علي الرغم من أن ورش كتابة الأعمال الفنية مسألة ليست بجديدة علي سوق الدراما في العالم, إلا أنها بدأت تنتشر مؤخرا بشكل كبير في سوق الدراما المصرية, لتصبح هي المسيطرة علي الأمر وينتهي عصر المؤلف الأوحد مثل أسامة أنور عكاشة ومحمد صفاء عامر وغيرهم من نجوم التأليف الدرامي الذين أثروا وجدان أجيال متعاقبة, لتصبح الموضة هي ورش الكتابة بعد أن كانت مقتصرة في الماضي القريب علي مسلسلات السيت كوم مثل تامر وشوقية وراجل وست ستات وغيرهما, قبل أن يتوسع الأمر ويصبح المسلسل بمثابة التفصيل للنجم ومنتج العمل الفني; حيث يتشاركون في وضع رؤيتهم للعمل الدرامي مع وجود مؤلف مسئول عنهم..الأهرام المسائي تناولت القضية مع عدد من كبار كتاب السيناريو, وكتاب وخريجي ورش الكتابة, حول جدوي هذه الورش وما إذا كانت ظاهرة أو موضة أو مصنع لتفريغ المواهب في الكتابة ودورها سلبا وإيجابا علي الدراما المصرية. يري الكاتب الكبير محفوظ عبد الرحمن أن ورش الكتابة قد أفسدت الذوق الفني, لما تحمله من تأثير سلبي كبير علي الدراما الفنية, مشيرا إلي أن المفهوم الوحيد الذي يعرفه هو أن يكون كاتب العمل الفني واحدا ولا يصح أن يكتب عملا فنيا بنظام المشاركة وإلا ضاعت منه الروح والشخصية التي يصبغها الكاتب علي عمله الفني, كما تسهم في انتشار موضوعات دخيلة علي المجتمع المصري وانتشارها دراميا مثل البلطجة والعنف المفرط, والتي تساعد بدورها علي تدمير الوعي المصري بشكل كبير. وأضاف أن خطر هذه الورش تضاهي خطر المؤامرات الخارجية علي مصر, خاصة أن الدراما المصرية لها باع طويل في تشكيل الوعي المصري ودائما وأبدا تكون الدراما مرآة المجتمع يستقي منها الكاتب أفكاره ولذلك لا يصح أن يصبح وعي مجتمع في يد ورش فنية تساعد علي تدمير قيمه ومبادئه بشكل درامي غريب علي مجتمعنا, مشيرا إلي أن السبب الرئيسي في انتشار مثل هذه الورش هو المنتج الذي يلعب دورا كبيرا في ذلك, كما أن كاتب الدراما عبارة عن مفكر وصاحب رأي يتوجه بفكره وفنه للناس, فهل نعتبر أن كتاب الورش أصحاب رأي وفكر ؟! لا أظن. بينما قال المؤلف مجدي صابر إن للورش الفنية جانبا سلبيا وآخر إيجابيا, ولكن سلبياتها أكثر من إيجابيتها, وبالنسبة للإيجابيات فهي تسهم في ظهور جيل جديد من كتاب الدراما بشكل ما ليكتسب خبرة مع الوقت وبعضهم سوف يتحول إلي كتاب لهم دور في الدراما من خلال الخبرة التي ستثقل موهبتهم, أما الجانب السلبي فعادة ما تخضع هذه الورش للمنتج ولنجم العمل بشكل كبير ويصبح دورهم هو تنفيذ ما يطلبه وما يريد تغييره, وذلك اعتمادا علي أن الكتاب في الورش ليست لهم شهرة أو خبرة في الكتابة أو لديهم عمل إبداعي مسبق يجعل منهم أصحاب وجهة نظر فيما يكتبون, وهو ما يؤدي في النهاية لخلق عمل مشوه. وأضاف من أهم سلبياتها أيضا