«وهزى إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبًا جنيًا» (مريم 25) مع التقدم الاقتصادى الكبير الذى يشهده العالم حاليا فقد وضعت الأسس العلمية التى ينهض بها كل نشاط. فالنشاط الزراعي: يتطلب أيدى عاملة مدربة على أحدث سبل الميكنة الزراعية ورأس المال والمساحات الشاسعة المزروعة والقابلة للزراعة واستخدام الآلات الحديثة والانتقاء الجيد للبذور والشتلات واستخدام الهندسة الوراثية لزيادة الإنتاج وتسويق المنتجات الزراعية. والنشاط الصناعى يتطلب أيدى عاملة مدربة على أحدث الوسائل التكنولوجية للتصنيع ورأس المال ودراسة الجدوى لمعرفة احتياجات السوق والدعاية الكافية لتسويق المنتجات الصناعية وتوافر الخامات اللازمة وطرق المواصلات الجيدة. والنشاط البحري: يتطلب أيدى عاملة مدربة وجريئة لخوض أعماق البحار ورأس المال ودراسة جدوى لمعرفة أماكن تكاثر وتجمع وهجرة الأسماك وأوقات ذلك وأماكن وأزمان النوات واضطرابات البحار كما يتطلب هذا النشاط السواحل الطويلة واستخدام أحدث الوسائل التكنولوجية للصيد وتجميد وتصنيع وتعليب وتوزيع المنتجات البحرية. ونشاط الإنتاج الحيوانى يتطلب أيدى عاملة مدربة وقابلة لتحمل مشاق الرعى فى الأماكن مختلفة التضاريس مثل الصحارى ومناطق السافانا الغنية بالحشائش ويتطلب كذلك رأس المال واستخدام أحدث الأساليب العلمية لتربية الحيوان والطيور وإقامة المزارع وتصنيع الأعلاف الغنية ومقاومة أمراض الحيوان والطيور وإنشاء المذابح النموذجية الآلية وتصنيع وتجميد وتعبئة وتوزيع المنتجات الحيوانية. والنشاط المعدنى واستخراج البترول يتطلب أيدى عاملة ذات كفاءة عالية ورأس مال كبير ومعرفة أماكن توافر الخامات وآبار البترول ومعرفة السوق المناسبة لتوزيع هذه الثروات. والنشاط التجارى يتطلب الأيدى العاملة الذكية والمغامرة التى تتقبل الربح والخسارة ودراسة الجدوى لمعرفة احتياجات السوق ورأس المال وطرق المواصلات الجيدة. والنشاط الخدمى بكافة أنواعه يتطلب أيدى عاملة ذات كفاءة ماهرة فى خدمة الجمهور وتوافر رأس المال اللازم لتقديم الخدمات المختلفة مثل خدمات المستشفيات والخدمات التعليمية وخدمات الطيران والاتصالات وخدمات رجال الأعمال والبورصات وخدمات المعلومات. فى كل هذه الأنشطة تبرز قيمة الأيدى العاملة. ولكن ماذا تطلب من العامل إذا كان مريضا ومنهك القوى؟ وماذا تطلب منه إذا كان العمل المطلوب منه لا يقوى عليه عصبة من الرجال الأقوياء؟ وماذا تطلب من عمل من أنثى وهى فى حالة وضع الجنين وفى أسوأ حالاتها النفسية حيث تتمنى الموت حين يتهمها اليهود فى شرفها. لقد أمر الله سبحانه وتعالى السيدة مريم الشريفة الطاهرة وهى فى حالة وضع عيسى عليه السلام أن تهز جذع النخلة التى لا يستطيع مجموعة من الرجال الأقوياء أن يهزوه فيسقطوا ثمرة واحدة وكان قادرا على أن يسقط لها الرطب بدون أن تهز جذع النخلة كما كان يرزقها من قبل وهى تعبده فى المحراب وكما جعل تحتها نهرا صغيرا تشرب منه وكما أنطق لها عيسى عليه السلام وهو فى المهد ليشهد بوحدانية الله سبحانه وتعالى ويبرئ أمه من تهم اليهود الكاذبة. وهذه إشارة رمزية هائلة لأهمية العمل فى حياة الإنسان، كما أنها دليل قوى على قدرة الله المطلقة الذى يقول للشيء كن فيكون فماذا فعلت تلك الهزة الضعيفة بالجذع حتى يسقط الرطب الجنى وهى إشارة رائعة إلى علو منزلة السيدة مريم عند ربها تتلى فى قرآنه الكريم إلى يوم القيامة. وصدق من قال فى كتابه الكريم منذ أكثر من 1400 عام فى سورة مريم آية (25-24) «فناداها من تحتها ألا تحزنى قد جعل ربك تحتك سريا * وهزى إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبًا جنيًا».