إن أكثر ما كره سقراط في حياته فئة تلقب بالسفسطائيين, الذين اشتقت عنهم كلمة سفسطة, وهم قوم يعشقون الجدل للجدل, ويستخدمون المنطق في سوق قياسات خاطئة وامثلة فجة, واعتبروا أنفسهم فلاسفة وخلقوا سوقا رائجة للسفسطة حتي قضي عليهم أفلاطون بنشره لمحاورات سقراط, فذهبوا أدراج الرياح وبقيت سفسطتهم ويبدو ان وشائج القربي مع اليونان ونحن حديثو عهد بالديمقراطية مثل اثينا القديمة الفتية ة قد الهمت اجيال الفيسبوك سفسطتهم القديمة, فخلطوا بين الوقاحة والحوار, وبين الشائعة والمعلومة, وبين الاقصاء والحرية, وبين الغوغائية والفضيلة, وبين الديمقراطية والديكتاتورية, وبين الثورة والانتهازية, ووجدوا في الجدل والسفسطة مجالا لترسيخ مواطنتهم المرموقة علي جمهورية الفيسبوك, فحين تعيب علي الإسلاميين ومعهم بعض من رموز الليبرالية أو مدعيها سقوط اقنعتهم في اختبار حقيقي للديمقراطية والحرية, واختبار اختياري لمدعي الليبرالية, بعد اقرارهم لقانون مشين يتعدي علي الحريات, ويفرض الوصاية علي الشعب بما يشي به من قدر كبير من عدم ثقة وعدم احترام مجلس الشعب المنتخب من الشعب للشعب الذي جاء به, يخرج عليك احد الكائنات الفيسبوكية ليلقتنك درسا في الوطنية والثورة والفلولية, وحين تشرح له ان الموضوع لايتعلق باشخاص وانما يتعلق بمبدأ عام وهو عدم التعدي علي حرية مباشرة الحقوق السياسية لاي مواطن وتعارض هذا مع حقوق الانسان, يجادلك بالرد بالشخصنة مرة أخري عن الماضي الاسود والافساد السياسي ويطلق عليك سيلا من الشائعات المرسلة علي انها معلومات موثقة, فترد عليه بان كل ذلك لابد ان يخضع لقرائن وتطالبه بتقديم تلك المعلومات الشائعات للنيابة للتحقيق فيها, فينبري لها احد الكائنات الفيسبوكية الأخري ليقول لك وماذا قد حدث في البلاغات التي قدمها السيد حسنين كفتة في السيد علي ممبار فحولتها النيابة للقضاء العسكري وفقدت؟ فترد علي الكائن المقتحم بانه في استطاعة السيد كفتة تقديم البلاغات مرة أخري مع نشر هذا في الصحافة التي لاتترك شاردة أو واردة تمكنها من التشهير بأي شخص إلا واستغلتها, ليخرج عليك مناضل فيسبوكي اخر ليقول لك وماذا عن المستندات التي ضاعت؟ فترد وتقول بأن اي محام لديه صور معتمدة طبق الافصل من المستندات ويمكنه مطابقتها علي الأصول وتوثيقها, ليخرج عليك كائن آخر من حيث لاتدري ليقول لك وفيم اعتراضك علي العزل؟ الم استثن انا وانا تحت الاربعين من الترشح للرئاسة؟ او ليس هذا مثل ذاك؟ لترد عليه علي مضض بان قياسه خاطئ, لان السن وضعت لضمان الخبرة والتحصيل والأهلية, كما انها وضعت كنص دستوري استفتي عليه الشعب ولم تدرج بقانون سلق بليل حكم فيه مجلس الشعب فيما ليس يخصه في وصاية كاملة علي الشعب, فيعود احد الكائنات لترد عليك بان كيف لايخصه وهو المفوض في وصاية كاملة علي الشعب, من الشعب في اتخاذ اي قرار أو اصدار اي قانون؟ لترد عليه وقد اصابك الاعياء بان التفويض ليس مطلقا, وهو في حدود الاختصاص بما لايتعارض مع روح التشريع التي يجب ان تحترم خيار الشعب وتثق فيه ناهيك عن شبهة تعارض مصالح للنواب الذين قاموا باعطاء توكيلات لمرشحين منافسين وهم ذات النواب الذين سوف يصوتون علي اقصاء المرشح المنافس, ليخرج عليك فسل لم يتعد عمره عشرين عاما ليقول لك انت لاتتقبل( النقض) اي والله كتبها هكذا بالضاد وهو يعني( النقد) والدال والضاد علي طرفي نقيض لوحة المفاتيح ويزيد عليك الطين بلة بان نصف الشعب يريد هذا العزل, لترد عليه بان كيف عرفت بهذا؟ اقمت بعمل استفتاء من منازلهم لتصل إلي تلك النتيجة؟ فيتطاول عليك بان يقول لك لدي1000 صديق من رأيي وانت الوحيد الذي يقول بعكسه مع واحد اخر, فتحذره من التطاول وتهدده بالحذف من قائمة الاصدقاء, ليسكت قليلا وتدخل اخري لتتهمك بالاقصاء تماما مثل البرلمان الذي تعيب عليه, فترد لتقول انا أفعل هذا فيما يعنيني ويخصني وهو حق اصيل لي يحصنني ضد تطاول الآخرين في حين ان المجلس يتصرف فيما ليس يخصه وحده دون اللجوء شبهة إلي الشعب صاحب السلطات أو إلي المحكمة الدستورية لطلب الرأي بعد اقرار التعديل المعيب اصلا, ليرد عليك كائن اخر ليقول ولكن مجلس الشعب سيد قراره, فترد عليه بان هذا كان في الماضي قبل الغاء هذا النص في الاعلان الدستوري, فيخرج لك احدهم من ظلمات الفيسبوك ليقول لك لماذا تريد اعادة انتاج النظام السابق؟ فترد عليه بأنني لا اريد هذا بل انتم من تقومون بهذا لان النظام ليس مجرد اشخاص وانما اسلوب ومنهج, وانتم باقراركم وتأييدكم لهذا القانون المشين من تقومون باعادة انتاج النظام ولكن بأشخاص اخرين ليتصدي لك اخر ليقول لك ولكن اذا اقر البرلمان القانون اصبح واجب النفاذ والتصديق عليه, فتجيبه بنعم ولكن ان لم يكن البرلمان قد احال القانون المشين إلي المحكمة الدستورية فهناك اضافة إلي شبهة عدم دستوريته حنث اليمين الدستورية التي أقسم عليها النواب وذلك لاحتمال شبهة تماس للقانون المشين مع المادة28 التي تختص بالقانون المنظم للانتخابات الرئاسية وحتمية عرضه علي المحكمة الدستورية, بما قد يمثل جرما وتعديا دستوري كبيرا قد يكون نواة لحل المجلس علي هذا فقط, ناهيك عن الطعون المقدمة عليه في موضوع القوائم النسبية, كما انها قد تفتح الباب امام اما المجلس العسكري او لجنة الانتخابات الرئاسية لعرضه علي المحكمة الدستورية قبل اقراره أو التصديق عليه, واذا صح كل ذلك, فقد تكون براقش قد جنت علي أهلها, لتسألك متغاطفة اخيرا لتقول لك امال ايه ده يا باشمهندس ده استهبال من البرلمان ولاعمي بصيرة, فتجيبها برقة مثل رقة سؤالها وقد تم استهلاكك تماما علي ايدي تلك الكائنات السفسطائية بانه قد يكون عمي بصيرة اذا لم تكن لجنة الدستور بالبرلمان قد انتبهت إلي هذا وحولته من خلال المجلس بعد الموافقة عليه إلي المحكمة الدستورية من نفسها, واضيف بأنني لست متأكدا من تخريجي هذا فأنا لست فقيها دستوريا ولكن لدي منطق وحسن قراءة, وليتني عزيزي القارئ ما قرأت قط في حياتي, فلولا القراءة لما اختلف حالي عن حالهم ولكنت اصطدت احد الزبائن المثقفين لانغص عليه عيشته, ولكنت لم افرق إلي الآن بين العزل والهزل والله أعلم.