الله.. ما أعظمك يا مصر!! الله.. ما أروعك يا شعب مصر!! كانت هذه هي همساتي أناجي بها نفسي وأنا أري هذه الصورة المشرفة لطوابير غفيرة منتظمة تحت المطر, وكأننا كنا نفتقد نسيم الحرية كنا نفتقد أن يكون لنا رأي, فعلا ما أعظمك يا مصر فرغم المكائد صمدت يا مصر, ورغم الأحداث الجسام تخرجين سالمة معافة رغم كل ما تكالب عليك من المحن تخرجين مرفوعة الرأس بأبنائك. لا أخفي سرا حينما أقول: اني كنت من المتخوفين من يوم الانتخابات ومدي نجاحها إن تمت, فقد كنت اعتقد ان كم الكيد والتخطيط والتدبير قد أفسد هذا اليوم, وأن ما حدث الأسبوع الماضي كان المبرر الظاهري حتي لاتجري الانتخابات أو هو انذار خفي بإفسادها ان تمت خصوصا ان من يتابع برامج التوك شو يجد هؤلاء الصارخين المستنكرين للانتخابات, وانها يجب ألا تتم والبلد سيغرق أنتم تشعلون النار بهذه الانتخابات. وكان هذا هو محور تعليقات النخبة التي لم ينتخبها احد ولكنها فرضت نفسها علينا في صلف وغرور باسم النخبة والبقية الباقية من الشعب في نظرهم هم العامة الدهماء, الذين لا وعي لديهم, ولا إدراك, ولابد ان اراد العامة الحياة ان ينساقوا وراء النخبة المفروضة علينا إعلاميا. ولكني عندما ذهبت في العاشرة صباح اليوم الأول للمرحلة الأولي للانتخابات وانا اظن اني سأجد اللجنة خاوية علي عروشها فاذا بي أفاجأ بطابور تجاوز الخمسين مترا تقريبا ولم تصدق عيني ما اري ولان المدرسة قريبة قررت الانصراف علي ان اعود بعد فترة فربما يهدأ قليلا وبالفعل ذهبت مرة ثانية فاذا الزحام قد تفاقم وتضاعف ولكن بصورة منظمة وعجيبة لم نعتدها, فالمعروف في أوقات الزحام أن يظهر شيء من الفوضي وشيء من المحسوبية والفهلوة أما هنا فنجد وسط الأمطار الغزيرة طابورا منظما متتابعا لايختلف كثيرا عما نشاهده في أوروبا والدول المتقدمة وانصرفت للمرة الثانية وتابعت الانتخابات في التلفاز فاذا هذه الطوابير تتكرر مع النساء بل تجد الكثير من المسنين الذي اتوا يزحفون زحفا من اجل التصويت والصورة الرائعة عندما تجد اما شابة تحمل رضيعا وكأنها حريصة ان يشهد هذا العرس الرائع. وأتابع برامج التوك شو لأجد الهلع علي رءوس بعض الذين عارضوا اقامة الانتخابات فكان المبرر الخائب من هذه النخبة المزعومة حيث قال أحدهم: شعب أمي ماذا تنتظر منه انه يخشي غرامة ال500 جنيه ولم يخرج عن وعي.. يا سلام علي الحقد عندما يحرق النفوس بعد ان يملأ القلوب.. هذه الملايين خرجت خوفا من الغرامة وسط الأمطار والجو البارد في الاسكندرية وبورسعيد وغيرهما طبعا هذا هو تبرير الهزيمة الساحقة التي منيت بها طبقة النخبة المزعومة فقد توقعوا إفساد الانتخابات, وخوفونا من البلطجية ومن الأحداث وغيرهما وكانوا يتوقعون ان تخوفهم سيأتي بنتائج مبهرة فكانت الصدمة التي افقدتهم توازنهم طبعا وعندما تأتي النتائج بما لايهوون ننظر إلي التحليلات والاعتراضات والتسفيه من رأي الاغلبية وكأن الديمقراطية أن نسير كالقطيع وراء النخبة المزعومة وإلا فنحن الجهلاء الذين لن نتقدم أبدا. لقد انصرفت من اللجنة فخورا مرفوع الرأس فهذه هي بلادي وهذا هو شعبي الذي خرج من قمقمه ولن تعود عقارب الساعة إلي الوراء, ولن يعود المارد إلي قمقمه وها هو الشعب يظهر مقدار مسئوليته واحساسه بها, وكان نموذجا مشرفا يقتدي به من حولنا كم انا سعيد بهذا العرس بغض النظر عن النتائج أو من يفوز فالفرحة بهذا الشعب الرائع. ومهما تكن النتائج فالمهم انها خطوة علي طريق الاستقرار الذي يرفضه ثوار الفضائيات. هنيئا يامصر بعرسك الرائع.. وعذرا ايتها النخبة المزعومة فقد نفد رصيدكم.