هي الفورمات الأجنبية; حيث نجد أن مسلسلا أجنبيا يلقي إعجاب فنان ما أو جهة إنتاج ويتم نسخه بناء علي ذلك, وكثيرا منها لا يلقي صدي أو قبولا, مشيرا إلي أنه من أهم أسباب انتشارها ووجودها أيضا أجورها المنخفضة مقارنة بكتاب دراما كبار لهم اسمهم وتاريخهم الفني المعروف. وأوضح أن هناك منتجين تعمل لديهم ورش كتابة أيضا في ظاهرة منتشرة بشكل كبير, ساعدت فيها غياب إنتاج الدولة وقطاعاتها من مدينة الإنتاج وصوت القاهرة عن الإنتاج الدرامي المحترم, مما أدي إلي ظهور الورش بشكل كبير لتتم فيها صناعة مسلسلات معلبة لا تعيش بمجرد انتهاء أحداثها. وعلي الجانب الآخر تقول المؤلفة هالة الزغندي إن اختلاف إدارة الورشة هو المؤثر الأكبر علي جودة ما تقدمه, وأنا ضد الورش الفنية التي لا يوجد لها مشرف علي الكتابة, وأيضا ضد الورش التي يعتمد فيها المنتج علي كاتب من خارج الورشة يقيم ما تكتبه بدون أن يكون مشاركا فيها بشكل فعلي وهو ما يضيع مجهود كتاب الورشة, مما يعد استغلالا من المنتج. ويضيف للورش دور مهم في تخريج كتاب شباب مبدعين لا يجدون فرصتهم إلا من خلال هذه الورش, ولكن ما يعيبها بالتأكيد هو سرعة الإيقاع نظرا لضغط الموسم الرمضاني أو ضغط أوقات التصوير للحاق بعرض في موسم معين آخر, فأنا في مسلسل حجر جهنم كان مقررا عرضه في رمضان الماضي, ولكن تم تأجيله وكنت قد استعنت بورشة لسرعة إنجاز العمل كما يحدث في الخارج, ولكن بعد ذلك اشتغلت عليه مرة أخري, وبالتالي فإن للورش جوانب إيجابية كثيرة إذا تمت إدارتها بشكل صحيح. فيما أكد المؤلف أمين جمال أن الهجوم علي الورش غير مبرر نظرا لأنها فرضت وجودها في الفترة الماضية ولها تأثير إيجابي; حيث تساعد فكرة الورشة بشكل كبير علي خلق عمل درامي جيد نظرا لتعدد الأفكار وتنوعها, فالورش وجدت لخلق جيل جديد. وعلي الجانب الآخر يري الناقد طارق الشناوي أن مفهوم الورش عالمي وليس اختراعا مصريا وليس معني وجود عمل سيئ تأليف ورشة سيناريو أن نعمم هذا علي كل الأعمال الفنية الأخري, فالعمل الجيد يفرض نفسه سواء كتب عن طريق ورشة أو كتبه مؤلف منفردا, ومن حق الكاتب أيضا أن يلجأ إلي ورش كتابة تساعده في إنجاز العمل; لأنه بالتبعية يتحمل مسئولية عمله وحده. وأضاف: عندما تجد مسلسلا مثل جراند أوتيل كتب عن طريق ورشة يقودها السيناريست تامر حبيب وتجد عملا فنيا جيدا جدا ويحقق ردود أفعال إيجابية فهذا يحسب لمؤلفه وللورشة أيضا التي يشرف عليها, وبالتالي فإن ما يهم في الأساس ما يقدمه العمل سواء كان عملا فنيا عن طريق ورشة أو كاتبا واحدا وما يعيب الورش هو السرعة فلابد أن يأخذ العمل الفني وقته الكافي في التحضير سواء كتابة أو تصوير, خاصة أن النجم أصبح هو المتحكم في العمل الفني وهذه مشكلة للأسف تعاني منها الدراما المصرية من فترة.