مرة أخري تحاول الأيدي الخبيثة إشعال الحرائق في مصر.. لم تعد خافية تلك القوي المتربصة من الداخل والخارج التي تستشعر الخطر كل الخطر من نهضة مصرية حقيقية باتت قاب قوسين أو أدني تقيم الدولة الحديثة والقوية. يريدون مصر الضعيفة المنهكة اقتصاديا وأن تسود الفوضي ساحتها السياسية تحت ادعاءات كاذبة وخلافات مفتعلة لا يمكن أن يكون حلها بالمشاهد واللقطات التي رأيناها أمس علي شاشات الفضائيات لتشوه صورة الثورة التي أبهرت العالم.. وعلي الرغم من مشاعر الغضب التي تجتاح قلوب المصريين جميعا فإن هذا الشعب قد أثبت علي الدوام أنه أكثر وعيا مما يظنون, وأنه أكثر تماسكا وتلاحما مهما تكن المحاولات الرامية إلي بث الفتنة والانشقاق بين أبنائه.. وعودتهم إلي محاولة إشعال الفتنة الطائفية تعني أنهم قد أوشكوا علي الإفلاس ولم يعد لديهم غير هذا الطريق المسدود, لأن التاريخ القريب والبعيد يؤكد فشل كل المحاولات السابقة وأن المسلم والمسيحي هما نسيج هذا الوطن ولن يفرق بينهما أحد مهما تكن مخططات الإثارة والتحريض.. ما حدث أمس أمام ماسبيرو ليس أبدا في مصلحة حاضر مصر ومستقبلها وإنما يصب في خانة الأعداء والمتربصين وما أكثرهم هذه الأيام.. ولعلنا نتوقف طويلا أمام التوقيت المتعمد لهذه الأحداث حيث تستعد البلاد للانتخابات البرلمانية وهي خطوة حاسمة علي طريق بناء النظام السياسي الجديد وتمهد للدستور الدائم والانتخابات الرئاسية.. كما أننا نتوقف طويلا أمام التزامن بين هذه الصدامات غير المبررة علي الإطلاق مع صدور قرارات بالغة الأهمية منها إلغاء المادة الخامسة من قانون الانتخابات ومنع تحويل المدنيين إلي المحاكم العسكرية, وذلك في استجابة لمطالب الشارع المصري وتحقيقا للإرادة الشعبية.. وكلما اتجهت الأحداث للهدوء واستعادة الحيوية المطلوبة للانطلاق, تأبي القوي المتربصة أن تستسلم وسرعان ما تحاول من جديد إجهاض الحلم المصري الذي طال انتظاره.. ولكن ستخيب مخططاتهم السوداء, وسيثبت هذا الشعب وقواته المسلحة الباسلة أن مصر لم ولن تسقط أبدا في مستنقع الفتنة والفوضي..