لمحاولة توضيح تراجعه، سجال بين رئيس النواب وعدنان فنجري بسبب "الإجراءات الجنائية"    قبل اجتماع المركزي، تعرف على أسعار الفضة في مصر    21 من أصل 44.. أسطول الصمود العالمي ينشر أسماء سفنه المستهدفة من إسرائيل    نونو مينديز يضم لامين يامال لقائمة ضحاياه برفقة محمد صلاح    إصابة 7 أشخاص بينهم طفل في تصادم تروسيكلين ببني سويف    الأوبرا تمد فترة التسجيل في مسابقات مهرجان الموسيقى العربية ال33 حتى 6 أكتوبر    الصحة: 8708 متبرعين يدعمون مرضى أورام الدم في حملة "تبرعك حياة"    لأول مرة.. الرقابة المالية تصدر ضوابط إنشاء المنصات الرقمية للاستثمار في وثائق صناديق الملكية الخاصة    تعرف علي موعد إضافة المواليد علي بطاقة التموين في المنيا    الإصلاح والنهضة: انتخابات النواب أكثر شراسة ونسعى لزيادة المشاركة إلى 90%    إعلام فلسطيني: غارات إسرائيلية مكثفة على مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة    غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء فى قطاع إلى 66.225 شهيدا منذ بدء العدوان    الكرملين: الاتصالات بين الإدارتين الروسية والأمريكية تتم عبر "قنوات عمل"    مخاوف أمريكية من استغلال ترامب "الغلق" فى خفض القوى العاملة الفيدرالية    بكالوريوس وماجستير ودكتوراه، درجات علمية جديدة بكلية التكنولوجيا الحيوية بمدينة السادات    ديكيداها الصومالي يرحب بمواجهة الزمالك في ذهاب دور ال32 بالكونفدرالية في القاهرة    البلدوزر بخير.. أرقام عمرو زكى بعد شائعة تدهور حالته الصحية    المجلس القومي للمرأة يستكمل حملته الإعلامية "صوتك أمانة"    إخلاء سبيل سيدتين بالشرقية في واقعة تهديد بأعمال دجل    النائب ياسر الهضيبي يتقدم باستقالته من مجلس الشيوخ    نجل غادة عادل يكشف كواليس علاقة والدته بوالده    وزير الخارجية يتوجه إلى باريس لدعم حملة ترشح خالد العنانى فى اليونيسكو    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 2أكتوبر 2025.. موعد أذان العصر وجميع الفروض    وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ وحدات "ديارنا" بمدينة أكتوبر الجديدة    طرق الوقاية من فيروس HFMD    «أطفال بنها» تنجح في استخراج مسمار دباسة اخترق جدار بطن طفل    قطر تستنكر فشل مجلس الأمن فى اعتماد قرار بشأن المعاناة الإنسانية فى غزة    14 مخالفة مرورية لا يجوز التصالح فيها.. عقوبات رادعة لحماية الأرواح وضبط الشارع المصري    شيخ الأزهر يستقبل «محاربة السرطان والإعاقة» الطالبة آية مهني الأولى على الإعدادية مكفوفين بسوهاج ويكرمها    بقيمة 500 مليار دولار.. ثروة إيلون ماسك تضاعفت مرتين ونصف خلال خمس سنوات    النقل: خط "الرورو" له دور بارز فى تصدير الحاصلات الزراعية لإيطاليا وأوروبا والعكس    السيولة المحلية بالقطاع المصرفي ترتفع إلى 13.4 تريليون جنيه بنهاية أغسطس    «غرقان في أحلامه» احذر هذه الصفات قبل الزواج من برج الحوت    بتكريم رواد الفن.. مهرجان القاهرة للعرائس يفتتح دورته الجديدة (صور)    بين شوارع المدن المغربية وهاشتاجات التواصل.. جيل زد يرفع صوته: الصحة والتعليم قبل المونديال    برناردو سيلفا: من المحبط أن نخرج من ملعب موناكو بنقطة واحدة فقط    المصري يختتم استعداداته لمواجهة البنك الأهلي والكوكي يقود من المدرجات    وست هام يثير جدلا عنصريا بعد تغريدة عن سانتو!    