تلقت حركة النهضة الإخوانية في تونس ضربة قوية مازالت ارتداداتها تهز الرأي العام في تونس وخارجها, فالمعلومات والوثائق التي تتهم الحركة بتشكيل جهاز أمني سري تسلمها القضاء التونسي الآن, في إطار السعي لكشف ملابسات جريمتي إغتيال شخصيتين سياسيتين من أبرز خصوم حركة النهضة, الأول هو شكري بلعيد الأمين العام السابق لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد, الذي اغتيل في6 فبراير2013 أمام منزله بأربع طلقات رصاص, والثاني هو محمد برهامي الأمين العام السابق لحركة الشعب, الذي أغتيل في25 يوليو2013 بإطلاق14 رصاصة عليه أمام منزله من دراجة نارية لاذت بالفرار. كانت الاتهامات الموجهة إلي حركة النهضة بالمسئولية عن إغتيال الشخصيتين المعاديتين للحركة تعتمد في السابق علي أن الحركة هي المستفيدة من التخلص من خصوم بارزين, لكن ما كشفت عنه لجنة الدفاع في القضيتين تجاوزت الاتهام السياسي إلي ما تري أنه أدلة دامغة تكشف عن وجود جهاز أمني سري للحركة, موازي للأجهزة الأمنية في الدولة, وتمكن من إختراق مؤسسات الدولة, وينفذ أهداف الحركة, ومنها تصفية خصومها. وكانت الوثائق قد تم كشفها بالصدفة, عندما نشب خلاف بين شخص يدعي مصطفي خضر, المتهم بقيادة الجهاز السري للحركة, وبين مالكة عقار استأجره لاستخدامة كمدرسة لتعليم قيادة السيارات, عندما طلبت السيدة مفتاح العقار للصعود إلي سطحه ورفض بشدة, فلجأت إلي الشرطة, التي حضرت للمكان الذي تبين أنه يحتوي مخزنا ضخما لأجهزة تجسس وتصوير وتسجيل وكمية من الصناديق المليئة بوثائق تخص وزارات سيادية, وجهاز لفرم المستندات, وأجهزة الكترونية متنوعة تستخدمها شبكات التجسس أو الأجهزة الأمنية, ومعلومات وبيانات حساسة عن ضباط في الجيش والشرطة, وقوائم بخارجين عن القانون ولأن حركة النهضة كانت علي رأس السلطة في ذلك الوقت فقد جري التكتم علي ما تحتويه الصناديق والأجهزة والمستندات, ولم يتم تقديم سوي عدد محدود وقليل الأهمية من المستندات إلي القضاء, لكن جري تسريب بعضها إلي هيئة الدفاع وأحزاب سياسية, رأت أنها تكشف عن حقيقة التنظيم السري لحركة النهضة, ونشرت وثيقة عن تولي جماعة الإخوان في مصر تدريب كوادر من حزب النهضة علي عمليات المراقبة وجمع المعلومات, وأن جماعة الإخوان في مصر هي من نصحت بتشكيل التنظيم السري لحركة النهضة في تونس, والتي تعتبرها فرعا لجماعة الإخوان الرئيسية في مصر. وطالبت هيئة الدفاع عن السياسيين المغتالين وأحزاب الجبهة الشعبية بالكشف عن جميع محتويات الصناديق وتقديمها إلي القضاء, وتري أنها ليست ضرورية للكشف عن مسئولية حركة النهضة عن الإغتيالات فقط, بل مخططاتها ضد الدولة التونسية, وأهدافها الخفية, وارتباطها بجماعات إرهابية, منها جبهة النصرة في سوريا, وسعيها إلي توسيع نطاق عملياتها الأمنية ضد دول الجوار. وإذا كانت حركة النهضة الإخوانية في تونس تسعي إلي تبييض وجهها من خلال ما تقول أنه مراجعات لأفكارها ونبذ العنف, فإن الاتهامات الموجهة إليها بالمسئولية عن اغتيال شخصيات سياسية قيادية بشكل مباشر وبواسطة جهاز أمني سري سيشكل منحي جديدا ليس في قضايا الاغتيالات فقط, بل ستضع الحركة خلف قضبان الضلوع المباشر في الإرهاب, وستطال قادة الحركة وعلي رأسها راشد الغنوشي, وهو ما سيكون له أصداؤه ونتائجه التي تمس كيان الحركة ومستقبلها.