مأساة جوية في سماء أحمد أباد.. تحطم طائرة هندية ومصرع 242 شخصًا (تقرير)    "أكسيوس": نتنياهو طلب من الولايات المتحدة التوسط في المفاوضات الإسرائيلية - السورية    جامعة المنوفية تفتح باب التقديم على 8 وظائف قيادية    محافظ الجيزة يشدد على ضرورة إبراز المظاهر الحضارية استعدادًا لافتتاح المتحف المصرى الكبير    القطار الخفيف يقلل زمن التقاطر يوم الجمعة من كل أسبوع للتسهيل على الركاب    "القومي لذوي الإعاقة" يتقدم ببلاغ للنائب العام بشأن "عريس متلازمة داون"    مبادرة "بداية" تطلق تطبيق 5Seconds الأول من نوعه في مصر لتقديم تجربة تربوية تفاعلية للأطفال    مواعيد جديدة للبرامج الرياضية بمناسبة مونديال الأندية    يحيى عطية الله : تجربتى مع الأهلي حتى هذه اللحظة إيجابية .. وأمتلك عددا من العروض للاحتراف    محافظ الغربية: لا تهاون مع أي إهمال خلال امتحانات الثانوية العامة.. وتأمين شامل للجان    الحزن يخيم على البحيرة بعد مصرع تاجر ذهب متأثرا بجراحه إثر التعدى عليه بسكين    ضبط 1325 كرتونة وعبوة أدوية بيطرية مغشوشة بالمنوفية    من 1.8 ل 1.67 مليون.. لماذا انخفضت أعداد الحجاج في 2025؟    كريم عبد العزيز يصل ب المشروع x ل100 مليون جنيه وينتظر رقما قياسيا    المتحف المصرى الكبير بوابة مصر إلى العالم.. كاريكاتير    «مراسم بني حسن» معرض في «الهناجر» الخميس المقبل    لترطيب الكبد- 4 فواكه تناولها يوميًا    رسميًا.. جالطة سراي يفتح باب المفاوضات مع ليروي ساني    "الزرقاني" يتفقد سير العمل بوحدة كفر عشما ويتابع معدات الحملة الميكانيكية    عرض مالي ضخم يقرب سباليتي من تدريب النصر    حماس تنفي تفاصيل مفاوضات وقف إطلاق النار التي يتداولها الإعلام الإسرائيلي    وزير الري: مصر تقوم بإدارة مواردها المائية بحكمة وكفاءة عالية    ضمن المسرح التوعوي.. قصور الثقافة تختتم عرض «أرض الأمل» بسوهاج    كوريا الجنوبية: بيونج يانج تعلق البث المناهض عبر مكبرات الصوت    إنارة رافد جمصة على طاولة التنفيذ بتنسيق مكثف بين الجهات المعنية    وزير الاستثمار: الدولة تولي اهتمامًا كبيرا بتطوير قطاع التأمين    الأحد 22 يونيو.. بدء تسليم أراضي بيت الوطن المرحلة الثامنة التكميلية بالعبور الجديدة    وفد عمل مصر الثلاثي يُشارك في منتدى «التحالف العالمي للعدالة الإجتماعية»    ماجد الكدواني: «موضوع عائلي» أعادني للتلفزيون بعد 14 سنة    أشرف صبحي: نادي سيتي كلوب إضافة نوعية لخريطة المنشآت الرياضية بدمياط    قافلة جامعة المنوفية توقع الكشف الطبي على 440 من أهالي «ميت أم صالح»    عبد العاطي يؤكد ضرورة الحفاظ على السودان وصون مقدّراته    حقوق الإنسان بمجلس النواب تستضيف رئيس الطائفة الإنجيلية وأعضاء الحوار المصري الألماني    انخفاض تكلفة التأمين على الديون السيادية لمصر لأدنى مستوى في 3 سنوات    أول تعليق من ابنة أحمد الدجوى بعد حفظ قضية سرقة الأموال    وزير البترول: مشروع إنتاج حامض الفوسفوريك تحرك هام لتعزيز الصناعات التحويلية    مصر تعرب عن خالص تعازيها لجمهورية الهند في ضحايا تحطم طائرة غرب البلاد    "كانوا بيلعبوا ب40 ألف بالضرائب".. نجم الزمالك السابق يثير الجدل بصورة الجيل الذهبي    ريال مدريد يحسم صفقة الأرجنتيني فرانكو ماستانتونو حتى 2031    حجز والدي عروس الشرقية على ذمة التحريات في واقعة زفاف عريس متلازمة دوان    بعد تعرضها لأزمة صحية.. ملك زاهر تطلب من جمهورها الدعاء    عبد الخالق فريد مديرًا لمهرجان بورسعيد السينمائي الدولي    