لم أكن أتوقع أن ينزلق د. حسين خالد وزير التعليم العالي. وهو صديق عزيز الي قائمة وزراء التصريحات العنترية التي لاتعبر عن حس سياسي لدي صاحبها. ولاتعبر عن وجود أي ترتيب مسبق مع رئيس الحكومة ولاتعبر عن ترتيب مسبق أيضا مع وزير المالية إذا كانت هذه التصريحات خاصة بأمور مالية, ولايراعي ظروف الوطن التي نعيشها أو الفترة المؤقتة التي توجد فيها هذه الحكومة المؤقتة أيضا, والتي قد تستمر حتي نهاية شهر يونيو القادم في أحسن الأحوال لم يدرك السيد الوزير قبل إطلاق هذه التصريحات أن مصر قد فتحت باب التبرعات لأهل الخير وكل فرد في مصر ليتبرعوا لمواجهة إحتمال قطع المعونة الأمريكية التي تفجرت أزمتها خلال الأسابيع القليلة الماضية عشية بدء التحقيقات الخاصة بمنظمات المجتمع المدني غير المرخصة والتي كان يتم ضخ جزء ليس بالقليل من هذه المعونة لصالح هذه المنظمات من أجل إحداث الكثير من القلاقل والفتنة الطائفية والإنفلات داخل المجتمع المصري. أقول هذا بعد أن أتحفنا السيد وزير التعليم العالي بمسودة مشروع قانون لتنظيم الجامعات كشف النقاب عنه وأعلن أنه سيتم طرحه علي كل القواعد الجامعية خلال الأيام القليلة القادمة والتي انتهي من صياغته مجلس استشاري شكله سيادة الوزير من أجل هذا الغرض, وكان أخطر مافي مشروع هذا القانون بند رواتب أعضاء هيئة التدريس والتي سيتم مضاعفتها4 مرات مرة واحدة من خلال هذه المشروع أكرر4 مرات..ليس مضاعفتها مرة أو مرتين أو ثلاثا بل أربع مرات.. وبذلك سيتحصل المعيد وقتها علي6 آلاف جنيه شهريا والمدرس المساعد علي10 آلاف جنيه وعندما يصبح عضو هيئة تدريس ويحصل علي الدكتوراة سيحصل فورا علي11 ألفا و500جنيه..وقبل أن يتقدم للحصول علي درجة أستاذ مساعد سيصل دخله الي16 ألفا و500جنيه,,وفور أن يكون أستاذا مساعد سيحصل علي17 ألفاو500جنيه.. وقبل أن يتقدم للحصول علي الأستاذية سيصل راتبه الي24 ألفا و500جنيه.. أما الأستاذ فسيكون بداية المربوط الخاص به25 ألفا و500جنيه وبذلك سيكون بداية مرتب المعيد خمسة أضعاف الحد الأدني للأجور وبداية مرتب المدرس المساعد ضعف بداية مرتب المعيد وبداية مرتب المدرس3 أضعاف بداية مرتب المعيد وبداية مرتب الأستاذ المساعد4 مرات ونصف بداية مرتب المعيد وبداية مرتب الأستاذ أكثر من7 مرات من بداية مرتب المعيد. وطبعا سيادة الوزير لم يوضح لنا من أين سيأتي بكل هذه الأموال خاصة مع ضآلة وضحالة ميزانية التعليم العالي والجامعي والتي يذهب80% منها مرتبات حاليا ولايذهب للتعليم بشكل مباشر سوي الفتات؟ ولم يبلغنا كيف سيوفرها له وزير المالية في ميزانية أصبح من الصعب عليه في نفس الوقت توفير الميزانية التي كانت تخصص للتعليم الجامعي قبل ذلك نظرا للظروف الإقتصادية التي تمر بها البلاد؟ ولم يوضح لنا سيادته كيف سيتم ذلك في ظل ماينادي به بضرورة استقلال الجامعات بشكل حقيقي وأول مظاهر هذا الاستقلال إذا كنا نريد لها الاستقلال فعلا هو الاستقلال المالي وتقليل اعتمادها علي الدولة.. أي أن نجعلها قادرة علي أن توفر هي بطريقتها الخاصة الجزء الأساسي من مواردها كما تفعل بقية جامعات دول العالم المتقدم, عندما ترتبط هذه الجامعات بشكل حقيقي بالمجتمع وبمشاكله وتعمل علي حل هذه المشكلات, بل وتبتكر طرقا جديدة لتعظيم الاستفادة من المنتجات خاصة بالنسبة للصناعة وتحصل الجامعات من جراء ذلك علي موارد تغنيها عن موارد الدولة ولم يبلغنا سيادة الوزير ماذا سيكون موقف بقية فئات المجتمع في كل مكان من هذا الطرح المالي الذي أعلنه وزير التعليم العالي في رواتب أعضاء هيئة التدريس إذا كانت بداية مربوط الأستاذ سيكون25 ألف جنيه أي أكثر مما يحصل عليه الأستاذ عندما يسافر الي أي دولة خليجية؟ ولم يبلغنا وزير التعليم العالي ماذا أعد وماذا وفر للنهوض بالعملية التعليمية بالجامعات التي وصلت الأوضاع فيها الي حد الخطر. ياسيادة وزير التعليم العالي انتظر حتي تضمن أولا أنك باق طوال الأشهر القليلة القادمة, وبعدها فكر بشكل هاديء إذا كان لك نصيب في الإستمرار في مشاكل التعليم العالي والجامعي, وأسالك سؤالا أخيرا: ماذا ستفعل إذا لم تستطع تحقيق هذا الإنجاز الضخم لأعضاء هيئة التدريس في جامعات مصر؟!! الرحمة بالمجتمع ياسيادة الوزير.