لسنا من هواة المقارنة مع الشعوب الأخري, ولكننا علي يقين أن الحالة المصرية تظل نموذجا فريدا في الوطنية الخالصة التي ترتوي من جذورها الممتدة في أعماق التاريخ. هذه الوطنية تصيب الأعداء والأصدقاء علي حد سواء بحالة من الدهشة والحيرة, وفي الأوقات الصعبة والأحداث الكبري يتوهج المعدن الأصيل لهذا الشعب وهو ما تكرر في كل الحروب التي خاضتها مصر دفاعا عن قضايا الأمة, وهل ننسي ما حدث بعد أيام قليلة من الحرب الغادرة عام1967 عندما خرج الشعب معلنا رفضه القاطع للهزيمة والاستسلام علي الرغم من الخسائر الفادحة التي دفعت العدو الإسرائيلي للاعتقاد وفقا لكل الحسابات أن مصر لن تقوم لها قائمة لعقود من الزمان. خرجت الجماهير تطالب بالثأر وإعادة بناء القوات المسلحة استعدادا لحرب تستعيد الأرض والكرامة, وهو ما تحقق في فترة وجيزة لا تقاس في عمر الشعوب, وجاء الانتصار العظيم في السادس من أكتوبر عام1973 ليعيد الأمور إلي نصابها الصحيح وليدرك الأعداء قبل الأصدقاء أن الأرض المصرية باتت محرمة علي كل من تسول له نفسه المساس بحبة رمل واحدة من ترابها المقدس. وفي أجواء ذكري الانتصارات, بدت تلك الروح الوطنية الخالصة علي وجوه الجماهير وهي تتابع العروض التي قدمتها القوات المسلحة, وكان الحرص واضحا خاصة لدي الشباب علي التطلع للسماء لتراقب نسور الجو وهم يقدمون بعض مهاراتهم, وبنفس الإحساس بالفخر والاعتزاز جاءت متابعة بقية العروض والاستعراضات البرية والمائية. لقد جاءت احتفالات ذكري انتصارات اكتوبر هذا العام في لحظة فارقة في تاريخ مصر, وأعادت إلينا الثقة والاطمئنان بمسيرة الوطن وهو يبدأ البناء الجديد للدولة المدنية الحديثة والقائمة علي أسس ديمقراطية راسخة. الثقة كل الثقة في أن أبطال قواتنا المسلحة علي استعداد تام وكامل لحماية البلاد من المتربصين بها, والاطمئنان كل الاطمئنان علي أن الشعب بفطرته الوطنية الخالصة لن يسمح باجهاض الحلم المشروع الذي طال انتظاره لتحقيق النهضة الشاملة التي يستحقها. بمثل هذا الشعب, وهذا الجيش البطل ورجاله الأشداء, خير أجناد الأرض ستحقق مصر أهدافها كاملة غير منقوصة.