ألمانيا يا قوم هي الدولة الأولي في أوربا في البحث العلمي, وضمن الثلاثة الكبار في العالم في قائمة الدول التي تقدم أبحاثا جديدة منشورة في مجلات علمية مرموقة بعد أمريكا واليابان. وحسب عدد الأبحاث فان ألمانيا تحتل الصدارة في مجالات علمية عدة هي النانو وتكنولوجيا البصريات والتكنولوجيا الحيوية, وفي براءات الاختراع تحتل المركز الثاني في العالم بعد أمريكا وقبل اليابان. منذ أكثر من ستة عقود, خرجت ألمانيا من الحرب العالمية الثانية تحت الصفر, احتلال وفوضي سياسية واقتصاد منهار وبنية أساسية مدمرة وشعب يكاد يموت جوعا, تذكرت ذلك أثناء زيارتي لألمانيا منذ أيام فرأيتها اليوم اقوي دولة اقتصاديا وعلميا بين الدول الأوروبية والأولي علي مستوي العالم في معدلات التصدير, متقدمة علي كل من أمريكا والصين وصارت صور الدمار والخراب ذكري لا تجدها إلا في متاحفها فقط. ونسال أنفسنا: كيف حققت ألمانيا المعجزة في وقت محدود وقصير؟ وهنا التقط جزءا مهما جدا في مسيرة هذه الدولة لعلي أقدمها كوصفة مستقبلية تفيد مصر ما بعد الثورة وتثري ما يحدث فيها من جدل والوصفة التي أقدمها استمدها من أهم المفاتيح التي حققت هذا الإنجاز, وهو إقامة أكبر مؤسسات ألمانيا للبحث العلمي قبل إعلان تأسيس جمهورية ألمانيا الاتحادية بعام كامل!,ففي عام1948 تم تأسيس أهم مؤسستين بحثيتين هما ماكس بلانكس وسفراونهوفر ثم أعقبتهما بفترة مؤسسة بيتش. بينما تم إعلان الدستور الألماني, وإعلان تأسيس جمهورية ألمانيا الاتحادية في23 مايو1949, وهذا يعطينا دلالة مهمة, وهي أن الألمان وضعوا البحث العلمي والتعليم, في مقدمة مشروعات التنمية, التي بدأت فورا بعد نهاية الحرب, في ظل الجوع والحرمان والخراب وعملوا علي توفير مصادر التمويل بشكل عاجل, وأعتقد أن هذا يكمن في أن النخب السياسية في هذا الوقت, لم تر أن البحث العلمي والتعليم أقل أهمية من الدستور, وتأسيس الدولة كما تري حكومة شرف ووزارة التعليم العالي, ومرشحو الرئاسة, وعلي العكس من حكومتنا كانت الحكومة الألمانية تؤمن بأن البحث العلمي ليس الطريق الوحيدة للارتقاء فقط, بل هو وسيلة فعالة للخروج من الأزمات, وحل جميع المشاكل التي يعاني منها الجميع. نعم فقد كانت رؤية الساسة الألمان آنذاك واضحة ولكن لا أدري ما هو وضع حكومتنا الرشيدة الآن وفيم يجب أن تفكر ؟! وإجابتي أستمدها من خلال تصريح للمستشارة الألمانية ميركل التي أعلنت عام2010 تعليقا علي المشاكل الاقتصادية التي تواجه أوروبا عندما قالت نحن في أزمة حقيقية والسبيل الوحيدة للتغلب علي هذه الأزمة تكمن في رفع جودة تأهيل الخريجين ودعم البحث العلمي, وشعورا منا بالمسئولية تقدمنا بمشروع لرفع دعم البحث العلمي بقيمة12 مليار يورو إضافية حتي عام002014 والمثير أن النتيجة جاءت بأسرع مما يتوقعه الكثيرون, في نهاية عام2010, حيث حققت التجارة الخارجية الألمانية أكبر معدل نمو خلال العشر سنوات, فزادت الصادرات30% مقارنة بالعام السابق, ووصلت نسبة المنتجات التي تعتمد علي البحث العلمي إلي45% وهي أعلي نسبة علي المستوي العالمي. تلك الانجازات دفعت ألمانيا خارج نطاق الأزمة الاقتصادية العالمية وأثبتت بشكل ملموس ثمرة احترام العالم. ألمانيا يا قوم هي الدولة الأولي في أوربا في البحث العلمي, وضمن الثلاثة الكبار في العالم في قائمة الدول التي تقدم أبحاثا جديدة منشورة في مجلات علمية مرموقة بعد أمريكا واليابان, وحسب عدد الأبحاث فان ألمانيا تحتل الصدارة في مجالات علمية عدة هي النانو وتكنولوجيا البصريات والتكنولوجيا الحيوية, وفي براءات الاختراع تحتل المركز الثاني في العالم بعد أمريكا وقبل اليابان. .هي إذن قصة نجاح, تأتي من الإيمان بأهمية البحث العلمي والتعليم في وقت الأزمة وأن الإنفاق علي البحث العلمي هو استثمار آمن يعود بنتائجه في أشكال كثيرة منها تنمية الموارد البشرية ورفع الإنتاج والاقتصاد بأفكار وتطبيقات جديدة. أتمني من الحكومة حل مشكلاتنا المزمنة, من خلال دعم هذا الاتجاه, وأتمني أيضا من الساسة الكرام, أن تكون الأولوية للبحث العلمي و التعليم قبل الدستور, وعلينا ألا ننسي ما كان يحدث في العهد المنصرم من خلال مشاريع كاذبة عن التطوير, ودعم البحث العلمي ورعاية الموهوبين, فالزمن قد تغير.ولن يعود إلي الوراء, ولا سبيل أمامنا إلا الانطلاق بخطا واثقة, نتدارك ما فات, ونلحق بالركب وليس ذلك علي مصرنا بكثير. [email protected]