حثَّ ديننا الحنيف على صلة الأرحام ودعا إليها ورغَّب فيها وحذر من قطيعة الرحم، ولاشك أن صلة الأرحام فى شهر رمضان تعد من الأشياء التى يجب على المسلمين القيام بها، وقد عدَّ الرسول صلى الله عليه وسلم قطيعة الأرحام مانعًا من دخول الجنة مع أول الداخلين. وعلى الرغم من وصية الله ورسوله بالأقارب وجعل الإسلام صلة الرحم من الحقوق العشرة التى أمر الله بها أن توصل فى قوله تعالى: {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِى الْقُرْبَى} (البقرة: 36)، إلا أن كثيرًا من الناس أضاعوا هذا الحق مثل إضاعتهم لغيره من الحقوق أو أشد؛ مما جعل الحقد والبغضاء والشحناء تحل محل الألفة والمحبة والرحمة بين أقرب الأقربين وبين الإخوة فى الدين على حد سواء. والرحم: هى كل من تربطك به صلة نسب من جهة الأم أو الأب، ويدخل فى ذلك من تربطك به صلة سببية من النكاح أيضًا، وهم الأصهار. فضل صلة الرحم: 1- صلة الرحم من الإيمان بالله واليوم الآخر: فعن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه» رواه البخارى. 2- صلة الرحم زيادة فى الرزق والعمر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سره أن يُبسط له فى رزقه وأن يُنسأ له فى أثره فليصل رحمه» رواه البخارى ومسلم. 3- صلة الرحم سبب فى عون الله وتأييده: جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: «إن لى قرابة أصلهم ويقطعونى وأُحسن إليهم ويسيئون إلىّ وأحلم عنهم ويجهلون علىّ، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تُسِفُهم الملّ أى تطعمهم الرماد الحار ولا يزال معك من الله ظهير عليهم، ما دمت على ذلك» رواه مسلم. 4- من وصل رحمه وصله الله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلنى وصله الله ومن قطعنى قطعه الله» رواه البخارى ومسلم. 5- صلة الرحم تجلب صلة الله للتواصل: فعن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ من خلقه قالت الرحم هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت بلى يا رب، قال فهو لك» رواه البخارى ومسلم. 6- صلة الرحم سبب فى مضاعفة الثواب: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصدقة على المسكين صدقة، وهى على ذى الرحم ثنتان: صدقة وصلة» رواه النسائى والترمذى وابن ماجة. 7- صلة الرحم طاعة لله عز وجل، فهى وصل لما أمر الله به أن يوصل، قال تعالى مثنيًا على الواصلين {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ} (الرعد: 21). وتتحقق صلة الأرحام بأمور كثيرة منها زيارتهم والسؤال عنهم، وتفقد أحوالهم، والإهداء إليهم، والتصدق على فقيرهم، وتوقير كبيرهم، ورحمة صغيرهم وضعفتهم، ومن صلة الرحم عيادة مرضاهم، وإجابة دعوتهم، واستضافتهم، وإعزازهم وإعلاء شأنهم، وتكون – أيضًا – بمشاركتهم فى أفراحهم، ومواساتهم فى أحزانهم، والدعاء لهم، وسلامة الصدر نحوهم، وإصلاح ذات البين إذا فسدت، والحرص على توثيق العلاقة وتثبيت دعائمها معهم، وأعظم ما تكون به الصلة، أن يحرص المرء على دعوتهم إلى الهدى، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وبذل الجهد فى هدايتهم وإصلاحهم.