لطالما كان البالون بأشكاله ومجسماته الملونة المختلفة منبعا للبهجة والمرح لاسيما في المناسبات السعيدة والأعياد; حيث تمثل البالونات دائما رمزا للتحليق في الفضاء وكأننا حين نطلقها في الهواء إنما نطلق أحلاما جديدة نحاول الإمساك بها, و الوصول إليها لتصبح واقعا نعمل علي تحقيقه, ومستقبلا نستمتع به. ويأتي الفيلم الفرنسي LeBallonRouge أو البالون الأحمر ليؤكد هذه المشاعر والأفكار للكبار والصغار علي السواء, فهو ليس كما قد يبدو موجها للأطفال وحدهم, بل علي العكس قد يكون أكثر مخاطبة للكبار, بمايتضمنه من أفكار فلسفية مهمة وتوثيق لأمكنة عتيقة وأجواء تحمل دفء الماضي وروعته. فأنت هنا أمام فيلم يدعوك إلي عدم التفريط في أحلامك مهما كان الحلم الذي ضاع منك جميلا وعزيزا لديك, أو كنت قريبا منه إلي حد أنك تحمله بين يديك أحيانا, حتي لتشعر أنه بمثابة صديق لا يفارقك! فحتي لو كان الحلم الذي أفسده الآخرون قد انتهي فثمة أحلام أخري أجمل يمكن أن تحلق بك في الفضاء لتمنحك الأمل والإرادة مرة أخري.. هكذا يحمل الفيلم لك فكرا فلسفيا عليك أن تتوقف كثيرا عنده, عبر مغامرات الطفل الصغير باسكال وبالونه أو حلمه الأحمر المبهج الذي منحه دفء العواطف ثم اختفي! والبالون الأحمر فيلم قصير نحو35 دقيقة من إنتاج سنة1956, إخراجألبرت لاموريسي وبطولة ابنه باسكال لاموريسي الذي كان في السادسة من عمره حين قام بأداء دوره ببراعة في الفيلم الذي حقق نجاحا مدويا, ولا يزال خالدا في ذاكرة السينما وجمهورها, فخورا بالجوائز العديدة التي حصل عليها. ويحكي الفيلم عن طفل يعثر وهو في طريقه إلي المدرسة علي بالون أحمر معلق بعمود نور فيتعلق الطفل بالبالون ويقرر فك أسره, فإذا به يتسلق العمود ليمسك به, لكن يفوته أتوبيس المدرسة, لنجده يركض في الأزقة المؤدية إلي المدرسة حاملا البالون, وحين يقابل في طريقه عامل نظافة يعطيه له ليسترده أثناء العودة, وبحب وبرفق بالغين يحمله بين يديه الصغيرتين في الكثير من مشاهد الفيلم, ويخاف عليه إلي حد أنه يحميه حين تمطر السماء بأن يطلب ممن يلتقي بهم في الطريق مساعدته في منع بالونه من التعرض للبلل عبر المظلة التي يحملونها! وتتوالي أحداث الفيلم لنجده يتعامل مع بالونه الجديد كما لو أنه حيوان أليف! وذلك عبر مجموعة من المغامرات الطفولية في شوارع باريس وأزقتها الضيقة. والمثير أن البالون نفسه لديه درجة من الوعي, والاستجابة حتي يتحول إلي صديق بالفعل لباسكال, ونراه يتبع الطفل طواعية حين يناديه يا بالون, وهكذا تتوثق العلاقة بينهما وتنمو صداقة جميلة وحب متبادل بينهما, ويخوضان معا مغامرات عديدة طريفة وحزينة, حتي نصل إلي نهاية غير متوقعة للبالون تثير الأسي في أعماق باسكال والجمهور قبله, حين يقوم بعض الصبية ممن يفتقدون الحلم والنجاح بعد معارك يخوضها الطفل بتدمير البالون بالعصي تماما, مثلما يدمر الفاشلون في الواقع أحلام الآخرين! ويشعر الطفل أن حلمه ضاع, ويحزن بشدة علي صديقه, حتي يفاجأ بمجموعة بالونات رائعة الألوان تحمل الطفل, وتحلق به في السماء, فتمنحه الحب والأمل والإرادة من جديد. حصل الفيلم علي سعفة مهرجان كان السينمائي المخصصة للأفلام القصيرة. وجائزة الأوسكار لأفضل سيناريو أصلي,وكان ذلك لأول مرة وربما الوحيدة أن يتم منح فيلم قصير هذه الجائزة, لاسيما أنه كما أشرنا يكاد يكون صامتا لكنها الحرفية السينمائية, وروعة الموسيقي التي قدمها لنا لاموريسي كانت وراء هذا الاحتفاء به, عبر منحه هذه الجائزة, ولا يقل أهمية عن ذلك روعة الأداء التمثيلي لباسكال برغم صغر سنه واعتماده علي النظرات والتعبيرات بوجه أكثر من الكلام. ولكي تعيش هذه اللحظات المفعمة بالأمل عليك وتشارك باسكال حلمه القديم ثم الجديد يمكنك مشاهدة فيلم LeBallonRouge