الملايين في ميدان التحرير وبقية المدن المصرية هي التي خرجت في يناير, وهي التي قام الجيش المصري البطل بحماية ثورتها والتزم المجلس الأعلي للقوات المسلحة بتحقيق كامل ارادتها والانتقال بالبلاد الي الدولة المدنية الحديثة القائمة علي أسس راسخة من الحرية والديمقراطية. هذه الملايين هي القوة المضافة التي أذهلت العالم وأيقظت الشعوب, ليس في المنطقة فحسب وإنما علي امتداد قارات الدنيا, حيث تتوالي المشاهد واللقطات التي تشير الي استنساخ ميدان التحرير في مشارق الأرض ومغاربها بكل ما يعنيه ذلك من رمزية تجعل للتجربة المصرية نموذجا يحتذي اذا ما توج بالنهضة الشاملة والبناء الجاد والمخلص بعد التخلص من أنقاض النظام السابق. ومن الخطأ الجسيم بل الخطيئة الكبري, النظر بسلبية تجاه تلك الحشود المتطلعة نحو الحاضر والمستقبل برؤية وطنية خالصة ومشاعر صادقة تستوجب التفاعل الإيجابي معها, لتكون السلاح البشري الذي يبني ولا يهدم, ويضع مصر في مكانتها الصحيحة واللائقة بين الدول المتقدمة. الجماهير المتدفقة والشباب في مقدمتها الوقود الذي ستنطلق به مصر في سباق مع الزمن لتعويض ما فات ولإثبات القدرة علي تجديد أول حضارة عرفتها البشرية. ومهما تكن ضراوة التحديات القائمة والمخططات الشيطانية من الداخل والخارج لعرقلة المسيرة خوفا من مصر ودورها ورسالتها, فإن الأحداث الأخيرة تؤكد ضرورة استمرار التلاحم بين الشعب والجيش باعتبار ذلك الشرط الأساسي لعبور المخاطر المنظورة والأخري التي في الطريق. ولعل النتيجة الأهم هي فشل القوي السياسية والأحزاب والنخبة من قادة الرأي طوال الشهور الماضية في طرح القضايا الحقيقية التي تستدعي استخدام السلاح البشري لمواجهة الحالة الأمنية والأزمة الاقتصادية والنهوض بمصر في جميع المجالات. والمؤسسة العسكرية المصرية بتاريخها العريق وسجلها المشرف في العطاء والتضحية تنأي بنفسها عن الصراعات السياسية والحزبية الضيقة التي طغت علي المشهد المصري. وتبقي الثقة كل الثقة في أن مصر بشعبها العظيم سوف تصل الي شاطئ الأمان وأن جيشنا العظيم سيظل الحصن المنيع والحقيقي للسلاح البشري.