مؤتمر تونس بشأن سوريا يفتح خطوط المواجهة مع نظام بشار الأسد بعد أن غابت الخطوط الحمراء والتحفظات المتعارف عليها في الدبلوماسية الخليجية تجاه الأحداث في المنطقة. سعود الفيصل يتحدث صراحة عن دعم عسكري للمعارضة السورية ويطالب بمواقف أكثر تشددا من المجتمع الدولي, في الوقت الذي رفض فيه العاهل السعودي الحوار مع موسكو, معتبرا ذلك مضيعة للوقت بعد استخدام الفيتو في مجلس الأمن. الدوحة بدورها في الجامعة العربية تدعو إلي إرسال بعثات لفرض السلام داخل الأراضي السورية, مما يعني التصدي لقوات الأسد. التشدد الخليجي ينطلق من رؤية وقناعة أن ما يحدث في سوريا يختلف تماما عما جري في بقية بلدان الثورات العربية. نظام الأسد لايزال يحتفظ بآلته العسكرية كاملة ولا وجه للمقارنة بين إسقاط صدام بعد سنوات من الحصار وحربه ضد إيران, أو القذافي الذي كان حريصا علي عدم وجود قوة عسكرية قد تهدده. ولكن لسوريا تحالفات دولية قوية ومباشرة مع روسيا من جهة, وعلي المستوي الإقليمي هناك إيران وحزب الله في لبنان, وتتحدث مصادر خليجية صراحة عن محاولة روسية لابتزاز الدول النفطية مقابل التخلي عن الدعم اللا محدود للأسد, واعتبرت تلك المصادر الرفض السعودي إيذانا بأن الوقت قد تأخر بالنسبة لتشكيل تحالفات جديدة, لأن الصراع قد دخل إلي منطقة الضربات القاضية. ونستطيع تحديد نتائج مؤتمر تونس في الآتي: أولا: زيادة المجازر التي يتعرض لها الشعب السوري علي أيدي قوات بشار في محاولة نهائية لإخماد المعارضة, وعلي اعتبار أن المزيد من القتلي لن يغير من المعادلات السياسية الحالية. ثانيا: محاولة نقل المواجهة والصراع إلي منطقة الخليج ذاتها لتخفيف الضغط علي الأسد, ولجذب الانتباه إلي قضايا أخري ستجد دعما من موسكو التي لن تغفر لدول الخليج تجاهلها. ثالثا: إن دخول إيران وحزب الله وبدعم من روسيا علي خط المواجهة في الخليج سيؤدي حتما إلي نشوب الحرب الباردة الجديدة التي جري الحديث عنها أخيرا, لأن الولاياتالمتحدة وأوروبا لن تقفا عاجزتين إذا تهددت المنابع الرئيسية للنفط بأي شكل من الأشكال. رابعا: إن العنصر الحاسم سيظل للوقت, وكما أسلفنا, فقد بدأت مرحلة الضربات القاضية, وخطأ واحد من هذا الطرف أو ذاك من شأنه أن يغير خريطة الشرق الأوسط رأسا علي عقب. [email protected]