لأن تضيء شمعة خير من أن تسب الظلام, هذا هو قمة العقل والمنطق في التعامل مع طبيعة الأمور وفق ما هو متاح منها, لكننا للأسف الشديد وبعد نجاح ثورتنا العظيمة سعي الكثيرون منا للقفز فوق الأحداث واستباق النتائج دون عقل أو تريث وظنوا أنهم وحدهم يفهمون ما لا نفهم ويعلمون ما لا نعلم فنصبوا أنفسهم حراسا وقوادا للثورة حتي أصبح لها مليون أب وهكذا اختلطت الأوراق وتوارت الأهداف والمقاصد النبيلة خلف ضبابية المشهد العام فأصبح لنا كل يوم مطلب جديد وبات لا يرضينا شيء فتعددت الإضرابات والوقفات الاحتجاجية حتي إننا بتنا نحتج علي أي شيء وكل شيء بدعوي أنه من الماضي وأن كل الماضي فلول, فدمرنا بأيدينا وبحسن نية كل ما كان يجب بناؤه وبدلا من أن نتوقف بعد الثورة للبناء تفرغنا لهدم الاقتصاد وضرب السياحة وقتل الأمن حتي أصبحت أوضاعنا الاقتصادية والأمنية بالغة الخطورة. ولعل من حقي كمواطن مصري أعادته الثورة بعد45 عاما من الاغتراب أن أسأل: ماذا يفعل المحتجون في التحرير وأمام مجلس الوزراء الآن, وما هو هدفهم الحقيقي؟.. قطعا أنا لا أشكك في وطنية هؤلاء لكنني أقول لهم بعد أن حققوا بأيديهم كل إنجازات ثورتنا المجيدة: ألا من لحظة هدوء حتي لا يسمحوا للمندسين من البلطجية وأرباب السوابق وتجار المخدرات أن يندسوا بينهم ويشوهوا ثورتهم ويهدروا دماء شهدائنا هباء. وأقول لهم ألا تقرأون ما يقع من قطع طرق وحوادث سرقة وخطف واغتصاب كل يوم في جميع الطرق الصحراوية والزراعية بسبب غياب الأمن.. إنني أناشد الجميع فتح صفحة جديدة مع الشرطة ومنح المجلس العسكري وحكومة الجنزوري فرصة للعمل في هدوء وإعادة ترتيب الأوراق وتوفيق الأوضاع.. بالفعل ما أحوجنا الآن إلي هدنة لالتقاط الأنفاس وبدء البناء.. ما أحوجنا إلي التكاتف لإعادة عجلة الإنتاج للدوران والدفع بها بأقصي طاقة للأمام. إن شعب مصر العظيم الذي حقق ما يفوق الأحلام وهدم كل أصنام النظام البائد قادر علي أن يقود ملحمة بناء تبهر العالم كثورته المجيدة.. الدنيا بأسرها الآن تنتظر ما سيفعله المصريون بعد أن قطعوا الشوط الأول من جولتهم في انتخابات البرلمان بصورة أذهلت العالم.. الكل يراهن علي أننا سنكون أفضل وأروع وأكثر تقدما.. فتري هل نحن فاعلون؟.. هذا هو السؤال.