لهجومه على مصر بمجلس الأمن، خبير مياه يلقن وزير خارجية إثيوبيا درسًا قاسيًا ويكشف كذبه    الكشف على 103 حالة من كبار السن وصرف العلاج بالمجان ضمن مبادرة "لمسة وفاء"    ياسين منصور وعبدالحفيظ ونجل العامري وجوه جديدة.. الخطيب يكشف عن قائمته في انتخابات الأهلي    " تعليم الإسكندرية" تحقق فى مشاجرة بين أولياء أمور بمدرسة شوكت للغات    جاء من الهند إلى المدينة.. معلومات لا تعرفها عن شيخ القراء بالمسجد النبوى    تفاصيل انطلاق الدورة ال7 من معرض "تراثنا" بمشاركة أكثر من 1000 عارض    تموين القليوبية يضبط 10 أطنان سكر ومواد غذائية غير مطابقة ويحرر 12 محضرًا مخالفات    حمادة عبد البارى يعود لمنصب رئاسة الجهاز الإدارى لفريق يد الزمالك    استقالة 14 عضوا من مجلس الشيوخ لعزمهم الترشح في البرلمان    رئيس الوزراء: الصحة والتعليم و"حياة كريمة" فى صدارة أولويات عمل الحكومة    من هم شباب حركة جيل زد 212 المغربية.. وما الذي يميزهم؟    تحذيرات مهمة من هيئة الدواء: 10 أدوية ومستلزمات مغشوشة (تعرف عليها)    وزير الخارجية يلتقي وزير الخارجية والتعاون الدولي السوداني    هل الممارسة الممنوعة شرعا مع الزوجة تبطل عقد الزواج.. دار الإفتاء تجيب    انهيار سلم منزل وإصابة سيدتين فى أخميم سوهاج    «المستشفيات التعليمية» توقع بروتوكول تعاون مع جامعة المنصورة الجديدة لتدريب طلاب الطب    «الداخلية»: القبض على مدرس بتهمة التعدي بالضرب على أحد الطلبة خلال العام الماضي    دعاء صلاة الفجر ركن روحي هام في حياة المسلم    حماية العقل بين التكريم الإلهي والتقوى الحقيقية    «التضامن الاجتماعي» بالوادي الجديد: توزيع مستلزمات مدرسية على طلاب قرى الأربعين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البحث العلمي والتعليم قبل الدستور
التجربة الألمانية في الخروج من الأزمات

احتلال أجنبي‏..‏ فوضي سياسية‏..‏ اقتصاد تحت الصفر‏..‏ أغلب المدن مهدمة بلا مرافق أو خدمات‏..‏ الشعب يكاد يموت جوعا لولا طائرات الإغاثة تلقي بالمؤن من الجو‏..‏ هكذا خرجت ألمانيا من الحرب العالمية الثانية قبل أكثر من نصف قرن‏..‏
أما الآن فألمانيا هي أقوي دولة اقتصاديا وعلميا في أوروبا وهي أكثر دول العالم تصديرا قبل الولايات المتحدة والصين‏..‏ صور الخراب والدمارلم يعد لها وجود لدرجة الظن أنها لم تكن‏..‏ كيف حدث هذا التغيير وكيف تم في هذا الوقت القصير؟ الاجابة علي هذا السؤال لا يمكن أن يحتويها مقال قصير بل تحتاج الكثير من الأبحاث والدراسات لتحليل كل التفاصيل والجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية الخاصة بهذه المعجزة‏.‏ ولكن ما سنتوقف عنده هو حدث يبدو مدهشا للكثيرين ولكن بالتدقيق فيه قد يكون هو أهم المفاتيح التي لم تؤد فقط إلي أن تقف ألمانيا علي قدمها مرة أخري بل إلي وضعها في مقدمة دول العالم المتقدم‏.‏ هذا الحدث هو تأسيس أكبر مؤسسات البحث العلمي في المانيا قبل اعلان دستور ألمانيا الجديد وقبل إعلان تأسيس جمهورية ألمانيا الاتحادية بعام كامل‏!!..‏
