تعد الثورة التونسية هي الزاوية في صف الثورات العرية وبداية ما بات يعرف بالربيع العربي والذي كانت محصلته بنهاية العام سقوط ثلاثة أنظمة بالكامل في تونس ومصر وليبيا علي الترتيب,وتوقيع الرئيس اليمني علي عبد الله صالح المبادرة الخليجية للتنحي وتسليم سلطاته, وعقوبات عربية ودولية علي النظام السوري, وكانت صفعة القلم التي قامت بها شرطية تونسية لمحمد بوعزيز بائع خضر متنقل بعربته المتهالكة هي التي دفعت الأخير لإشعال النيران في نفسه سخطا علي نظام أقل أفراده لايحفظ كرامة مواطنيه, وانتهت بانهيار النظام وهروب الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي إلي السعودية وشجعت الانتفاضة الشعبية في سيدي بوزيد قرية بوعزيزي فئات المجتمع التونسي للتعبير عن كبت سنوات. ثورة الياسمين التونسية كانت حافزا لكثير من المصريين الذين خرجوا في يوم25 يناير بمظاهرات تنادي بإسقاط النظام بعدما رأوا التونسيين يفعلونها بأيديهم, وتبادل ثوار البلدين الخبرات عبر وسائل التواصل الاجتماعي حيث نقل التونسيون خبرتهم في التظاهر التعامل مع أدوات القمع الشرطية كانت تونس سباقة كذلك في نقل السلطة سريعا لإدارة منتخبة, وصوت التونسيون لاختيار مجلسهم التأسيسي لكتابة دستورهم الجديد والتي كان مدادها دماء219 قتيلا حسب تقرير الأممالمتحدة ضحوا بأرواحهم من أجل تونس جديدة. ثم جاء تنحي الرئيس المصري محمد حسني مبارك الذي حكم30 عاما وفجأة يختفي من المشهد السياسي معلنا تنحيه عن رئاسة مصر وتسليم سلطاته للمجلس الأعلي للقوات المسلحة لتنفجر الميادين الرئيسية في مصر بتحقيق أول مطالب ثورتهم في أقل من18 يوما وجاء تنحي مبارك مفاجئا لدول العالم يوم11 من فبراير والتي عجز أغلب قادتها علي إبداء رأي واضح في كيفية التعامل مع الثورة المصرية وهل يضحون بشريك استراتيجي تعودوا علي التعامل معه أم يؤيدون الثورة لضمان علاقتهم مع الشعب أو يساندونه من أجل مصالحهم ويغضون الطرف عن مقتل نحو850 وفقا لمنظمة العفو الدولية وحظي تنحي مبارك بردود أفعال عالمية اذ تباري رؤساء الدول لإلقاء كلماتهم تعليقا علي الحدث, أما إعلاميا فقد تابعت جميع الوسائل الثورة المصرية عن كثب واحتلت مصر المركز الأول في أكثر المواضيع متابعة علي التواصل الاجتماعي تويتروجاء رمز ثورتها25 يناير في المركز الثامن, ولايزال مصير مبارك مجهولا بعد بدء محاكمته مدنيا في قضايا تتعلق بالفساد وبتهم قتل المتظاهرين. ومثل العقيد الليبي معمر القذافي كان من ابرز نتائج الحراك السياسي في2011 فقد اختلفت الثورة الليبية عن جارتيها التونسية والمصرية ليس فقط في تعامل النظام القائم وقتها بزعامة العقيد الراحل وأولاده بالقوة مع الاحتجاجات, ولكن في تحول الأمر سريعا إلي حرب يشنها العقيد مدعوما بكتائبه وعناصر أجنبية سميت بالمرتزقة الإفريقية في مواجهة شعبه ومن انحاز لهم من الجيش الليبي, ومع ارتفاع ضحايا الثورة الليبية, بدت ملامح نهاية العقيد,وإنها ستكون مغايرة عن نهاية زين العابدين أو مبارك,ومع دخول الثور طرابلس في شهر أغسطس بدأ البحث عن الرجل الذي حكم ليبيا طوال42 عاما ومع ازدياد قبضة الثوار علي ربوع ليبيا بما فيها مدينة سرت مسقط رأس العقيد, لم يعلن المجلس الانتقالي انتصار الثورة رسميا, وظل البحث عن العقيد الشغل الشاغل سواء للثوار أو لحلف الناتو الذي استمرت طائراته في شن غارات علي جيوب قوات العقيد, ورصدت مكافأة مالية ضخمة لمن يجده حيا أوميتا. وفي العشرين من أكتوبر استقل العالم خبر مقتل العقيد وكان الذهول والشك في حقيقة الخبر القاسم المشترك بين أغلب المستقبلين, وهو ما أخرج وسائل إعلام متعددة عن وقارها لتبث لقطات القبض عليه وجثته بعد موته لتأكيد الخبر للمتابعين, وبعد دفن العقيد أعلن المستشار مصطفي عبدالجليل رئيس المجلس الانتقالي الليبي انتصار الثورة وتحرير كامل ليبيا. وفي سوريا لاتزال الصراعات قائمة بين الرئيس بشار الأسد وشعبه الذي خرج في مارس الماضي ليطالب بالخروج من هيمنة حزب البعث الحاكم والذي يسيطر علي مقاليد الحكم منذ سنوات طويلة,ومن قبله والده حافظ الأسد. واتخذت الثورة في سوريا شكلا مشابها لما حدث في ليبيا من صراع مسلح وتحد لرغبة الشعب في التغيير,فاستخدم الأسد ولايزال المعدات الثقيلة ضد المتظاهرين في شتي أرجاء البلاد. كما لجأ إلي التغييرات السياسية في الحكومة لإرضاء المحتجين إلا أن النتيجة لم تأت تلبية لرغباته وازدات الاحتجاجات ضده ولاتزال القضية مستمرة وسط توقعات بصعود اعضاء المجلس الوطني السوري الذي تشكل بمساعدة تركيا إلي الحكم بعد سقوط الأسد ونظامه. وفي اليمن استمر الرئيس علي عبد الله صالح في المناورات السياسية ضد المتظاهرين حتي كاد يقتل بأيدي المنشقين عن جيشه ووصل حد إصابته إلي أن دخلت شظية طولها اكثر من3 سنتيمترات بجوار قلبه وسافر المملكة العربية السعودية لتلقي العلاج وسط توقعات بعد عودته وتزايد للتكهنات بصعود نائبه منصور عبد ربه للحكم. وعاد صالح ووقع علي المبادرةالخليجية مع تزايد الضغوط الدولية, وطبقا لها فسيسلم صالح الحكم خلال90 يوما وسيتم تشكيل حكومة وطنية تشمل جميع الأطياق وسيشهد اليمن الجديدة احداثا متغايرة في عام2012 عندما يتم تنفيذ الجدول الزمني في العام الجديد. أما الشيء اللافت للنظر في تطور احداث الربيع العربي فهو صعود الإسلاميين في تونس مع نجاح حزب النهضة ونجاح الإخوان المسلمين والحركات السياسية في مصر في انتخابات البرلمان التي تنتهي حلقاتها في أول يناير بتقدم إسلامي.