حث الإسلام الحنيف علي صلةلأرحامودعا إليها ورغب فيها وحذر من قطيعة الرحم, ولا شك أن صلة الأرحام في شهر رمضانتعتبر من الأشياء التي يتوجب علي المسلمين القيام بها, وقد عد صلي الله عليه وسلم قطيعة الأرحام مانعا من دخول الجنة مع أول الداخلين. يقول الدكتور علوي أمين خليل أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون جامعة الازهر, انه علي الرغم من وصية الله ورسوله بالأقارب وجعل الإسلام صلة الرحم من الحقوق العشرة التي أمر الله بها أن توصل في قوله تعالي: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربي..., فإن كثيرا من الناس أضاعوا هذا الحق مثل إضاعتهم غيره من الحقوق أو أشد مما جعل الحقد والبغضاء والشحناء تحل محل الألفة والمحبة والرحمة بين أقرب الأقربين وبين الأخوة في الدين علي حد سواء,مشيرا الي ان الصلة هي الوصل وهو ضد القطع,والرحم: هي كل من تربطك به صلة نسب من جهة الأم أو الأب, ويدخل في ذلك من تربطك به صلة سببية من النكاح أيضا وهم الأصهار. فضل صلة الرحم واكد ان صلة الرحم من الإيمان بالله واليوم الآخر,فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه, صلة الرحم زيادة في الرزق والعمر,قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: من سره أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه, كما ان صلة الرحم سبب في عون الله وتأييده,جاء رجل الي النبي صلي الله عليه وسلم فقال:إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني وأحسن اليهم ويسيئون إلي وأحلم عنهم ويجهلون علي, فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل أي تطعمهم الرماد الحار ولا يزال معك من الله ظهير عليهم, ما دمت علي ذلك. واوضح ان من وصل رحمه وصله الله,قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله,كما ان صلة الرحم تجلب صلة الله للواصل,فعن النبي صلي الله عليه وسلم قال: إن الله خلق الخلق حتي إذا فرغ من خلقه قالت الرحم هذا مقام العائذ بك من القطيعة قال نعم أما ترضين أن أصل من وصلك واقطع من قطعك قالت بلي يا رب قال فهو لك. سبب في مضاعفة الثواب من جانبه يوضح الدكتور طه ابو كريشة عضو هيئة كبار العلماء,ان صلة الارحام تكون سببا في مضاعفة الحسنات,قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:الصدقة علي المسكين صدقة, وهي علي ذي الرحم ثنتان, صدقة وصلة, كما ان صلة الرحم طاعة لله عز وجل,فهي وصل لما أمر الله به أن يوصل, قال تعالي مثنيا علي الواصلين والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب, مشيرا الي ان صلة الارحام في شهر رمضان وفي غيره من الشهور,تؤدي الي شيوع المحبة بين الأقارب,فبسببها تشيع المحبة, وبهذا يصفو عيشهم وتكثر مسراتهم,كما ان الإنسان إذا وصل أرحامه وحرص علي إعزازهم أكرمه أرحامه وأعزوه وأجلوه وسودوه وكانوا عونا له. بأي شيء تتحقق الصلة؟ وحول كيفية ان يصل الانسان رحمه,يوضح الكتور طه ابو كريشة,ان صلة الارحام تتحقق بأمور كثيرة, منها زيارتهم والسؤال عنهم, وتفقد أحوالهم, والإهداء إليهم, والتصدق علي فقيرهم, وتوقير كبيرهم, ورحمة صغيرهم وضعفتهم, ومن صلة الرحم عيادة مرضاهم, وإجابة دعوتهم, واستضافتهم, وإعزازهم وإعلاء شأنهم, وتكون أيضا بمشاركتهم في أفراحهم, ومواساتهم في احزانهم, والدعاء لهم, وسلامة الصدر نحوهم, وإصلاح ذات البين إذا فسدت, والحرص علي توثيق العلاقة وتثبيت دعائمها معهم, وأعظم