نعم هذا ما حدث فعلا‏..‏ ففي فبراير‏1948,‏ وفي أبريل‏1948,‏ وفي مارس‏1949‏ تم تأسيس المؤسسات البحثية ماكس بلانك‏,‏ وفراونهوفر‏,‏ وليبنتس علي التوالي بينما تم إعلان الدستور الألماني وإعلان تأسيس جمهورية ألمانيا الاتحادية في‏23‏ مايو‏1949..‏ لقد وضع الألمان البحث العلمي في مقدمة مشروعات التنمية والتي بدأت فورا بعد نهاية الحرب في خضم الجوع والدمار وعملوا علي توفير مصادر التمويل بشكل عاجل‏..‏ دلالة هذا الحدث تكمن في أن النخبة السياسية في ألمانيا في هذا الوقت لم تر أن البحث العلمي هو رفاهية خاصة بالدول الغنية بل تؤمن بأن البحث العلمي ليس فقط السبيل الوحيد للنهوض والارتقاء بل هو وسيلة فعالة للخروج من الأزمات وحل جميع المشاكل التي يعاني منها المجتمع ككل‏.‏
هكذا كان الوضع السياسي والاقتصادي وهكذا كانت رؤية الساسة الألمان منذ خمسين عاما فماذا عن الوضع الآن وما هي الرؤية؟ الاجابة هذا السؤال جاءت من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي وقفت في الربع الأول من عام‏2010‏ تتحدث عن المشاكل الاقتصادية التي يواجهها الاتحاد الأوروبي وأنهت خطابها قائلة‏:‏ نحن في أزمة حقيقية‏,‏ والسبيل الوحيد للتغلب علي هذه الأزمة يكمن في رفع جودة تأهيل الخريجين‏,‏ ودعم البحث العلمي‏.‏ ولم تتوقف المستشارة الألمانية عند هذا الحد‏,‏ بل أكملت‏:‏ وشعور منا بالمسئولية فقد تقدمنا بمشروع لرفع الدعم للبحث العلمي بقيمة‏12‏ مليار يورو إضافية حتي عام‏2014.‏
والمفاجأة أن النتيجة جاءت بأسرع مما توقع الكثير‏,‏ فبنهاية عام‏2010‏ حققت التجارة الخارجية الألمانية أكبر معدل نمو خلال عشر سنوات حيث زادت الصادرات‏30%‏ مقارنة بالعام السابق ووصلت نسبة المنتجات الصناعية والزراعية والخدمات التي تعتمد علي البحث العلمي إلي‏45%,‏ وهي أعلي نسبة علي المستوي الدولي‏..‏ تلك الانجازات تدفع ألمانيا بعيدا خارج نطاق الأزمة الاقتصادية العالمية وتثبت بشكل ملموس ثمرة التحالف بين العلم والاقتصاد حسب قول وزيرة التعليم والبحث العلمي الدكتورة أنيتا شفان في مقدمة تقرير البحث والإبداع لعام‏2010.‏
إن ألمانيا الآن هي الدولة الأولي في أوروبا في مجال البحث العلمي وضمن الثلاث الأوائل علي مستوي العالم‏.‏ فطبقا للتقرير الحكومي الألماني للبحث والإبداع لعام‏2010‏ تحتل ألمانيا المركز الأول علي مستوي أوروبا والمركز الثالث في قائمة الدول التي تقدم أبحاثا جديدة منشورة في مجلات علمية مرموقة بعد الولايات المتحدة واليابان‏,‏ وحسب عدد الأبحاث تحتل ألمانيا الصدارة العالمية في ثلاثة حقول وهي‏:‏ تقنية النانو‏,‏ وتكنولوجيا البصريات‏,‏ والتكنولوجيا الحيوية‏.‏ وفيما يتعلق ببراءات الاختراع فتحتل ألمانيا المركز الثاني عالميا بعد الولايات المتحدة وقبل اليابان التي تأتي في المركز الثالث‏.‏
