** يا اللي ساكت ساكت ليه دي مش أختك ولا إيه** مصر يا أم ستاتك أهم دول علشانك شالوا الهم ** علي وعلي وعلي الصوت صوت المرأة مش هيموت ** يا إعلام هايفا ونانسي إبعت هات دبابة تدوسني** قوم يا مصري فاضل إيه بعد العرض فاضل إيه هكذا انتفضت أرض وسط البلد بدءا بنقابة الصحفيين في شارع عبدالخالق ثروت مرورا بشارع فؤاد وصولا إلي ميدان طلعت حرب وحتي ميدان التحرير.. هكذا قامت وهبت وانتفضت وثارت لنفسها وعرضها وشرفها وكرامتها.. المرأة المصرية. لم يكن مقبولا وممكنا ومتاحا علي وجه الإطلاق أن أجلس علي مكتبي الكائن في جريدة الأهرام في التكييف الدافئ تاركة هذا الحدث ضاربة عرض الحائط والجدران.. كان من المستحيل ألا أذهب إلي شارع عبدالخالق ثروت مهرولة مسرعة غير عابئة بكم السيارات المسرعة في شارع الجلاء وشارع رمسيس.. الصوت يأتي من بعيد يخترق الأذن ويدخل إلي القلب بصورة مذهلة.. كلما اقتربت يعلو الهتاف ويتضح أنه صادر من تلك الأصوات الحساسة الناعمة التي تحولت فجأة وبالتأكيد بمقدمات إلي أصوات خشنة جسورة قوية مصرة عنيدة قائلة بمرارة وجرح تستطيع بسهولة أن تلمحها ما أن تنظر إلي الوجوه التي اتشحت بالشحوب والاصفرار والحزن يسقط يسقط حكم العسكر.. ستات مصر.. الخط الأحمر.. بسهولة شديدة دخلت وسط هذا الكم من النساء.. اللاتي يحملن بعضا من اللافتات التي كتبن عليها بالبنط العريض العديد والعديد من العبارات التي تندد بالوحشية والعنف التي تعامل بها قوات الجيش المصري مع الفتيات اللاتي شاركن بسلمية في اعتصام التحرير وعلي سبيل المثال لا الحصر.. إبعت هات مليون شاويش آه يا حكومة ما تختشيش وأخري قد كتب عليها.. عروا بناتنا فاضل إيه قتلوا أولادنا فاضل إيه وخالتك سلمية ماتت انسي بقي الثورة اللي فاتت ويعلو الهتاف النسائي الذي يردده وراءهن آلاف مؤلفة من الشباب المصرية ما تتعراش..!! اتلفت من حولي لأجد كل نوعيات النساء التي تتصورها.. ها هي التي ترتدي الصليب تقف جنبا إلي جنب مع المنتقبة إلي النخاع ويمسكن بيد بعضهن قائلات.. يسقط حكم العسكر.. وها هي المحجبة والأخري التي ترتدي الجينز.. والثالثة التي ترتدي العباءة السوداء وربنا يستر ويكون لابسة حاجة تحتها علشان لما يتعمل فيها زي اللي اتعمل في اللي قبلها الناس ما تسيبش اللي حصل ويقولوا الله ما هي اللي كانت لابسة العباية من غير حاجة تحتها.. والله العظيم هم يبكي وهم يضحك.. إذن هي الصورة التي التقطها المصور الفنان الشاب أحمد المصري التي كشفت عن الكثير والكثير من الأمور والتي لم تعر الفتاة ولكنها عرت من ارتكبوا هذا الجرم في حق المواطن المصري سيدة أم رجلا أو حتي طفلا. تحدثت مع العديد من السيدات المتظاهرات ووسط الهتافات والأصوات المتذمرة والعالية استقطعت أن أسمعهم بأعجوبة كان لازم كلنا ننزل, حسيت بالذل والمهانة لما شفت الصورة اللي فضحتهم قدام العالم كله, خلاص مش قادرين علي الرجالة وصلت إلي أنهم يهينوا الحريم إيه الغرض من ده, هي دي الطريقة السلمية لفض الاعتصام. فتاة شابة أخري سألتها عن سبب وجودها قالت لي أنا موجودة منذ ثورة25 يناير وحضرت كل الأحداث وكنت موجودة في اعتصام مجلس الوزراء وعلي فكرة