«سبحان العاطى الوهاب».. كلمات كان يسمعها «حمادة» كلما مر على مجموعة من شباب قريته التى تقع على حدود مركز كوم أمبو شمال مدينة أسوان، فالشاب الصغير الذى كان يمتهن التسول منذ سنوات أصبح بقدرة قادر يرتدى أفخر الثياب بعد أن ظهرت عليه علامات الثراء المفاجئ، الأمر الذى أثار العديد من علامات الاستفهام. خرج «حمادة» إلى الدنيا فى ليلة شتوية من عام 1991 لأسرة فقيرة يعولها أب يعمل فى إحدى المزارع بأجر يومى لا يكاد يكفى قوت يومه، وبسبب هذه الظروف عانى الطفل الصغير وهو يرى طلبات أقرانه شبه مجابة مما أشعل نار الغيرة فى قلبه. وكالعادة لم يكن لحمادة نصيب فى أن ينال قسطا من التعليم وانحرف مبكرا لينضم إلى قائمة العاطلين الذين لديهم الاستعداد لارتكاب أى جريمة، خاصة بعد أن تلقفته مجموعة أصدقاء السوء جذبته نحو إدمان البانجو الذى كان يحتاج إلى المال وهو الذى لم يكن يستطيع تدبيره، وبمرور الأيام ضاقت السُبل بحمادة ولم يجد أمامه سوى أن يغادر قريته متوجها نحو مدينة أسوان حيث لا يعرفه فيها أحد، وهناك احترف التسول وهام فى شوارعها نهارا مرتديا ملابس رثة، تارة يمد يده وأخرى يدعى فيها المرض ثم يعود ليلا إلى قريته بعد استبدال ملابسه. وبعدما جرى المال بين يديه وذاق لذته، استسهل الأمر تماما واحترفه حتى سقط بين يدى رجال مباحث الآداب فى قضية تسول خرج بعدها ليتجه اتجاها آخر لاستثمار ما كنزه من حصيلة التسول فى تجارة المخدرات والسلاح، وبذيوع صيته سقط مجددا فى ثلاث قضايا دونها سجله الجنائى ثم خرج من السجن لكنه لم يحد عن طريق الإجرام. ومع توجيهات اللواء نائل رشاد مساعد وزير الداخلية ومدير أمن أسوان بملاحقة المطلوبين والخارجين على القانون من أرباب السوابق وتجار المخدرات وحائزى الأسلحة غير المرخصة، كان أرشيف حمادة على مائدة اللواء إبراهيم مبارك مدير المباحث الجنائية، وعلى الفور وجه مدير المباحث المقدم صالح عبد الحليم رئيس مباحث مركز كوم أمبو بإجراء التحريات حول نشاطه، خاصة أنه اعتزل حرفة التسول. وبتكثيف التحريات وتوسيع دائرة الاستدلال، قام فريق من رجال مباحث كوم أمبو مكونا من النقباء أحمد الهجرسى ومراد الليثى وكريم محمود وأحمد مسعد بالتوصل إلى معلومات دلت على قيام حمادة بالاتجار فى المواد المخدرة متخصصا فى البانجو، كما أشارت التحريات إلى أنه ينهى صفقات السموم البيضاء من خلال هاتفه المحمول وآخرها صفقة بانجو سيتسلمها عن طريق أحد الوسطاء مستعينا بسلاح نارى للدفاع عن نفسه. وبعرض التحريات وأرشيف حمادة الجنائى على النيابة العامة تم استصدار أمر الضبط، وقام الفريق بتتبع خطوات المطلوب ضبطه، وعندما تم تحديد ساعة الصفر داهم رجال المباحث بؤرة حمادة الذى فوجئ بهم وهم يلقون القبض عليه وبحوزته بندقية آلية و3 كيلو جرامات بانجو، حيث تم عرضه على النيابة العامة التى أمرت بحبسه وتحريز المضبوطات.