الأمر بصلة الرحم شرعا خاصة فى المناسبات ألكبرى مثل الأعياد ونحن نعيشها هذه الأيام متمثلا فى عيد الفطر المبارك، ليس أمر خاصا بالرجال فحسب بل هو امر عام بالنسبة للنساء والرجال على حد سواء، فالخطابُ التكليفى بصلة الرحم مُوجَّه للإنسان المسلم حيث كان، والمرأةُ المؤمنة هى التى رشَّحَتْ نفسها لتكونَ وصولة لرحمها ورحم زوجها وهى تحثِّ زوجها، وتساعده على ذلك وكذلك تقوم بتعليم أبنائها و تحفيزيهم على هذا الواجب. نريد واصلةَ الرحمِ المخلصةَ الصادقةَ التى تضع نُصْبَ عينَيْها رضا ربها وطاعته، وهى التى لا تجعَلُ الصلةَ مجرَّد نزهةٍ أو تَمضية وقت، بل صلة لها هدفانِ؛ هدف قريب، وهدف بعيد أما الهدفُ القريب فهو زيادة الألفة والمحبة، ومعرفةُ الأخبار ليس لذاتها، وإنما مِن أجل العمل على تنمية الأخبار الحسنة ودعمها، وتخطِّى المصاعب وتذليلها أما الهدف البعيد فهو هدف الدعوة والإصلاح، دون تجاوز للحدود، ولا تنفير من الدين. والصلةُ أمرٌ هيِّن ليِّن، تارة تكون بالزيارةِ الوَدود التى تُوطِّد أواصر القربي، وتفجر ينابيع المحبة والمودة، وتارةً تكون بالكلمة الطيبة، والبسمة الحانية، واللقاء الحسن، والمزاج المعتدِل، والسؤال الصادق عن الأخبار والأحوال، وتارةً بالنصيحة الصادقة الصادرة من قلب حريص على الآخر يحبُّ له ما يحب لنفسه، وتارةً بإظهار العطف والشفقة والمواساة، وتارةً بالمال الذى يدفع الفاقة ويُنفِّس الكربة، إلى غير ذلك مِن أعمالِ البر والخير والتواصل، التى تزكى العاطفة الإنسانية، وتُنمِّى مشاعر الألفة والمحبة والتكافل والتراحم، ولهذا جاء التوجيهُ النبوى الكريم حاضًّا على استمرار الصلة، ولو كانت فى أبسط أشكالها وأقلها كلفةً.. نريد المرأة المسلمةَ الواعية بهَدْى ربِّها وسُنة نبيها صلى الله عليه وسلم، فتُدرِك أنَّ صلة الرحم منها أو مِن زوجها أو من أبنائها - بركةٌ عليها فى رزقها وعمرها، ورحمةٌ مِن الله تَغْشاها فى دنياها وآخرتِها، بركة تغمُرُها وتغمُرُ بيتَها كله، وتجلِبُ محبة الناس ودعاءهم لها نريد المسلمة الواصلة التى تُدرِك أن قطيعة الرحم - سواء عليها وعلى مَن معها - مَقْتٌ مِن الله، وبُعْد عن الجنة، يقول صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنةَ قاطعُ رحم) وتُدرِك أن الرحمة لا تنزل على قومٍ فيهم قاطعُ رحم. المرأة التى نريد واصلةٌ لا تقطع رحِمَها على كل حال وإن قطعوها، مُبتغية مرضاةَ ربِّها، مترفِّعة عن الجهالاتِ والحماقات التى قد تبدُرُ بين الحين والحين مِن بعضِ ذوى القُربي، مُعرِضة عن الصغائر التى تشغَلُ الصغار مِن الناس وتُوغِر الصدور. المرأة التى نريد مؤمنة تحثُّ زوجها على الصلة إن قصَّر، وتُذكِّره إن نسي، وتُسانده إن شرع فى أمرٍ، وتُؤازِره إن تحرَّك لصلة أهله أو أهلها، وأرحامه وأقاربه.