منذ أن قامت ثورة يناير فقدت الرقعة الزراعية في بني سويف جزءا غاليا من الأراضي الخصبة الذي ظل متماسكا علي مر العصور وإغتصبت التربة علي يد المباني الأسمنتية في ظل انعدام الوعي واستغلال الحالة التي مرت بها مصر في تلك الحقبة الزمنية, وقام معدومو الضمائر بالعديد من التعديات بمختلف أشكالها سواء كانت علي الأراضي الزراعية أو أراضي أملاك الدولة أو التابعة لولاية الري والأوقاف والآثار والسكة الحديد. ولم يهتموا بمكتسبات الشعب وفرضوا حصارا علي خيرات أرضه.. وبينما سكن أجدادنا الجبال وزرعوا الوديان أفشي الأحفاد سرطان التعديات الذي لم يفلح معه كيماوي ويحتاج لبتر واستئصال عاجل. يقول الدكتور باسم محمد إبراهيم بالبحوث الزراعيه: تعددت أسباب تعدي الفلاح أو غيره علي الأراضي الزراعيه بالبناء أو التشوين فهناك من يقوم بالبناء علي الزراعات بسبب ضيق السكن بالأسر الكبيرة في الريف التي تصل الي عدة أجيال تقطن في بيت واحد فالجد يصل متوسط عمره في الريف الي80 سنة ويظل اولاده ينجبون ويتزوجون في نفس البيت وتتزايد الأسرة بمتوالية هندسية وبسبب غلاء المعيشة وارتفاع تكاليف الزواج مما يضطرهم للمعيشة سويا وجاءت لهم فرصة ثمينة بحدوث حالة الانفلات الامني وقاموا ببناء منازل من البلوكات البيضاء علي الأراضي الزراعية التي لا تكلفهم سوي ثمن تلك البلوكات الحجرية والسبب الثاني الإختلاف الرهيب في سعر فدان الأرض الزراعيه عن فدان الأرض التي تصلح للبناء ويقوم صاحب الأرض بتبوير جزء من أرضه طمعا في المكاسب السريعة غير مبال بالقوانين وتأثير ذلك علي الزراعة.. ويقوم بالبناء وبيع المبني بسعر يضاعف عشرات المرات سعر الأرض الزراعية. يضيف عماد جورجي أن البنايات القديمة التي يسكن فيها الفلاحون مبنية من الطوب اللبن والأثاثات ضعيفة ولا يستطيعون البناء فوقها لعدم قدرتها علي التحمل وارتفاع تكاليف الهدم واعادة البناء فضلا عن عدم وجود مناطق سكنية اخري تكون قريبة من زراعات الأهالي مما يضطرهم للبناء علي تلك الأراضي. أكد أسامه محمد علي مزارع من قرية تزمنت الشرقيه أن الوعي وتطبيق القانون ساهما بحزم خلال السنوات الأربع الماضيه في الحد بل والقضاء علي مؤامرة التعدي علي الزراعات في بني سويف فتعاون الأجهزة بداية من الزراعة والتنفيذيين وانتهاء بقوات الشرطة قضت علي التعديات في المهد بنسبة كبيرة فحجم التعديات التي أعقبت ثورة يناير كانت قد قاربت في بني سويف علي10 آلاف فدان وهي تترجم الي فقد الحاصلات15 الف اردب قمح و8 آلاف إردب ذره و2500 قنطار قطن فضلا علي الزراعات الأخري علما بأن الفدان يتم زراعته4 مرات في العام الواحد. وأشار مصطفي راشد مدير عام الزراعة ونقيب الزراعيين ببني سويف الي قيام المديريه وفقا لتعليمات وزير الزراعة ومحافظ الإقليم بتنفيذ حملات مستمرة علي الأراضي الزراعية في شتي ربوع القري والعزب لرصد التعديات وإزالتها في المهد للحفاظ علي الرقعة الزراعية بالتنسيق مع الوحدات المحلية ومديرية الأمن وتنشط تلك الحملات في أيام العطلات والأعياد ففي عيد الأضحي تمكنا من إزالة19 حالة تعد في المهد وأضاف راشد أن التعديات في بني سويف شهدت إنخفاضا كبيرا في ظل تغليظ العقوبة علي المتعد والتي تصل للسجن والغرامة ونقوم بدور التوعية للفلاح بأهمية الحفاظ علي الرقعة الزراعيه وعدم المساس بها. من جانبه أكد المستشار هاني عبدالجابر محافظ بني سويف علي أن المحافظة تعتمد علي تنفيذ آليات محكمة ضمن خطتها للحفاظ علي الرقعة الزراعية وحمايتها من كافة صور التعديات, في إطار تنفيذ توجيهات القيادة السياسية وتكليفات الحكومة في هذا الشأن, حيث تعتمد الخطة علي السير بالتوازي في أكثر من اتجاه, منها تكثيف حملات الإزالة للتعديات القائمة وفق برنامج زمني محدد وفي اطار القانون وبالتنسيق مع الجهات الأمنية والمعنية. وتعمل المحافظة علي مواجهة التعديات علي الأراضي الزارعية في المهد لمنع تفاقم المشكلة, بالإضافة إلي توفير جهاز متابعة ميداني متكامل يتكون من المختصين بالإدرات المركزية من المحافظة, بجانب الإدارات الفرعية ذات الإختصاص المماثل, بالإضافة إلي المعنيين بالمتابعة من الزراعة والري وجهاز حماية الأراضي وغيرها من الجهات المعنية, للحصر الدقيق للتعديات وتحديثها أولا بأول لوقف هذه الظاهرة والسيطرة عليها وأشار عبد الجابر إلي أن هذه الخطة ليست موسمية أو استثنائية وإنما تحقق حالة من الإستدامة والاستمرارية في مواجهة تلك المشكلة,حيث يتم وقف التعديات أيضا في الأعياد والأجازات والتي قد يستغلها البعض في التعدي علي الأراضي الزراعية بالبناء أوبأي شكل من الأشكال وصرح محافظ بني سويف بأنه سيتم أيضا تنفيذ حزمة من الإجراءات التوعوية من أجل رفع وعي المواطن بخطر التعدي علي الأراضي الزراعية والتي تعتبر ثروة قومية, مع ضرورة التعاون في مواجهة ظاهرة التعدي عليها من خلال ابلاغ الجهات المعنية بأية واقعة تعد مستجدة, مشيرا إلي أنه يتابع عبر تقارير دورية يومية أي مستجدات في هذا الملف الهام والشائك وأكد المحافظ علي أنه لن يتواني عن مواجهة تلك المشكلة, وأنه سيشرف ويقود بعض الحملات لإعطاء رسالة قوية للجميع بأن الحكومة لن تسمح بالتعدي علي الرقعة الزراعية ولن تتهاون في تطبيق القانون, مشيرا إلي أنه كلف رؤساء الوحدات المحلية بالمدن والقري باتخاذ جميع الاجراءات القانونية حيال أية تعديات أو ارتكاب أفعال من شأنها تعمل علي تبوير الأراضي أو تؤثر علي خصوبتها مع أهمية التنسيق مع الجهات المعنية والأمنية إذا اقتضي الأمر لذلك.