نجحت ورش الكتابة في أن تفرض نفسها بشكل ملحوظ علي المسلسلات التليفزيونية لتتحول في غضون سنوات قليلة من مجرد ظاهرة توقع البعض أن تختفي خلال فترة وجيزة, إلي واقع فرض نفسه وتوسع وتشعب ليصل إلي غالبية الأعمال الدرامية التي تقدم علي الشاشة, لتتنوع هذه الورش في تقديم الأعمال الكوميدية, الاجتماعية, والبوليسية, ومع نجاح الورش في كل موسم وإثبات جدارتها يزداد عدد النجوم الذين يلجأون إليها, خاصة في موسم رمضان رغبة منهم في إنجاز أكبر عدد من الحلقات في وقت قصير في ظل ما يعانونه من ضيق في الوقت وموعد محدد لتسليم الحلقات. ويشهد شهر رمضان المقبل اعتماد ما يقرب من5 مسلسلات حتي الآن علي الورش في كتابة السيناريو وهي, الملكة بطولة ياسمين عبد العزيز تأليف عبد الله حسن, وأمين جمال, وطارق الكاشف, وإخراج حسام علي, ومسلسل فكرة بمليون جنيه وهو كوميدي بطولة علي ربيع تأليف أمين جمال وإبراهيم محسن ومحمد فتحي عبد المقصود وشريف يسري وإخراج وائل إحسان, اللعبة بطولة هشام ماجد وشيكو ومي كساب تأليف أحمد سعد والي, إبراهيم صابر, محمد صلاح خطاب, إشراف علي السيناريو فادي أبو السعود, إخراج معتز التوني, أما مسلسل البرنسيسة بيسة بطولة مي عز الدين فهو تأليف مصطفي عمر, فاروق هاشم, إخراج أكرم فريد, كما قررت الفنانة نيللي كريم مؤخرا خوض الموسم الرمضاني بمسلسل من تأليف عمرو الدالي, وأحمد وائل, إخراج أحمد مدحت. وحول انتشار هذه الورش وما تقدمه للدراما التليفزيونية قال السيناريست بشير الديك: إن ورش الكتابة أصبحت واقعا وحقيقة ثابتة, وفرضت نفسها في السنوات الأخيرة, لنجد مكتوبا علي تتر العمل أسماء أعضاء الورشة, والمهم هنا والفيصل هو الموضوع المطروح فيتم الحكم علي العمل مثله في ذلك مثل أي عمل يكتبه مؤلف واحد فجودة العمل هي ما تحدد مدي جودة ورشة الكتابة. وأضاف أن وجود هذه الورش غير قاصر علي رمضان فقط بل في كل المواسم, لكن قد يرجع ذلك إلي حالة عدم الاستقرار والارتباك البالغ التي تعانيها الدراما التليفزيونية وأجور الفنانين المرتفعة التي تصل إلي ثلاثة أرباع ميزانية العمل, وكذلك بدء تصوير العمل متأخرا فيكون المنتج في عجلة فيلجأ إلي ورشة الكتابة, وليس هذا هو السبب الوحيد فحسب لكن هناك أسبابا أخري, ولكن في الوقت نفسه لا يوجد شيء يقول إن عمل الكاتب بمفرده أفضل من الورشة لكن الاعتماد هناك يكون علي الموضوع المقدم وبنائه, وأن يكون أعضاء الورشة موهوبين وتحت قيادة مبدعة, فنجد في الورشة من هو خبير في الحوار وآخر في البناء الدرامي وبالتالي تضم خبرات متنوعة. وأشار إلي أن الورش في البداية كانت للتعلم بينما الآن أصبحت للعمل, ولا تقدم الأعمال الكوميدية فقط ولكن تقدم أعمالا اجتماعية أيضا, ولدينا مثال الفنان عادل إمام قدم أعمالا لفترة في دراما رمضان من كتابة مؤلف واحد هو يوسف معاطي, ثم عاد وقدم العام الماضي أعمالا من تأليف ورش الكتابة. بينما اختلف معه في الرأي الكاتب كرم النجار الذي تحفظ علي أن تكون هذه الورش لها أعمال حققت نجاحا, حيث قال إنه لا يعرف طريقة سير العمل بالورش ولا صلة له بها, ولكن ما يعرفه هو النتيجة التي يراها في النهاية علي الشاشة, وما شاهده من أعمال مفككة ودائما ما تكون مكونة من أكثر من وجهة نظر ولا يوجد منطق واحد يجمع الأجزاء التي كتبت لتخلق عملا متماسكا ومتوازنا, لذلك لديه تحفظ تجاه هذه الورش. وأضاف أن كثيرا من الشباب طلبوا منه عمل ورشة لكنه رفض لإيمانه بأن التأليف لحظة خاصة ما بين الكاتب ومبادئه ووطنه وتوحد مع النفس, وليست لحظة مشاركة مع الآخرين. وأوضح أنه لا يمكن أن نجد مثالا لعمل ناجح وأصبح علامة في الدراما المصرية كان نتيجة كتابة ورشة فنية, فكلها أعمال لمؤلف واحد لأن فكرة الإبداع الفني غير موجودة, حتي المثال الذي أراه ناجحا وهو جراند أوتيل والذي كان مشرفا علي الورشة فيه السيناريست تامر حبيب أرجعه إلي تماسك العمل الأجنبي الإسباني المأخوذ عنه المسلسل. وأكد الكاتب مصطفي محرم أن ورش الكتابة هي من أفسدت الدراما التليفزيونية, مشيرا إلي أن الجميع شاهد الأعمال الرديئة التي تقدمها الورش لذلك يقبلون علي مشاهدة الأعمال القديمة في الإعادة علي القنوات, ففي هذا الشهر تمت إعادة عرض مسلسل لن أعيش في جلباب أبي علي خمس قنوات وذلك بسبب إقبال الجمهور علي مشاهدته وأعمال كثير مثله, قدمها جيل معين من الممثلين والكتاب والمخرجين. وأضاف أن الورش لم ينتج عنها عمل يذكره الجمهور في تاريخ الدراما, فالأمر يشبه الاستعانة بأشخاص لا يعرفون القراءة والكتابة وتقول لهم اكتب قصة, رغم أن ورش الكتابة معمول بها في أمريكا والهند وغيرها لكنهم يستعينوا بكتاب أصحاب موهبة ليقدموا شيئا مثل التجريب ويكون هناك كاتب محترف يرأس الورشة له تاريخ يوجههم ويقدم لهم النصائح ويقرأ ما يكتبون ويقدم في قالب واحد وبعد أن يقدموا عملين أو ثلاثة يكونون قد اكتسبوا الخبرة بالفعل, لكن هنا نجد الكاتب قدم عملا واحدا وبعد ذلك أصبح رئيسا لورشة كتابة وهو من المفترض أن يتعلم الكتابة أولا, لذلك يعزف الجمهور عن مشاهدة هذه الأعمال في مقابل مشاهدة الأعمال القديمة. وكان السيناريست وحيد حامد قد انتقد ورش الكتابة السينمائية والتليفزيونية خلال اللقاء الذي عقد معه بمعرض الكتاب مؤكدا أنها تنتج أعمالا لا تحمل قيمة إنسانية أو فكرية وإنما أعمالا هزلية, وأعمالهم تتلخص في الحواري والأكشن المأخوذ من أفلام أجنبية.