لم يخطر علي بال رفعت عامل الزجاج البسيط أن هذه آخر مرة يشاهد فيها طفله علي ابن السنوات الخمس عندما طلب منه مبلغا لشراء بعض الحلوي من البقال المجاور لمنزلهما. ولم يدر بخلده ان رصاصة غادرة ستقضي علي حياة فلذة كبده وتغتال فرحة العيد في عينيه البريئتين, حيث سبق وأن منع نجله من اللهو مع الأطفال في الشارع أمام منزلهما إرضاء لتاجر المواشي جارهما بعد قيام الطفل بإلقاء طوبة صغيرة علي ابنة تاجر المواشي أثناء لهوهما معا قبل الجريمة بيوم. نظر رفعت لابنه بنظرات كلها حنو وعطف وأخذه بين ذراعيه وضمه إلي صدره وكأنه يشعر بما سيحدث له بعد دقائق وأعطاه5 جنيهات لشراء حلوي هو وشقيقه واشترط عليهما عدم اللعب في الشارع والعودة إلي المنزل بسرعة, فأخذ الطفل النقود وهرول إلي الشارع مسرعا وبعد دقائق سمع الأب صرخة طفله تهز أرجاء المنزل بأكمله فهرع إلي شرفة شقته فشاهد عددا من الأطفال أقارب تاجر المواشي ينهالون بالضرب المبرح علي ابنه ورأي التاجر وشقيقه يشجعان أطفالهما علي ضرب نجله فلم يصدق ما يحدث فقام بالنداء عليهما, وطلب منهما أن يمنعاهم من ضرب ابنه فنهراه وانهالا عليه بالسب والشتائم وأبلغاه بأنهما يؤدبون نجله حتي لا يجرؤو علي ضرب أحد أطفالهما مرة أخري فهرول إلي الشارع مسرعا وقلبه يرتجف وأطرافه ترتعش خوفا علي طفله وعند محاولته منع الأطفال من ضرب ابنه قام المتهم وشقيقه بالاعتداء عليه بالضرب.. ولم تمر لحظات حتي أخرج هاني مبروك تاجر المواشي طبنجة بدون ترخيص من بين طيات ملابسه, وقال لوالد الطفل هاريحك منه للأبد وأطلق رصاصة واحدة استقرت في بطن علي الذي جحظت عيناه الصغيرتان وسالت دموعه وامتزجت بدمائه البريئة فصرخ والده من هول الصدمة ومنظر الدماء التي تنزف من جسد طفله النحيل وعندما اقترب منه ليحمله إلي المستشفي في محاولة لانقاذه قام المتهم بإطلاق الرصاص عليه هو هذه المرة ليسقط مصابا بجوار طفله الصغير, وما هي إلا لحظات ولفظ الطفل أنفاسه الأخيرة بين أيدي عمته ووالدته اللتين هرولتا به إلي المستشفي لمحاولة إنقاذ حياته. كانت عقارب الساعة تشير إلي الثانية عشرة ظهر ثالث أيام عيد الفطر حين دخلت سيدة في العقد الثالث من عمرها إلي قسم الاستقبال والطوارئ بمستشفي أم المصريين تصرخ وتستغيث أنقذوا ابني التف الأطباء بسرعة البرق حول الطفل وظهرت علي وجوههم علامات الذهول وأخبروا والدته بأنه فارق الحياة فسقطت علي الأرض مغشيا عليها من شدة الصدمة وما هي إلا لحظات ليفاجأ أطباء الاستقبال بذات المستشفي بوصول والد الطفل القتيل داخل سيارة إسعاف والدماء تنزف منه في مشهد تدمي له القلوب والتف الأطباء ولكن هذه المرة حول والد الطفل القتيل فوجدوه فاقدا الوعي لا تربطه بالحياة سوي أنفاس تجئ وتروح فأسرعوا به إلي غرفة العمليات ليتم استخراج رصاصتين من ساقيه, وفي الوقت نفسه توجه عدد آخر من الأطباء إلي والدة الطفل القتيل وقاموا بإسعافها وعندما أفاقت نظرت إلي خارج المستشفي حيث ينتظرها الأقارب والجيران... السواد يعم الجميع ومجموعة من الرجال يحملون نعشا صغيرا وما أن فتحت الأم عينيها حتي رأت النعش وهي لا تزال غير مصدقة انه يحمل طفلها الحبيب علي. ولم تصدق الأم ان كل شيء انتهي في لحظات فقدت فلذة كبدها بينما لم يبارح زوجها غرفة العمليات, حيث يرقد بين الحياة والموت فسقطت مغشيا عليها للمرة الثانية. المشهد الذي ترويه عمة الطفل عن مقتل ابن شقيقها وإصابة والده يدمي القلوب عندما أكدت أن الأطباء في المستشفي قالوا إن الرصاصة التي اخترقت بطن الطفل قطعت أمعاءه وأصابته بنزيف حاد ليلفظ أنفاسه قبل وصوله إلي المستشفي. وكان اللواء عابدين يوسف مدير أمن الجيزة قد تلقي إخطارا من العقيد حسن دكروري نائب مأمور قسم الجيزة بوجود مشاجرة بشارع بورسعيد المتفرع من شارع جمال عبدالناصر بمنطقة المدبح بالمنيب وإطلاق أعيرة نارية فأنتقل علي الفور اللواء فايز أباظة مدير المباحث الجنائية والعميد جمعة توفيق رئيس مباحث قطاع الغرب وتبين من تحريات اللواء محمود فاروق مفتش الأمن العام قيام المتهم هاني مبروك شوقي30 سنة تاجر بإطلاق النار علي الطفل علي رفعت عبدالكريم5 سنوات, وعلي والده من طبنجة كانت بحوزته ولاذ بالفرار, وذلك بسبب قيام الطفل القتيل بالقاء طوبة علي ابنة المتهم قبل الجريمة بيوم, تم تشكيل فريق بحث بقيادة اللواء محمد كمال الدالي مدير الإدارة العامة للمباحث ضم المقدم عمرو البطل رئيس مباحث قسم الجيزة ومعاونه الرائد هشام عبدالجواد لتحديد مكان اختباء المتهم وشقيقه وضبطهما.