أشاد الرئيس عبد الفتاح السيسي بالدور المحوري الذي تقوم به المحاكم الدستورية العليا بالدول الإفريقية في تفعيل الحماية القضائية للمواطن الإفريقي في إطار سيادة الشرعية الدستورية, وبما يحقق التوازن بين حقوق وحريات المواطنين من ناحية, ومباشرة السلطات العامة لوظائفها من ناحية أخري; منوها بما تتمتع به المحكمة الدستورية العليا المصرية من خبرة وتقاليد قضائية راسخة, بالنظر إلي تأسيسها منذ عقود طويلة, ونجاحها في التغلب علي العديد من التحديات التي واجهتها علي مدار السنوات الماضية. وأكد الرئيس اهتمام مصر بتعظيم الانخراط مع كل المدارس الدستورية بالقارة, في إطار العمل علي تفعيل كل أطر التعاون القائمة بين الأشقاء الأفارقة, وتبادل الخبرات فيما بينهم, لا سيما في ظل الرئاسة المصرية الحالية للاتحاد الإفريقي, التي تتطلع مصر خلالها لتكثيف أواصر العمل الإفريقي المشترك في جميع المجالات, ومن بينها التعاون القضائي بين الدول الإفريقية. جاء ذلك خلال استقبال الرئيس السيسي, أمس, لرؤساء المحاكم الدستورية والعليا الأفارقة, المشاركين في المؤتمر الثالث الذي تنظمه المحكمة الدستورية المصرية للمحاكم الدستورية والعليا الإفريقية, بحضور المستشار الدكتور حنفي علي جبالي رئيس المحكمة الدستورية العليا, والمستشار الدكتور عادل عمر شريف نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا. وأفاد المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية, السفير بسام راضي, بأن الرئيس استهل اللقاء بالترحيب بلقاء رؤساء وممثلي المحاكم الدستورية والعليا الإفريقية للعام الثالث علي التوالي, مشيدا بدورية انعقاد مؤتمرهم السنوي, مؤكدا حرصه علي رعاية وتوفير كل الدعم لهذا الملتقي الفكري الثري الذي أصبح تقليدا قضائيا إفريقيا رفيع المستوي, لا سيما في ضوء أهميته في تعزيز علاقات التعاون القضائي بين الدول الإفريقية الشقيقة. وأوضح المتحدث أن رئيس المحكمة الدستورية العليا ثمن حرص الرئيس السيسي علي دعم مختلف التوصيات التي تصدر عن المؤتمر, خاصة ما يتعلق بالحفاظ علي دورية انعقاده بالقاهرة, فضلا عن تفعيل التعاون بين الهيئات القضائية الإفريقية في مجال تعليم وتدريب العاملين بها وتبادل الخبرات بينهم, واستعداد مصر الدائم لمشاركة الأشقاء في إفريقيا; بما يتوافر لدينا من خبرات في هذا المجال والاستفادة من تجاربهم بالإضافة إلي إطلاق أول منصة إلكترونية علي شبكة الإنترنت للربط بين المحاكم الدستورية والعليا الإفريقية بجهد مصري خالص, وتمثل تلك المنصة نقلة نوعية في مجال التعاون القضائي الإفريقي وتطوير العمل به, وتعزز من تبادل الخبرات والإلمام المستمر بأحدث الأحكام والمبادئ القضائية. وأضاف المتحدث الرئاسي أن الاجتماع شهد حوارا مفتوحا بين الرئيس ورؤساء وممثلي المحاكم الدستورية والعليا الإفريقية حول أبرز الموضوعات التي تناولتها نسخة العام الجاري من المؤتمر, خاصة ذات الصلة بدور القضاء في مكافحة الفساد, وتفعيل القوانين البيئية للمساهمة في معالجة ظاهرة تغير المناخ, وتحقيق التوازن بين جهود التصدي للإرهاب وحماية حقوق الإنسان. وأشاد المشاركون بالدور الحيوي للمؤتمر في تعزيز التفاهم بين الدول الإفريقية في مجال القضاء الدستوري, وتبادل الخبرات بين المحاكم العليا الإفريقية, ومناقشة سبل التصدي للتحديات المشتركة التي تواجه المحاكم الدستورية الإفريقية, لا سيما في ظل الرئاسة المصرية للاتحاد الإفريقي, التي تعطي زخما إضافيا لهذا التقليد السنوي المهم. وأعرب المشاركون عن تطلعهم للاستفادة من التجربة المصرية التي تعد نموذجا لاحترام دولة القانون واستقلالية القضاء, مؤكدين ثقتهم في قدرة القيادة المصرية للاتحاد الإفريقي علي ترسيخ وتعزيز الوعي علي مستوي القارة بأهمية الدور الذي تضطلع به المحاكم الدستورية في حماية مقدرات الدول وإرساء دعائم الديمقراطية ودفع التنمية, في إطار تفاعلي تحت مظلة الاتحاد. وأشار السفير راضي إلي أن الرئيس أكد أهمية مفهوم الإرادة والوعي الشعبي المشترك لتعزيز دور القانون والقضاء في دول القارة لتمكينها من التصدي بفعالية للتحديات المشتركة مثل الإرهاب والفكر المتطرف, الذي يعتبر من أخطر التحديات التي تواجه العالم بأسره وليس فقط الدول الإفريقية, الأمر الذي يستوجب أن تتمكن المؤسسات القضائية من مواجهته واستحداث الأطر القانونية اللازمة للتعامل معه, أخذا في الاعتبار ضرورة الحفاظ علي حقوق الدولة ومكتسباتها, وأن مكافحة الإرهاب هي أحد أهم حقوق الإنسان, وهو الحق في الحياة ذاتها وفي الشعور بالأمان الذي بدونه تستحيل الحياة ويستحيل تحقيق التنمية والتقدم.