يقول الامام بن كثير في تفسيرة, يقول تعالي) ألم نشرح لك صدرك( يعني أما شرحنا لك صدرك, أي نورناه وجعلناه فسيحا رحيبا واسعا كقوله( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام)( الأنعام:125(, وكما شرح الله صدره كذلك جعل شرعه فسيحا واسعا سمحا سهلا لا حرج فيه ولا إصر ولا ضيق, وقيل المراد بقوله) ألم نشرح لك صدرك) شرح صدره ليلة الإسراء,. وهذا وإن كان واقعا, ولكن لا منافاة, فإن من جملة شرح صدره الذي فعل بصدره ليلة الإسراء, وما نشأ عنه من الشرح المعنوي أيضا. قال عبد الله بن الإمام أحمد, أن أبا هريرة كان جريا علي أن يسأل رسول الله صلي الله عليه وسلم عن أشياء لا يسأله عنها غيره, فقال: يا رسول الله, ما أول ما رأيت من أمر النبوة ؟ فاستوي رسول الله صلي الله عليه وسلم جالسا وقال لقد سألت يا أبا هريرة, إني لفي الصحراء ابن عشر سنين وأشهر, وإذا بكلام فوق رأسي, وإذا رجل يقول لرجل أهو هو ؟ قال: نعم)فاستقبلاني بوجوه لم أرها لخلققط, وأرواح لم أجدها من خلق قط, وثياب لم أرها علي أحد قط), فأقبلا إلي يمشيان, حتي أخذ كل واحد منهما بعضدي, لا أجد لأحدهما مسا, فقال أحدهما لصاحبه أضجعه, فأضجعاني بلا قصر ولا هصر. فقال أحدهما لصاحبه, افلق صدره, فهوي أحدهما إلي صدري ففلقه فيما أري بلا دم ولا وجع, فقال له, أخرج الغل والحسد, فأخرج شيئا كهيئة العلقة ثم نبذها فطرحها, فقال له أدخل الرأفة والرحمة, فإذا مثل الذي أخرج, شبه الفضة, ثم هز إبهام رجلي اليمني فقال, اغد واسلم, فرجعت بها أغدو, رقة علي الصغير, ورحمة للكبير وقوله) ووضعنا عنك وزرك( بمعني( ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر)( الفتح:2( و الذي أنقض ظهرك) الإنقاض الصوت), وقال غير واحد من السلف في قوله) الذي أنقض ظهرك( أي: أثقلك حمله, وقوله) ورفعنا لك ذكرك( قال مجاهد: لا أذكر إلا ذكرت معي: أشهد أن لا إله إلا الله, وأشهد أن محمدا رسول الله, وقال قتادة رفع الله ذكره في الدنيا والآخرة, فليس خطيب ولا متشهد ولا صاحب صلاة إلا ينادي بها: أشهد أن لا إله إلا الله, وأن محمدا رسول الله. وقوله) فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا( أخبر تعالي أن مع العسر يوجد اليسر, ثم أكد هذا الخبر, قال ابن أبي حاتم, سمعت أنس بن مالك يقول, كان النبي صلي الله عليه وسلم جالسا وحياله جحر, فقال لو جاء العسر فدخل هذا الجحر لجاء اليسر حتي يدخل عليه فيخرجه, فأنزل الله عز وجل) فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا). وقوله) فإذا فرغت فانصب وإلي ربك فارغب( أي إذا فرغت من أمور الدنيا وأشغالها وقطعت علائقها, فانصب في العبادة, وقم إليها نشيطا فارغ البال, وأخلص لربك النية والرغبة, ومن هذا القبيل قوله صلي الله عليه وسلم في الحديث المتفق علي صحته لا صلاة بحضرة طعام, ولا وهو يدافعه الأخبثان وقوله صلي الله عليه وسلم إذا أقيمت الصلاة وحضر العشاء, فابدءوا بالعشاء.