حسنا فعل د.عصام شرف رئيس مجلس الوزراء بالذهاب إلي مقر نادي أعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة هذا الأسبوع وتقديم مبادرته بفتح باب الحوار حول الأزمة التي تعيشها الجامعات المصرية حاليا. وخاصة ما يتعلق منها بتطبيق مبدأ الانتخابات أو آليات تطبيقه لاختيار القيادات الجديدة. بل الاكثر من ذلك هو الاعلان عن امكانية عقد لقاء أو حوار مع المجلس العسكري لمناقشة هذه القضايا والعمل للوصول الي حلول لها للحقيقة هذه الخطوة تأخرت كثيرا وهي التي كان ينبغي ان تتم من شهور طويلة قبل ان تتصاعد وتتعقد الأزمة فنحن ما كنا بحاجة إلي صدور قرار من مجلس الوزراء بإقالة كل القيادات الجامعية ثم الرجوع عنه ثم أخيرا محاولة للوصول الي حل وسط, وكل ذلك قبل اجراء الحوار نفسه. فالحوار هو أكثر الطرق لحل الأزمات قبل ان تصل الي نقطة الانفجار وهو الذي تعيشه الجامعات اليوم ويهدد بعام دراسي ساخن للغاية علي عكس المتوقع مع بداية الثورة, ولكن المفارقة اننا يبدو نعشق الطرق الوعرة وغير المعلومة نتائجها. ويتذكر الجميع المعركة التي مازلنا نعيشها حتي الآن وهي معركة الدستور أولا أم الانتخابات أولا, ويبدو أننا نقلنا التجربة حرفيا الي الجامعات بل الاكثر من ذلك ان حتي الاستفتاء قد تم ايضا, والأغرب انه يدور الآن الحديث عن مباديء وشروط جديدة للاختيار! وأستنساخ التجربة انعكس علي الأوضاع الآن بالجامعات. وأصبح مطلب الانتخابات أولا هو شعار الجامعات طبقا لنتائج الاستفتاء الذي قام به المجلس الأعلي للجامعات مؤخرا وكانت نتيجته ان وافق38% من الأساتذة لصالح تطبيق خيار الانتخاب أولا وبكل المناصب الجامعية بدءا من رئيس القسم وانتهاء برئيس الجامعة مرورا بمنصب العميد. كل ذلك أصبح مطروحا للتطبيق وقبل ان نحسم أصلا الحوار حول القضايا الأساسية؟! وهي علي من سيطبق النظام الجديد هل علي كل القيادات طبقا لقرار مجلس الوزراء في3 يوليو الماضي أم علي البعض فقط ونسبته40% من القيادات طبقا لنتائج الاجتماع الذي عقده أيضا رئيس الوزراء مع عدد من القيادات التي رفضت قراره الأول, ام سيتم كذلك علي القيادات المستقيلة من مناصبها والتي رفعت نسبة المناصب الشاغرة الي70% من المناصب الجامعية؟ حالة التردد والضبابية الحالية هي التي ساهمت في تعقيد الأمور خاصة اعطاء الوقت والحجة لقلة من القيادات الجامعية ان تلعب في الفناء الخلفي للمجتمع وتعلن تمسكها بمنصبها لأنه تم بناء علي اجراءات قانونية!! وغاب عن هؤلاء القلة ان نتيجة الاستفتاء وتقديم عدد من رؤساء الجامعات لاستقالتهم طواعية قد وضعهم في موقف لا تقبله كرامة الاستاذ الجامعي وهو التمسك بالمنصب حتي لو أدي ذلك إلي أزمات واضطرابات بالجامعات التي يتولون مسئوليتها وأصبح الدفاع عن منصبهم هو المراد من رب العباد حتي لو جاء ذلك علي جثة الأوضاع الحالية بالجامعات وفات هذه القلة ان نتيجة الأستفتاء التي شاركوا فيه تعني ضمنيا رفضا لأستمرارهم في موقعهم.. والأغرب أن النظام الجديد لا يمنع هؤلاء القلة من ترشيح أنفسهم مرة أخري.. فعلام أذن الضجة المفتعلة وتأزيم الموقف الحالي. ولكن المفارقة في الوضع الحالي لا تتوقف فقط علي اجراء الاستفتاء ولكن تم بطريقة نعم أم لا فقط؟ ولكن لأنه لم يناقش أصلا الآليات والأسس التي سيتم بناء عليها الاختيار وهي التي كان لابد طبقا للأصول الصحيحة للبحث العلمي ان تتم المناقشة حولها من البداية ويتم الاتفاق عليها وهي سيتم الانتخاب لكل المناصب أم لبعضها فقط وهل نظام الانتخاب المباشر السري هو الأفضل وهل هذا هو الوضع الدائم في المستقبل لاختيار القيادات الجامعية أم أن ذلك لفترة مؤقتة فقط تناسب المرحلة الانتقالية الحالية؟ الأزمة التي نعيشها الآن وأحد أسبابها اجراء الاستفتاء أولا عقدت الأمور وجعلت وزارة التعليم العالي تستجيب الآن, لوضع مباديء وشروط جديدة لتطبيق آلية الاختيار.. بدلا من الشروط الأولي. فهل نأمل أن يكون الحوار المنتظر حلا للأزمة الحالية بالجامعات وان يحسم من خلاله هل الانتخابات أولا أم الدستور أولا أم مباديء وشروط جديدة مع الانتخابات؟ وعلينا ان نتذكر جميعا أن العالم كله به جامعات وتعليم ونحن لن نعيد اختراع العجلة إلا إذا كانت آفة حارتنا النسيان!!