قال الشعب كلمته في ضرورة الانتصار للثورة بتحقيق أهدافها كاملة, وعبرت الملايين في ميدان التحرير وبقية المدن عن مشاعرها الغاضبة, مطالبة بالقصاص من قتلة الشهداء, ومن رموز النظام السابق الذين استباحوا ثروات الوطن وأشاعوا فيه الفساد. والمجلس الأعلي للقوات المسلحة الذي أعلن ومنذ البيان الأول لتحمله الأمانة والمسئولية التزامه بتنفيذ الإرادة الشعبية سيكون الحريص علي تلبية مطالب الجماهير التي احتشدت أمس والصورة التي تبقي للثورة نقاءها وعدم لجوئها إلي اجراءات استثنائية في انزال العقاب العادل الذي يقرره القضاء. ولسنا في حاجة للقول إن المرحلة القادمة تتطلب أكثر من أي وقت مضي بأن يكون الشعب والجيش إيد واحدة وهو الشعار الذي حقق لمصر انتصار ثورتها وعدم دخولها إلي النفق المظلم الذي دخله العديد من البلدان حولنا. والتاريخ يشهد للجيش المصري البطل بكل معاني الوطنية الحقة والتضحية بلا حدود لتأمين سلامة الوطن وحدوده وترابه المقدس ممن قد تسول لهم أنفسهم الاقتراب والعبث بأمن البلاد, كما اثبتت الفترة الماضية ان القوات المسلحة تقوم بواجبها علي أكمل وجه رغم كل الصعاب الأمر الذي نال اعجاب جميع دول العالم التي تراقب ما يحدث علي أرض مصر باعتباره بداية جديدة للمنطقة بأسرها. ولاشك ان الدرس الكبير الذي اعطته الملايين أمس لكل المتابعين والمراقبين الذين شاهدوا ذلك التلاحم البشري بلا تفرقة بين مصري وآخر تحت أي اعتبارات أو مسميات, والمزيج النادر بين المصريين جميعا الذين ارتفعوا فوق الخلافات الحزبية ليكون الوطن وحده, والثورة وحدها هي الهدف الذي نسعي من أجله. لقد اثبت الشعب المصري مرة أخري مدي قدرته علي التوحد وعلي التصدي لكل المتربصين بمسيرته, وقد رأينا كيف جاءت الترتيبات والاستعدادات لوجود هذه الحشود الهائلة لتأمين مسيرتها من أي حماقات قد يلجأ اليها البعض لتشويه صورة المطالبين بالقصاص العادل وتطهير البلاد حتي يمكن البدء في البناء الجديد اللائق بمصر. وإذا كنا نعترف بأن هناك من حبس انفاسه وانتابه القلق من مليونية أمس, فإن النتيجة المؤكدة التي نخرج بها أن مصر بخير, وستظل بخير طالما بقي الوعي علي حالته الراهنة في أعلي درجات اليقظة والانتباه لما يدور من مخططات خبيثة تحاول الوقيعة وإثارة الفتنة. وكما تردد دائما فإن مصر آمنة بشعبها العظيم وبجيشها البطل وبالشباب الواعد الشديد الوطنية والذي أثبت انه يستحق المستقبل الأفضل الذي يريده.