تعود ذكري انتصارات حرب أكتوبر هذه الأيام ونحن أحوج ما نكون إلي استلهام روحها ودروسها ونتائجها التي أسقطت وللأبد مقولة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر وأظهرت بطولة وشجاعة الجندي المصري الذي أثبت في الميدان أنه بالفعل خير أجناد الأرض. حرب أكتوبر لم تكن معركة عادية بكل المقاييس, وعلينا في ضوء المراجعة الشاملة أن نعيد قراءة ماسبقها من هزيمة قاسية عام1967 في حرب غادرة انتهت سريعا, ولكنها ايقظت المشاعر الوطنية لكل المصريين الذين رفضوا الاستسلام علي الرغم من ضراوة الحرب النفسية التي صاحبتها والخسائر البشرية والمادية الهائلة الناجمة عنها, وفي سنوات قليلة لا تذكر في عمر الشعوب كان العمل يجري علي قدم وساق وليل نهار لإعادة بناء قواتنا المسلحة. وتحمل الشعب المصري الكثير والكثير حتي يستعيد الأرض والكرامة وهو ما تحقق له يوم السادس من أكتوبر عام1973 حينما اهتزت الأرض تحت وقع أقدام الرجال البواسل وكان العبور العظيم وانهيار خط بارليف الذي قيل ان القنبلة النووية وحدها هي التي تستطيع اختراقه. فور صدور البيان الأول عن حرب أكتوبر تغيرت أحوال مصر كلها وتحولت أرض الكنانة إلي جبهة واحدة متراصة ومترابطة, واختفت المظاهر السلبية من الشوارع واختفت الجرائم العادية, وأصبح كل مصري عينا ساهرة علي أمن الوطن واستقراره ليحمي ظهر الجندي المنشغل بقتال العدو. وتحمل ذاكرة الوطن الكثير من المشاهد والمواقف التي تؤكد ذلك التلاحم الفريد والنادر بين الشعب والجيش خلال أيام الانتصار وما بعدها, حتي استطاعت مصر أن تحرر كامل ترابها المقدس, وأدرك العدو قبل الصديق أن مصر جيشا وشعبا لا يمكن اختراقها وأن أي محاولة للعبث والمساس بحبة رمال واحدة من الحدود المترامية الأطراف سوف يكون الرد عليها صاعقا وحاسما. ويخطئ من يعتقد أن ما يحدث الآن في مصر يختلف عن أجواء حرب أكتوبر, صحيح أننا لسنا في معركة عسكرية ولكننا بكل تأكيد أمام مخاطر حقيقية يحاول فيها الأعداء النيل من ثورة مصر, ومحاولة عرقلة نهضتها المنشودة. بالثقة ذاتها والإرادة والعزيمة التي خاضت بها مصر معركة العبور, سيكون التلاحم بين الجيش والشعب هو حائط الصد لكل العواصف والمخططات القادمة من المتربصين بمسيرة هذا الوطن. إنه الدرس الأول والأهم الذي يجب أن نحفظه جيدا. muradezzelarab@hotmailcom