جوزي في البيت قاعد بالطفلتين.. كان لازم أنزل وهو متفاهم معايا واليوم اللي ينزل فيه التحرير هو بيعقد مع الولاد والعكس صحيح.. النهارده بالذات كان لازم أنزل وأشارك وأقول للمجلس العسكري عيب اللي حصل ومفيش أي اعتذار هنقبل بيه.. أخري قاطعتها.. بصي الصورة اللي انتشرت خير دليل ورد علي الجنزوري اللي قال إن قوات الأمن لم تستخدم العنف مع المتظاهرين.. هم فاكرين إن الدنيا ما اتغيرتشي ولا إيه.. العالم بقي قرية صغيرة والنت وجوجل واليوتيوب ماخلوش في حاجة مكن تستخبي.. اللي ناقص بقي إنهم يقطعوا علينا النت وده بقي متوقع منهم ما هو نفس السيناريو بيتكرر ونفس الوجوه ونفس النظام, مفيش حاجة اتغيرت.. كله واحد..!! يعلو الهتاف فأجدني أهتف عاليا معهم.. بنات مصر.. الخط الأحمر.. ولافتة كبيرة تقول عباراتها.. البنات اللي اتسحلوا اسمهم مصر شباب كثيرون من الواقفين في قلب وسط البلد ونساء أخريات ممن نزلن يتجولن للشراء أو للفرجة انضممن لمسيرة السيدات.. أحد الشباب الذي انضم حديثا قال لي.. لما البنات تخرج من بيوتها وتهتف يبقي عيب علينا احنا يا شباب نقف نتفرج عليهم, يبقي لازم نلبس طرح ونحلق شنباتنا..!! وسيدة أخري من اللاتي انضممن إلي المسيرة قالت.. أنا ما كنتش أعرف إن فيه حاجة ولا مسيرة هتقوم بيها الستات والا وحياة ولادي لا كنت نزلت من أول لحظة فيها.. أنا دلوقتي اتصلت بجوزي وقلت له هتأخر علشان أشارك في المظاهرة وأقول بنات مصر.. الخط الأحمر.. اللي حصل عيب وحرام.. ده أيام المخفي العادلي ومبارك ما حصلش كده.. هو احنا بقينا مستباحين ولا إيه.. كل واحد يلطش فينا شوية.. كفاية ذل بقي.. تركتني السيدة وانطلقت مسرعة للحاق بالمسيرة مرددة وراء السيدات اللي بيسحل في البنات واللي بيقتل في الشباب هو اللي بيخرب في البلاد شاب من المشاركين في المظاهرة قال لي.. مش هقولك حاجة غير إن الكدب مالوش رجلين والمؤتمر الصحفي اللي عمله المجلس العسكري وجاب لنا فيه شريط فيديو يظهر فيه شباب صغيرين بيعترفوا بإنهم خدوا فلوس وحرقوا المجمع.. اتضح إن الشباب دول مقبوض عليهم قبل الأحداث ب6 أيام والمحامي بتاعهم اتكلم علي الهوا امبارح في القنوات الفضائية وافتحي النت والفيس بوك وشوفوا واتفرجوا.. بدل ما المجلس يعتذر في هذا المؤتمر اللي هو أسوأ حاجة قدمها منذ أن تولي إدارة البلاد وبدل ما يقولوا كلمة للتهدئة أو للتعزية للشهداء وأهاليهم وبدل ما يعتذر حتي عن الصورة اللي عروا فيها الفتاة وقالوا لنا أصل الظروف المحيطة لازم تعرفوها.. بدل كل ده بيجيب ناس تكذب علينا في الفيديوهات اللي قدمها.. أنا بصراحة مانزلتش التحرير في أحداث مجلس الوزراء لكن أنا من النهاردة هشارك ومش هروح بيتنا وهعتصم في التحرير لأن الناس اللي هناك دي مش بلطجية زي ما فهمونا ومش هما اللي حرقوا المجمع وعلي المجلس يقول لنا الحقيقة وكفاية كدب بقي.. قوم يا مصري فاضل إيه بعد العرض فاضل إيه.. بهذا الهتاف وصلت مسيرة السيدات إلي ميدان التحرير وقفن جميعا والهتاف الواحد يعلو صارخا في السماء يسقط.. يسقط حكم العسكر.. خرجت من الميدان ولا يزال الهتاف الأساسي للمظاهرة النسائية يتردد.. بنات مصر.. الخط الأحمر..