وسط محيط إقليمى مضطرب، ودوامة من الصراعات الممتدة، تحتفظ الدولة المصرية، بسياسة خارجية قائمة على جملة من المبادئ الثابتة، والهادفة إلى التهدئة ورأب الصدع، وتحقيق الاستقرار والسلام، فى الشرق الأوسط. هذه السياسة الرابحة، التى تتعاطى بها الدولة المصرية، بشكل نشط مع أزمات المنطقة، على مدار أكثر من عقد، جعلتها محور ارتكاز إقليميًا ودوليًا، يمكن التعويل عليه فى مسارات التهدئة، والوصول إلى حلول سلمية وتجنب التصعيد فى هذه الأزمات. وبالنظر إلى ما يحيط بمصر من صراعات بدول الجوار المباشر، كالوضع فى غزة، وفى ليبيا وفى السودان، وفى مناطق استراتيجية مثل البحر الأحمر والقرن الإفريقى، ومع الوضع فى الاعتبار التداعيات الأمنية والسياسية لتلك الأزمات؛ إلا أن التدخل المصرى، يمكن النظر إليه من واقع ثلاثة أبعاد مهمة، وهى: - البعد الأول، القدرة على التأثير الإيجابى، فى الأزمات القائمة، ويبدو ذلك من واقع الانخراط المصرى فى قضايا المنطقة، ودورها النشط، مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية، ولعل الشاهد على ذلك، دور القاهرة المحورى فى الوساطة الدولية، مع قطر والولايات المتحدة؛ لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة، إلى جانب جهود المساعدات الإنسانية والإغاثية. ولا يختلف محورية دور القاهرة، فى واقع الحرب السودانية؛ حيث كان من بين إسهامات التحرك المصرى، جمع مختلف الأطراف والقوى السودانية على مائدة حوار واحدة لأول مرة فى يوليو 2024، وأيضًا فيما يتعلق بالانقسام الليبى، وجهود دعم المؤسَّسات الوطنية الليبية، ودفع جهود الحلول السياسية؛ لإجراء انتخابات عامة تعزز وحدة الصف الليبى، بالشراكة مع أطراف دولية وإقليمية وأممية. - البعد الثانى، يتعلق بالالتزام الأخلاقى، فى مواجهة أزمات المنطقة؛ حيث لم تتاجر القاهرة، بمعاناة الأشقاء فى أى دولة عربية أو إفريقية، ولا تتدخل إلا بوجه واحد، يستهدف التعاون والبناء والتنمية، دون تآمر أو تدخل فى شئون الآخرين. - البعد الثالث، يرتبط بسياسة الصبر الاستراتيجى، فى مواجهة تداعيات أزمات المنطقة؛ خصوصًا تأثيراتها الاقتصادية والأمنية، ولعل خير شاهد على ذلك، حجم التراجع فى إيرادات قناة السويس العام الماضى، التى تجاوزت 7 مليارات دولار؛ بسبب توترات البحر الأحمر، ورغم ذلك لا تفقد القاهرة الأمل فى طرح حلول لتعقيدات صراعات المنطقة، ومواجهة التعنت المستمر لوقف التصعيد. ورغم الأدوار المصرية الفاعلة والنشطة تجاه أزمات المنطقة؛ لم تسلم التحركات المصرية، من «مزايدات وإساءات الإعلام الغربى» بتحليلات غير موضوعية وادعاءات كاذبة، غير أن ذلك؛ لن ينتقص من الحقيقة التى يثبتها الواقع، وهى أن «الدور المصرى الشريف، هو الرابح الحقيقى، فى محيط مضطرب، بعواصف التقلب وتغيُّر المواقف»، ذلك أنه دور قائم على الحق، ويستهدف البناء والإعمار».. وهو الخيار الأبقى.