ولنا في قصة النجاح هذه عدة وقفات‏.‏
أولاها‏:‏ الإيمان بأهمية البحث العلمي في وقت الأزمة وأن الانفاق علي البحث العلمي هو استثمار آمن سوف يعود ناتجه علي المجتمع في عدة أشكال مثل تنمية الموارد البشرية وتحفيز تطوير التعليم ومثل دفع الانتاج والاقتصاد بأفكار وتطبيقات جديدة‏..‏
وثانيها‏:‏ هو الاهتمام بجميع أفرع البحث العلمي‏,‏ فلقد قسمت ألمانيا مؤسسات أبحاثها الكبري من أول يوم طبقا لأنواع الأبحاث دون التقليل من شأن أحدها ودون الزعم بالحاجة للأبحاث التطبيقية دون الأساسية‏,‏ فمؤسسة هلمهولتس التي تأسست عام‏1958‏ وتعتبر العملاق بين مراكز الأبحاث الألمانية وتختص بالمشاريع المستقبلية التي تستغرق في العادة فترة طويلة‏,‏ وتمتد من الصحة إلي أبحاث الفضاء‏.‏ أما مؤسسة ماكس بلانك والتي تأسست في عام‏1948‏ فتختص بالأبحاث الأساسية في مجالات الفيزياء والبيولوجيا والكيمياء وقد حصل‏17‏ من علمائها علي جائزة نوبل‏.‏ وتعتبر مؤسسة فراونهوفر التي أسست عام‏1949‏ من أكبر المؤسسات البحثية في المجال التطبيقي علي مستوي أوروبا وتعمل بشكل مباشر مع المؤسسات الصناعية ولذلك تتكون معظم ميزانياتها من خلال توقيع عقود بحثية مع الصناعة ومؤسسات الخدمة‏.‏ ومؤسسة ليبنتس التي تم تأسيسها في عام‏1949‏ تختص بالابحاث التي تتجاوز حدود المحلية وتهم اقتصاد الدولة‏.‏
وثالثها‏:‏ هو أن نجاح هذه المؤسسات البحثية يرجع إلي كونها هيئات مستقلة في التمويل والإدارة وإلي قدرتها علي جذب واستقطاب أفضل العلماء من مختلف أنحاء العالم‏.‏ وقد دعمت الدولة هذه النقطة بوضع قوانين خاصة بالهجرة والتأشيرة لتسهيل استقدام العلماء دون غيرهم والعمل في هذه المؤسسات البحثية‏.‏
وقد وصل عدد العلماء الأجانب في ألمانيا إلي‏25‏ ألفا‏,‏ هذا بالإضافة إلي‏230‏ ألف عالم أجنبي خارج ألمانيا يتلقون الدعم من مؤسسات ألمانية‏.‏
ورابعها‏:‏ هو أن المجتمع الألماني مجتمع علمي فهناك اهتمام كبير بأخبار الاختراعات والتقنيات الحديثة وهناك أيضا العديد من البرامج والقنوات التليفزيونية المتخصصة في عرض الأبحاث الجديدة والاختراعات بالإضافة للكثير من المتاحف التي تهتم بمجالات العلوم المختلفة‏.‏
وخامسها‏:‏ هو التمويل ودور المجتمع المدني والصناعة حيث يتولي تمويل البحث العلمي في ألمانيا ثلاث جهات رئيسية هي الشركات والدولة والمجتمع المدني‏(‏ الأوقاف‏).‏ حيث تتولي الشركات الصناعية والمجتمع المدني ثلثي نفقات الأبحاث والتطوير وتقدم الدولة الثلث الباقي‏..‏ وهو ما قد يكون مدهشا للقارئ العربي الذي اعتاد علي كيانات بحثية ممولة من الدولة ولم ير إلا صناعة محلية لاتعتمد علي الابتكار بل علي الاستيراد والتوكيلات‏..‏ لقد بلغ إجمالي الإنفاق علي البحث العلمي‏65‏ مليار يورو في عام‏2008‏ أنفقت الدولة منها حوالي‏23‏ مليار يورو وأنفقت الشركات الألمانية حوالي‏439‏ مليار يورو‏,‏ فعلي سبيل المثال رصدت شركة بوش موازنة للبحث العلمي خلال العام الحالي بقيمة‏3.9‏ مليار يورو‏,‏ وتساهم مؤسسات المجتمع المدني في دعم العلوم بإجمالي ميزانية تقدر بملياري يورو‏.‏
