ينتظر الشعب المصري قرارا تاريخيا يعيد ذلك المشهد النادر الذي انتزع اعجاب العالم عقب نجاح الثورة الشعبية, حين احتضنت الجماهير الغفيرة أبطال جيشنا العظيم ومعداتهم وقت نزولهم إلي الميادين والشوارع, وجاءت البيانات المتلاحقة للمجلس الأعلي للقوات المسلحة متضمنة وبكل الوضوح التعهد والالتزام بتحقيق أهداف الثورة والانحياز القاطع للإرادة الشعبية. واليوم يقف التاريخ شاهدا علينا مرة أخري, ليسجل المواقف والقرارات الكبري التي تنتصر لمصر ومصالحها العليا وحقها المشروع في بناء دولتها المدنية الحديثة, التي يحميها خير أجناد الأرض بكل رصيدهم الطويل من البطولة والفداء دفاعا عن كل حبة رمال من ترابنا المقدس.. لقد شهدت الأيام الماضية مسيرات حاشدة تنادي بالإسراع في تسليم السلطة والانتهاء من المرحلة الانتقالية, والأمر المؤكد أن الغالبية الساحقة تري في ذلك حفاظا علي قواتنا المسلحة الباسلة والخروج بها بأسرع وقت من مستنقع السياسة ومناوراتها, ولسنا في حاجة للقول إنه لا يوجد مصري واحد لا يحمل كل التقدير والاحترام لهذا الجيش العظيم, ليس لتاريخه فقط وإنما لأنه السياج الحامي للوطن في حاضره ومستقبله. والتوصيف الصحيح لما يحدث الآن من تفاعل شعبي حقيقي لايمكن تجاهله, هو أن الشعب يريد الحفاظ علي ثورته وجيشه في وقت واحد.. انها المعادلة الأهم التي ترسم معالم النهضة المصرية المنشودة, وإذا كان المجلس الأعلي قد أعلن عن برنامج زمني لتسليم الأمانة والمسئولية للرئيس الجديد المنتخب في نهاية يونيو المقبل, في حين ترتفع الدعوات لاختصار المدة قبل ذلك بنحو شهر أو شهرين, فإن ذلك كله لا يصنع أزمة بمعني الكلمة وانما يجب أن تخضع القضية لمناقشة جدية تتعامل مع مختلف الجوانب وتعطي الأولوية للإرادة الشعبية التي يلتزم بها قادة المجلس.. الثقة كاملة ولا تهتز في أن مصر سوف تنتقل آمنة مطمئنة من مرحلتها الانتقالية علي الرغم من كل التحديات والصعوبات التي تبدو علي الساحة, وهذه الثقة تنطلق من يقين كامل بأن الله هو الحافظ لمصر وأن قادة قواتنا المسلحة سوف يكتبون صفحة جديدة من الوطنية الصادقة التي تنتصر لإرادة هذا الشعب العظيم.