اهتم الإسلام بالرحم، وأمر ببرها، ووصلها، وجعلها كالأركان الإسلامية الخمسة، كما أن الله أثاب عليها ثواباً عظيماً،لأن السعادة لا تتحقق لإنسان بمفرده، وإنما تكون السعادة حينما يكون الفرد بين الجماعة، وحتى يوم القيامة سيدخل المؤمنون الجنة جماعات وليسوا فرادى، لقول الله تعالى: (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا. (وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ)، ويؤكد علماء الدين أن صلة الأرحام ثوابها عظيم، وحذروا من قطيعتها، فهى من الذنوب العظيمة، ويجب على الإنسان أن يمد يد العون والمساعدة لكل من يحتاجه ليس للأقارب فقط، وصلة الأرحام هى من طاعة الله عز وجل، وسبب فى دخول الجنة، ومباركة فى العمر. ويقول الدكتور سعيد عامر أمين عام اللجنة العليا للدعوة الإسلامية بالأزهر الشريف، لقد أمرنا الله بصلة الأرحام، والبر والإحسان إليهم، ونهانا الله عن قطيعتهم والإساءة إليهم، بل إن الله تعالى حذر تحذيراً شديداً من مقاطعتهم، ووعدَّ صلى الله عليه وسلم بأن من قطع الأرحام لا يدخل الجنة مع أول الداخلين، وأحاديث النبى صلى الله عليه وسلم كثيرة عن صلة الرحم، وكان الترغيب فى صلة الأرحام دينياً ودنيوياً، ولا شك أن المجتمع الذى يحرص أفراده على التواصل والتراحم يكون حصناً منيعاً، وقلعة صامدة، وينشأ عن ذلك أسر متماسكة، وبناء اجتماعى قوي يعود على الأسرة بالنفع، بل على المجتمع بأسره، والمراد بالرحم هو الأقرباء للرجل أو المرأة من ناحية الأب أو الأم، وصلة الأرحام هى أن يُحسن المرء لهم بالقول والفعل، ويداوم على زيارتهم وتفقد أحوالهم والسؤال عنهم، بل ومساعدة المحتاج منهم، وقال الله تعالي: (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا فى الأرض وتقطِّعوا أرحامكم) وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) رواه البخاري. وأضاف: صلة الأرحام تحقق التعاون والمحبة بين المسلمين، وهى من علامات الإيمان، وتكون سببا للبركة فى الرزق والعمر، وكل الناس يحبون أن يوسع لهم الله فى رزقهم، ويؤخر لهم فى آجالهم لأن حب التملك وحب البقاء غريزتان من الغرائز الثابتة فى نفس الإنسان، فمن أراد ذلك فعليه بصلة أرحامه، وقال صلى الله عليه وسلم: (من أحب أن يبسط له فى رزقه ، وينسأ له فى أثره ، فليصل رحمه). رواه البخاري، وأيضاً عن على رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (من سره أن يمد الله له فى عمره، ويوسع له فى رزقه، ويدفع عنه ميتة السوء، فليتق الله وليصل رحمه)، وأيضا من فضل صلة الأرحام دخول الجنة، وعن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يأيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام) رواه أحمد والترمذى وابن ماجه. من أسباب دخول الجنة وفى سياق متصل أكد الدكتور عيد محمد يوسف أمين لجنة الفتوى بالأزهر، أن صلة الرحم من صلة الله تعالى وإكرامه، وعن عائشة رضى الله عنها عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الرحم متعلقة بالعرش تقول: من وصلنى وصله الله، ومن قطعنى قطعه الله) رواه مسلم. واستجاب الله للرحم، فمن وصل رحمه وصله الله بالخير والإحسان، ومن قطع رحمه تعرض إلى قطع الله له، وهذا وعد من رب العباد، وهذا يؤكد أن صلة الرحم سببً من أسباب دخول الجنة، والصلة الحقيقية أن يصل الإنسان من قطعه، فإذا زار الإنسان قريبة ورد له هذه الزيارة فهذا ليس بالواصل، لأنه يرد الزيارة، وعن عبدالله بن عمرو رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذى إذا قطعت رحمه وصلها) رواه البخاري. وأكد الدكتور إبراهيم نجم مستشار مفتى الجمهورية أن شهر رمضان يقوى صلة الرحم ويزيد فى الرزق وقد نهى النبى صلى الله عليه وسلم من قطيعة الرحم وشدد على الصلة؛ لأن صلة الرحم من الإيمان بالله واليوم الآخر, فعن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه», وصلة الرحم زيادة فى الرزق والعمر, وسبب فى عون الله وتأييده, جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: إن لى قرابة أصلهم ويقطعوننى وأحسن إليهم ويسيئون إليَّ وأحلم عنهم ويجهلون علي, فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، أى تطعمهم الرماد الحار ولا يزال معك من الله ظهير عليهم, ما دمت على ذلك. وأكد نجم أن الأرحام تكون سببًا فى مضاعفة الحسنات, لقوله صلى الله عليه وسلم: «الصدقة على المسكين صدقة, وهى على ذى الرحم ثنتان, صدقة وصلة», كما أن صلة الرحم طاعة لله عز وجل, فهى وصل لما أمر الله به أن يوصل, قال تعالى مثنيًا على الواصلين (والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب), لأن صلة الأرحام تكون فى شهر الصيام وفى غيره من الشهور, تؤدى إلى شيوع المحبة بين الأقارب, فبسببها تشيع المحبة, وبهذا يصفو عيشهم وتكثر مسراتهم,كما أن الإنسان إذا وصل رحمه وحرص على إعزازهم أكرمه أرحامه وأعزوه وأجلوه وسودوه وكانوا عوناً له.