وسادسها‏:‏ ربط البحث العلمي بالتعليم الجامعي حيث كان اتحاد البحث العلمي مع التعليم العالي أحد مبادئ حركة إصلاح الجامعات في ألمانيا والتي بدأت في منتصف القرن التاسع عشر‏..‏ ولتشجيع البحث العلمي داخل الجامعات طرحت الحكومة الألمانية في‏2006‏ مبادرة التميز والتي بموجبها تقوم هيئة مستقلة عالمية باختيار أفضل الجامعات المتميزة في مجال البحث العلمي بناء علي الواقع وبناء علي خطة مستقبلية للبحث العلمي في الجامعة‏,‏ وتتلقي الجامعة الفائزة دعما إضافيا من صندوق خاص أنشئ خصيصا لهذا الغرض بقيمة‏1,9‏ مليار يورو سنويا‏.‏
وسابعها‏:‏ اللامركزية والتمايز حيث يتولي مهمة البحث العلمي في ألمانيا ثلاث جهات‏:‏ هي الجامعات‏,‏ المعاهد العليا‏,‏ المؤسسات والمراكز البحثية‏,‏ ومراكز البحث العلمي في الشركات‏.‏ تمتلك ألمانيا‏370‏ مؤسسة تعليمية‏,‏ منها‏140‏ جامعة ومعهدا عاليا‏,‏ و‏230‏ معهدا متخصصا‏.‏ وتمتلك كذلك‏250‏ مؤسسة بحثية هذا غير الكثير من مراكز الأبحاث في الشركات الصناعية‏.‏ الفريد في ألمانيا هو أنك لا تجد جامعة أو مركزا بحثيا به جميع التخصصات‏.‏ فكل جامعة مثلا لها ما يميزها عن غيرها‏,‏ فمثلا جامعة ميونخ تتميز بالعلوم التقنية وجامعة بيليفلد تتميز بالأبحاث الجينية‏.‏
إن منظومة البحث العلمي في ألمانيا تستحق بالتأكيد المزيد من الدراسة وهو ما سنحاول تناوله كلما كان ذلك متاحا في مقالات لاحقة وهذا يرجع لعدة أسباب‏:‏ أولها كفاءة هذه المنظومة القادرة علي ربط البحث العلمي بالصناعة وربط الباحثين الألمان بنظرائهم الأجانب وثانيها الاهتمام بالعلوم الأساسية ووضعها ضمن خطة ذات أهداف قصيرة وطويلة الأجل وثالثها المزج بين التعليم الجامعي والبحث العلمي في الجامعات وتحميل مسئولية تخريج الكوادر الصناعية للمعاهد العليا والشركات الصناعية نفسها وعدم الزج بالجامعات في هذا الشأن‏,‏ ورابعها الدور الايجابي للصناعة ومؤسسات المجتمع المدني في تمويل البحث العلمي‏,‏ وآخرها هو نجاح التعليم الجامعي في تحقيق أهدافه رغم كون أغلب الجامعات في ألمانيا جامعات حكومية وهو ما لايوجد مثله في كثير من الدول الأوروبية والولايات المتحدة‏.‏
وفي النهاية يمكننا أن نؤكد أن القول السائد بأن لدينا مشاكل عديدة لها الأولوية وأن البحث العلمي يمكن تأجيله لمرحلة لاحقة‏,‏ هو قول خاطئ بدليل تلك التجرية الألمانية قبل خمسين عاما وحتي أثناء الأزمة الاقتصادية الحالية‏,‏ وبدليل نجاح دول أخري صارت علي نفس الدرب مثل كوريا الجنوبية والبرازيل وفنلندا والهند‏.‏ إن البحث العلمي من خلال الاكتشافات والاختراعات يشكل حياتنا ويفتح المجال لوظائف جديدة ويوفر الطرق المبتكرة للحصول علي حاجاتنا من المياه والغذاء والدواء والطاقة وهو الشيء الوحيد في ظل مواردنا الطبيعية المحدودة الذي يمكن أن يدفع اقتصادنا للمضي قدما‏.‏ ونكرر أن العلم والعلماء والباحثين هم قاطرة التطور والنمو في المجتمع‏,‏ ولا يمكن لهذه القاطرة أن تتحرك بدون الارادة والرؤية المجتمعية والسياسية‏..‏ فهل آن الأوان أن نبدأ؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.