ما تكون به الصلة, أن يحرص المرء علي دعوتهم إلي الهدي, وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر, وبذل الجهد في هدايتهم وإصلاحهم,كما يكون الوصل بالمعاملة نحو السلام, وطلاقة الوجه, والبشاشة, والزيارة, وبالمال, ونحوها,موضحا ان الرحم:اسم شامل لجميع الأقارب من غير تفريق بين المحارم وغيرهم, وقد ذهب بعض أهل العلم إلي قصر الرحم علي المحارم, بل ومنهم من قصرها علي الوارثين منهم, وهذا هو مذهب أبي حنيفة ورواية عن أحمد رحمهما الله, والراجح الأول. حكم قطع الرحم ويقول الدكتور الأحمدي ابو النور عضو هيئة كبار العلماء,إن صلة الرحم واجبة وقطيعتها محرمة,ومن الكبائر,قال الامام القرطبي رحمه الله: اتفقت الملة علي أن صلة الرحم واجبة وأن قطيعتها محرمة,وقال ابن عابدين الحنفي: صلة الرحم واجبة ولو كانت بسلام, وتحية, وهدية, ومعاونة, ومجالسة, ومكالمة, وتلطف, وإحسان, وإن كان غائبا يصلهم بالمكتوب إليهم, فإن قدر علي السير كان أفضل,مشيرا الي ان الله ورسوله صلي الله عليه وسلم,قد وعدا واصل الرحم بالفضل العظيم, والأجر الكبير, والثواب الجزيل, من ذلك,في الدنيا: فهو موصول بالله تعالي في الدنيا والآخرة,و يبسط له في رزقه,و تعمر داره,وصلة الرحم تدفع عن صاحبها ميتة السوء,بالاضافة الي محبة الله والناس له. واشار الي أن من ثواب صلة الارحام في الآخرة تكون سببا من أسباب دخول الجنة مع أول الداخلين, عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله, أخبرني بعمل يدخلني الجنة; فقال النبي صلي الله عليه وسلم: تعبد الله لا تشرك به شيئا, وتقيم الصلاة, وتؤتي الزكاة, وتصل الرحم. اماعقوبة ووزر قاطع الرحم في الدنيا والآخرة,أولا: في الدنيا: لا يرفع له عمل ولا يقبله الله,و لا تنزل الرحمة علي قوم فيهم قاطع رحم,و تعجيل العقوبة للعاق في الدنيا قبل الآخرة,كما ان أبواب السماء مغلقة دون قاطع الرحم,اما في الآخرة: فلا يدخل الجنة مع أول الداخلين,ولا تفتح له أبواب الجنة أولا,و يدخر له من العذاب يوم القيامة مع تعجيل العقوبة في الدنيا إن لم يتب أويتغمده الله برحمته,كما يسف المل, وهو الرماد الحار. وأوضح أن العبرة بسلامة الصدر, وتقارب القلوب, ونقاء الطوية والسريرة, ولله در ابن عباس حين قال: قد تقطع الرحم, وقد تكفر النعمة, ولا شيء كتقارب القلوب; وفي رواية عنه: تكفر النعمة, والرحم تقطع, والله يؤلف بين القلوب لم يزحزحها شيء أبدا; ثم تلا: لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم.... التطبيق العملي وحول التطبيق العملي لصلة الرحم, يؤكد الدكتور الاحمدي ابو النور,انه يجب اتباع بعض النصائح,ومنها:صلة الرحم التي قطعت, والأحسان إلي من أساء,وزيارة الاقارب في رمضان,بقدر المستطاع ومن لم تزره فاطمئن عليه بالهاتف,بالاضافة الي دعوة الاقارب إلي الإفطار في بيتك تنل أجرين, أجر صلة الرحم وأجر إفطار الصائم,مشيرا الي ضرورة زيارة المريض والسؤال عنه,فعن ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتي يرجع قيل:يا رسول الله وما خرفة الجنة؟ قال: جناها,وعن علي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: ما من مسلم يعود مسلما غدوة إلا صلي عليه سبعون ألف ملك حتي يمسي, وإن عاده عشية إلا صلي عليه سبعون ألف ملك حتي يصبح وكان له خريف في الجنة...,وليعلم الجميع ان من أدب الإسلام أن يعود المسلم المريض ويتفقد حاله تطييبا لنفسه ووفاء بحقه,وهي سنة الحبيب صلي الله عليه وسلم.