بصلابة السنين التي حفرت تجاعيدها علي قسمات وجهه العجوز وبقوة الأبوة التي جاهدت عمرا تجمع المال ملبية احتياجات من يعول, وبرحمة الإيجاد والتربية التي وهبها الله فيها جاء عم جودت متكئا علي عصا, يحمل شكواه المرة من خذلان أبنائه الكبار, وفي اليد الأخري استغاثة لحماية طفليه الصغيرين متسائلا من لولدي الصغيرين؟ بشموخ من لا يرضي الهزيمة وبعناد من لا توهنه الخيانة والخذلان, وبخوف شديد علي مستقبل من أنجب, حكي عم جودت حكايته; قائلا لو كان الأمر يتوقف علي وقد قاربت علي العقد التاسع من عمري, ما كنت لجأت إلي جريدتكم, ولعشت ما تبقي من عمري بين المساجد فلقمة تكفيني وجرعة ماء تسقيني وبيوت الله تؤويني لكن طفلي نفخا في عضدي فمنحاني قوة وعزيمة لأطلب حقهما ممن سلبه منهما. وأضاف عم جودت شارحا حكايته قائلا إنه تزوج منذ5 سنوات لأنه كان يحتاج لزوجة تعينه علي سنه الكبيرة بعد أن كبرت زوجته الأولي ووهنت صحتها فلم تعد قادرة علي تلبية احتياجاته, وقد تركته وعاشت مع أولاده الكبار وهم أربعة جميعهم متزوجون. تابع عم جودت قائلا إن أولاده الكبار رضوا عن الزواج في بداية الأمر وسارت الأمور طبيعية وأقمت وزوجتي الجديدة في شقة في منزلي المكون من4 شقق حتي شاء الله أن أنجب توأما ففتح أولادي الكبار علي أبوابا من الجحيم وهددوني بالطرد من منزلي. غالب جودت دمعة كادت تنزل من عينه قائلا إنه لم يأخذ تهديدهم علي محمل الجد وقال لهم أنه سيكتب الشقة التي يقيم فيها باسم ولديه الصغيرين, خوفا عليها من عوادي الزمن فسارعوا بطردي من المنزل بالكلية ورموا لي عفشي في الشارع ولم يكتفوا بذلك بل ضربوني ضربا مبرحا إمعانا في إذلالي في هذه السن. استطرد عم جودت متابعا حكايته: بمبلغ قليل كنت أمتلكه رضخت للواقع الأليم خوفا علي ولدي الصغيرين وأقمت في مكان آخر تجنبا لمزيد من الإهانة وذلك منذ صيف العام الماضي وحررت محضرا في قسم شرطة الهرم بذلك وأثناء سير المحضر أبلغوني أنهم يمتلكون المنزل ولن أعود إليه مرة أخري. هدأ الرجل العجوز قليلا ثم تابع لقد ذهبت إلي جيراني لعلهم يساعدوني ويقنعون أولادي الكبار بالعدول عن قرارهم فلم يستجيبوا فحاولت مرات كثيرة أن أشكوهم دون جدوي وقد وهن مني العظم واستنفدت كل ما أدخر, وأضع أمري بيد المسئولين حتي يتحملوا مسئولية طفلي الصغيرين ويستردان حقهما الذي سلبهما إياه أخوتهم الكبار.