تم إغلاق المتحف اليوناني الروماني منذ عام2003 من أجل ترميمه, وكان مقدرا أن تنتهي هذه الإصلاحات بعد عامين, ولكن مازال حتي الآن مغلقا, وهو الأمر الذي دفع علماء الآثار والمفكرين إلي القيام بحملة دولية من أجل التنديد بعمليات الاختلاس التي تعوق افتتاحه من جديد, كما يطالبون بضم مبني محافظة الإسكندرية, الذي سقطت أنقاضه في المتحف, بعد الحريق الذي شب به أثناء اندلاع ثورة25 يناير الي المتحف لعرض القطع الأثرية المكدسة بالمخزن. ويضم المتحف أكثر من(40) ألف قطعة أثرية قيمة تؤرخ للفترة ما بين القرن الثالث قبل الميلاد وحتي القرن الثالث الميلادي وهي الفترة التي تشمل العصرين البطلمي والروماني, كما يحتوي المتحف علي قطع ثمنية تعود إلي القرن الثالث قبل الميلاد خاصة مومياوات, وتوابيت وسجاد, وجميعها قطع تخبرنا بثراء الحضارة اليونانية الرومانية. في البداية يقول الدكتور محمد عبد المقصود الأمين العام للمجلس الأعلي للآثار للأهرام المسائي إنه أول من دعا إلي تدشين حملة دولية لإعادة إنشاء المتحف اليوناني الروماني بالتنسيق مع دول البحر المتوسط ومصر والبعثات الأثرية العاملة, وأن الإسكندرية فقدت متحفها اليوناني الروماني بالفعل تحت مسمي إعادة إنشاء المتحف أو ترميمه أو تطويره, وكل هذه المسميات أدت الي فقدان الإسكندرية ميزتها التي تنفرد بها بين دول البحر المتوسط وهي متحفها اليوناني الروماني. وأضاف أن أهم الخسائر هي أن جيل الأثريين وأمناء المتحف سيفقدون ذاكرة المتحف وستظل كل قطع المتحف, وليس القطع الموجودة بالمخزن, حبيسة الصناديق وسيظل الأثريون بلا عمل لأن وقت انتهاء هذه المشكلة غير معروف, خاصة أن المجلس الأعلي للآثار في ضائقة مادية شديدة. وأشار الأمين العام إلي أن الآثار السلبية لإغلاق المتحف عديدة وكارثية, والمطلوب الآن أن نعمل جميعا حتي تستعيد الإسكندرية متحفها اليوناني الروماني وهو متحف فريد علي مستوي العالم. ويري كذلك ضرورة وجود برنامج زمني للانتهاء من بناء المتحف وأن تكون هذه الحملة تحت رعاية رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف. وأن البديل عن هذه الحملة هو عقد مؤتمر دولي في مكتبة الإسكندرية يحضره علماء الآثار المتخصصون في العصر اليوناني الروماني للترويج للحملة الدولية لإعادة إنشاء المتحف بتوقيت زمني محدد. فيما يقول الدكتور إبراهيم درويش مدير عام آثار ومتاحف الإسكندرية سابقا إن المتحف قد وصل إلي حالة سيئة ومتدهورة, وأن عمره تجاوز ال(107) أعوام, وأنه عندما تم إغلاقه تم اكتشاف وجود قطع أثرية كثيرة غير مسجلة وصدر قرار وزاري يقضي بعدم خروج أي قطعة أثرية منه إلا إذا كانت مسجلة ومحصورة. ويري درويش أن عملية اغلاق المتحف كل هذه الفترة أمر طبيعي, ويضيف أنه حتي أحداث ثورة25 يناير كانت الإصلاحات تتم به وفق أجندة وخطة هندسية مدروسة كي يتم افتتاحه عام2012 أو2013, ولن يتم الانتهاء من الترميم خلال عام بسبب أحداث الثورة, وأنه يري كذلك أن الحملة الدولية التي ينادي بها البعض من أجل إعادة افتتاح وترميم المتحف هي نوع من التسول وعلي هذه الجزئية يرد الدكتور محمد عبد المقصود, مؤكدا أنه ليس بصدد الهجوم علي أحد ولكن يهدف فقط للصالح العام: إذا كان الدكتور درويش يري أن عملية تسجيل هذه الآثار قد استغرقت عاما كاملا, أي حتي عام2004, وثلاث سنوات تستغرقها أعمال الترميم, أي2007, فما معني أن يظل حتي الآن مغلقا؟ ويضيف أنه أيضا إذا كان الدكتور درويش يري أن الحملة الدولية تعني التسول, فهل كانت الحملة الدولية لإنقاذ آثار النوبة تسولا؟. ومن جانبه, يقول الدكتور محمد عبد الفتاح الأمين العام السابق للمجلس الأعلي للآثار أن بداية العمل بالمتحف كانت عام2005, ثم استغرقت المناقصة العامة عاما ونصف العام, ثم عاما ونصف عام آخر لنقل القطع الآثرية إلي اماكن أخري وبدأ المشروع بالفعل عام2009, وان الظروف المادية هي التي تعوق المجلس عن الإنتهاء من أعمال التجديدات, كما أرجع كل من الدكتور درويش والدكتور عبد الفتاح أسباب التأخر إلي ثورة25 يناير وإلي الأزمة المالية التي يشهدها المجلس. ويبدو أن مشاكل المجلس الأعلي للآثار, من إعادة تنظيم صفوفه وعجز ميزانيته هما سبب هذا التأخر طوال هذه المدة. وبعد الثورة, أبلغ أحد عمال المتحف, ويدعي محمد ابراهيم, النائب العام بأن أعمال الترميمات انتهت بالفعل في2004, ولكن المجلس قرر برئاسة الدكتور زاهي حواس أن يعيد التجديدات بالمتحف وأسند المشروع إلي شركة أخري دون إجراء مناقصة. الجديد بالذكر أن الخديوي عباس حلمي الثاني افتتح هذا المتحف رسميا في(17) اكتوبر1892, وهذا يعني أن المبني نفسه أصبح أثرا ويقع في شارع المتحف وعلي بعد خطوات من مبني محافظة الأسكندرية, وخسرت محافظة الإسكندرية وخزانة الدولة أيضا مايقرب من نصف مليار جنيه جراء إغلاق هذا المتحف الذي كان يدر علي خزينة الدولة سنويا(40) مليون جنيه, ويضم أقيم القطع الأثرية اليونانية الرومانية في العالم, وتحول المتحف بأكمله إلي مخزن.