وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلي كل ضامر يأتين من كل فج عميق(27 الحج) يقول الامام بن كثير وقوله( وأذن في الناس بالحج) أي: ناد في الناس داعيا لهم إلي الحج إلي هذا البيت الذي أمرناك ببنائه. فذكر أنه قال: يا رب, وكيف أبلغ الناس وصوتي لا ينفذهم؟ فقيل: ناد وعلينا البلاغ.فقام علي مقامه, وقيل علي الحجر, وقيل علي الصفا, وقيل علي أبي قبيس, وقال: يا أيها الناس, إن ربكم قد اتخذ بيتا فحجوه, فيقال: إن الجبال تواضعت حتي بلغ الصوت أرجاء الأرض, وأسمع من في الأرحام والأصلاب, وأجابه كل شيء سمعه من حجر ومدر وشجر, ومن كتب الله أنه يحج إلي يوم القيامة: لبيك اللهم لبيك. هذا مضمون ما روي عن ابن عباس, ومجاهد, وعكرمة, وسعيد بن جبير, وغير واحد من السلف, والله أعلم, أوردها ابن جرير, وابن أبي حاتم مطولة وقوله( يأتوك رجالا وعلي كل ضامر يأتين من كل فج عميق) قد يستدل بهذه الآية من ذهب من العلماء إلي أن الحج ماشيا, لمن قدر عليه أفضل من الحج راكبا; لأنه قدمهم في الذكر, فدل علي الاهتمام بهم وقوة هممهم وشدة عزمهم, والذي عليه الأكثرون أن الحج راكبا أفضل; اقتداء برسول الله صلي الله عليه وسلم, فإنه حج راكبا مع كمال قوته, عليه السلام. وقوله(يأتين من كل فج)يعني: طريق, كما قال( وجعلنا فيها فجاجا سبلا)( الأنبياء31) وقوله) عميق( أي بعيد. قاله مجاهد, وعطاء, والسدي, وقتادة, ومقاتل بن حيان, والثوري, وغير واحد وهذه الآية كقوله تعالي إخبارا عن إبراهيم, حيث قال في دعائه( فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم)(إبراهيم:37( فليس أحد من أهل الإسلام إلا وهو يحن إلي رؤية الكعبة والطواف, فالناس يقصدونها من سائر الجهات والأقطار.