كان من أهم أحداث العام المنقضي اندلاع موجة عارمة من الثورات والاحتجاجات في مُختلف أرجاء الوطن العربي بدأت بمحمد البوعزيزي في تونس والذي قام بإضرام النار في جسده احتجاجاً على الظلم والاستبداد، وتعبيراً عن غضبه على البطالة ومصادرة العربة التي كانت مصدر رزقه، وكان لهذا الحدث السبب في انطلاق وتيرة الشرارة في المجتمع التونسي وخروج الآلاف، وقيامهم بثورة "الأحرار" تضامناً مع البوعزيزي، ونتج عن هذه المظاهرات التي شملت مدنًا عديدة في تونس سقوط العديد من القتلى والجرحى من المتظاهرين نتيجة تصادمهم مع قوات الأمن، وأجبرت الرئيس زين العابدين على إقالة عدد من الوزراء بينهم وزير الداخلية وإلقاءه خطبة قدم فيها وعوداً لمعالجة المشاكل التي نادى بحلها المتظاهرين، كما أعلن عزمه على عدم الترشح لانتخابات الرئاسة القادمة، وبعد خطابه تم فتح المواقع المحجوبة في تونس كاليوتيوب بعد 5 سنوات من الحجب، كما تم تخفيض أسعار بعض المنتجات الغذائية. لكن الانتفاضة توسعت وازدادت شدتها حتى وصلت إلى المباني الحكومية مما أجبر الرئيس بن علي على التنحي عن السلطة ومغادرة البلاد بشكل مفاجئ بحماية أمنية ليبية إلى السعودية يوم الجمعة 14 يناير من هذا العام، وتولي رئيس مجلس النواب فؤاد المبزع منصب رئيس الجمهورية بشكل مؤقت إلى حين إجراء انتخابات رئاسية مبكرة. وبعدها انتقلت هذه الثورة الى مصر وبدأت بانتفاضة شعبية اندلعت يوم الثلاثاء 25 يناير، وكان هذا اليوم يوافق (عيد الشرطة في مصر). احتجاجًا على الأوضاع المعيشية والسياسية والاقتصادية السيئة وكذلك على ما اعتبر فساداً في ظل حكم الرئيس السابق مبارك، وانتشرت هذه الاحتجاجات في ربوع المحروسة وظلت ثمانية عشر يوم كان من أشهر ميادين الاعتصامات هو ميدان التحرير، وأدت هذه الثورة إلى تنحي الرئيس مبارك عن الحكم في 11 فبراير بعدما أعلن نائبه عمر سليمان في بيان قصير عن تخلي الرئيس عن منصبه وأنه كلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شئون البلاد. ثم انتقلت شرارة الثورات الى ليبيا في 17 فبراير في انتفاضة شعبية احتجاجاً على ممارسات القذافي العنيفة، وتحولت الى ثورة قادها الشبان الليبيون الذين طالبوا بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية، لكن مع تطور الأحداث وقيام الكتائب التابعة لمعمر القذافي باستخدام الأسلحة النارية الثقيلة والقصف الجوي لقمع المتظاهرين العزّل، قرر هؤلاء الشبان القتال للإطاحة بالقذافي حتى آخر لحظة، ثم تدخل حلف الأطلسي بشن حملات مسلحة على نظام القذافي، حتى وقع في أيدي الثوار أثناء هروبه الى خارج البلاد وتم قتله. كما شهد شهر فبراير أيضاً بداية الثورة اليمنية قادها الثوار اليمنيون بالإضافة إلى أحزاب المعارضة للمطالبة بتغيير نظام الرئيس علي عبد الله صالح الذي يحكم البلاد منذ 33 عاماً، والقيام بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية. وكان لمواقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك مساهمة فعالة في الثورة إلى حد كبير، واستمرت المناورات بين شباب التغييروالمعارضة من جهه وبين صالح من الجهة الأخرى وحدثت بعض الاشتباكات المسلحة بين موالين للنظام ومسلحين قبليين، وأصيب صالح إثر هذه المناوشات وغادر إلى السعودية للعلاج بعد سقوط قذيفة على القصر الرئاسي، وعاد صالح لتزداد المواجهات لتجبره على قبول المبادرة العربية بخروجه الآمن من اليمن وتسليم السلطة. ثم انتقلت بعد ذلك باحتجاجات عارمة ظهرت في العاصمة الأردنية بموجة من المظاهرات والمسيرات التي انطلقت في مختلف أنحاء الأردن، كما كان من الأسباب الرئيسة لهذه الاحتجاجات تردي الأحوال الاقتصادية وغلاء الأسعار وانتشار البطالة والفساد، مما أدى الى إصلاحات من جانب الحكومة لتهدئة الأوضاع. وبدأت حملة احتجاجات شعبية بالبحرين متأثرة بموجة الاحتجاجات العارمة التي اندلعت في الوطن العربي قاد هذه الاحتجاجات شباب مستقلون إلى جانب عدد من جمعيات المعارضة الشيعية والليبرالية والقومية وبعثية تطالب بإصلاحات سياسية واقتصادية إلى جانب جمعيات معارضة غير مسجلة رسمياً لدى الدولة. فيما صارت مظاهرات شعبية بالجزائر، قادتها أحزاب المعارضة إضافة إلى الشبان الجزائريين الذين يطالبوا بإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية. أما في عُمان، فانطلقت موجة أيضاً من الغضب قادها الشبان العمانيون الذين طالبوا بإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية. فيما إندلعت وبشدة الانتفاضة الشعبية التي انطلقت في مارس الماضي بسوريا في تحد غير مسبوق لحكم بشار الأسد متأثرة بثورات الربيع العربي، وبدأت عندما كتب اطفال من عائلة الابازيد بمدينة درعا شعارات على حائط المدرسة منها "الشعب يريد إسقاط النظام"، فقام الأمن باعتقالهم وشلع أظافرهم، مما جعل الأهالي يطالبون بالإفراج عن ابنائهم فكان رداً سيئاً من مسئولي الأمن السياسي، مما أشعل موجة الغضب التي مازالت مستمرة حتى الآن ، في ثورة مستمرة لأسقاط نظام بشار الأسد. ولم تسلم العاصمة العراقية بغداد من موجة الاحتجاجات حيث بدأت في فبراير الماضي، قادها شبان يطالبون بالقضاء على الفساد وإيجاد فرص عمل لأعداد كبيرة من العاطلين خاصة حملة المؤهلات العليا، والقيام بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية، وكانت من أهم الظواهر غياب للأحزاب والكتل السياسية والرموز الدينية التي استحوذت على الشارع العراقي. وأخيراً؛ وصلت تلك الموجة الى الشعب المغربي قادها المغاربة "حركة 20 فبراير" بدعم من الهيئات الحقوقية والأحزاب السياسية المغربية وجموع المواطنين، وطالبوا من خلالها بملكية دستورية برلمانية ديمقراطية اجتماعية وبإصلاحات سياسية واجتماعية، وإنشاء دستور جديد يحد من صلاحيات الملك، وتقوي موقع رئيس الوزراء، وتم الرضوخ لمطالبهم في أغسطس الماضي.