بمظاهر سلبية حادة كشفت عن حالة الاستقطاب الحادة التي أصبحت موجودة في المجتمع خاصة بعد الانتهاء من عملية الانتخابات الرئاسية بعدة ساعات قليلة عندما خرج علينا أحد المرشحين وأنصاره يعلن فوزه بالرئاسة!! ولا أعرف كيف يتم ذلك ومعظم الصناديق لم يتم فرزها بعد, وكأن المقصود هو حالة استباق لوضع يد هذا المرشح وجماعته علي قصر الرئاسة قبل أن يتم إعلان النتائج النهائية التي قد تكون في صالحه أو في صالح منافسه بعد ذلك, واختلط الحابل بالنابل بعد أن أصر هذا التيار أن يحشد الآلاف في ميدان التحرير خاصة أن هذا التيار أصبح متمرسا في عملية الحشد واستعراض القوة لتوجيه رسائل لكل من يقف أمامه ولا يلبي رغباته وعبر هذا التيار عن رفضه للإعلان الدستوري المكمل, ورفض حكم المحكمة الدستورية الأخير الذي أفضي إلي حل مجلس الشعب, والمطالبة بسلطات أوسع لرئيس الجمهورية مع أن هذا التيار والذي يقوده للأسف جزء ليس بالقليل من أعضاء مجلس الشعب المنحل كان أول من نادي بأن يتم تقليص سلطات رئيس الجمهورية عند وضع الدستور الجديد, ومع استمرار حالة الاضطرابات الحالية أدعو كل القوي الوطنية في مصر أن تتقبل اليوم الخميس قرار اللجنة الرئاسية العليا للانتخابات أيا كان الرئيس القادم وأن نعبر بشكل حضاري عن احترام القانون مادمنا نسعي إلي دولة قانون ودولة مؤسسات ولا يكون حكمنا علي صحة القانون بمدي فائدته لتيار سياسي معين أو أن يكون حكمنا بعدم صحته إذا اصطدم بمصالح هذا التيار. يا شعب مصر لا تضيعوا مصر من بين أيديكم وبأيديكم بما تفعلونه الآن فيها بقصد أو بدون قصد.