أهلي جدة ينتظر موقف ميسي    انقطاع شامل للاتصالات والإنترنت في قطاع غزة    فريق جراحي بالزهراء الجامعي يُنقذ مريضَين بانشطار في الشريان الأورطي    وزير الصحة يبحث مع مدير "جنرال إليكتريك" التوطين المحلي لأجهزة السونار    الصحة العالمية: رصد متحور كورونا الجديد في ألمانيا    مدير تعليم القليوبية لمصححى الشهادة الإعدادية: مصلحة الطالب أولوية عظمى    تامر حسنى وديانا حداد نجوم أحدث الديوهات الغنائية    تصادم دموي بوسط الغردقة.. إصابة 5 أشخاص بينهم طفل في حالة حرجة    20 مليون جنيه مخدرات وسقوط 5 خارجين عن القانون.. مقتل عناصر عصابة مسلحة في مداهمة أمنية بأسوان    إسرائيل.. المعارضة غاضبة لفشل حل الكنيست وتهاجم حكومة نتنياهو    برئاسة السيسي وولي العهد.. تعرف على أهداف مجلس التنسيق الأعلى المصري السعودي    أمين الفتوى يوجه رسالة لمن يفوته صلاة الفجر    مراد مكرم ساخرًا من الأوضاع والنقاشات في الرياضة: بقى شغل عيال    أنغام تدعو بالشفاء لنجل تامر حسني: «ربنا يطمن قلبك وقلب أمه»    حكم توزيع لحوم الأضحية بعد انتهاء أيام عيد الأضحى    آداب الرجوع من الحج.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المال السياسي

يزعم كاتب هذه السطور أن لديه حلولا سحرية لهذه المعضلة‏.‏ ولكنه يدعو جميع القوي الحريصة علي الديمقراطية المصرية الناشئة إلي صياغة ميثاق شرف أو مدونة سلوك للحياة الحزبية لا تسمح للمال بأن يصبح المتحكم الأول في قنوات التأثير في الرأي العام‏.‏
لالا يدخل المواطنون عالم السياسة من باب القناعات الأيديولوجية‏,‏ وإنما يدخلونها أساسا من بوابة المصالح الاجتماعية للأفراد والجماعات‏.‏ وإذا كان العمل الحزبي هو بالأساس عمل تطوعي يقوم علي قناعات سياسية وفكرية عند قيادات وعضوية الأحزاب‏,‏ فإنه في الوقت نفسه عمل مكلف يحتاج إلي ميزانيات مالية كبيرة إذا أريد للحزب أن ينتزع مقاعد في المجالس المنتخبة أو أن يكون قوة تأثير إعلامية واجتماعية في الشارع‏.‏
فحتي في بلاد الغرب الرأسمالية المتطورة تلعب الأموال دورا كبيرا في تعبئة الرأي العام لصالح مرشحي الأحزاب‏.‏ بل إن الحزبين الكبيرين في الولايات المتحدة يفضلان المرشح الحزبي القادر علي جمع أكبر كميات ممكنة من التبرعات المالية والعينية‏.‏
وإذا امتلك الحزب بحبوبة مالية فإنه سيستطيع القيام بحملات إعلامية ضخمة وتوظيف عدد معقول من الموظفين والمستشارين‏,‏ فضلا عن الانفاق علي المطبوعات والمقرات والانتقالات والاتصالات والتكنولوجيا الحديثة‏.‏
وإذا نظرنا إلي الأحزاب المصرية اليوم سنجد الحزب الوطني الذي تبخر واستفاد استفادة هائلة وغير مشروعة من الامكانات الحكومية‏..‏ هذا الحزب يحاول الآن العودة إلي الساحة تحت مسميات حزبية جديدة مستغلا ما تراكم لدي اساطينه في الماضي من ثروات خيالية تستخدم الآن في شراء مساحات الإعلام واستئجار البلطجية‏..‏ وإن قلت امكانات فلول الوطني بالطبع في استغلال الخدمات الحكومية لتقديم الرشاوي السياسية وشراء الولاء‏..‏ أما الأحزاب الليبرالية الجديدة والقديمة فهي تعوم علي ثروات هائلة هي الأخري‏,‏ تحققت في الداخل والخارج‏,‏ ولديها الآن العديد من الصحف والفضائيات والمواقع المتطورة علي الانترنت‏,‏ ومن ثم تستطيع أيضا الانفاق بسخاء علي مؤتمراتها وتحركاتها‏..‏
والجديد في الساحة السياسية المصرية اليوم هو تلك الأعداد الوفيرة من الجماعات والأحزاب ذات المرجعيات الدينية التي تبين أن امكانات الانفاق لديها تفوق الجميع دون مبالغة‏..‏ فهي تملك مشروعات ومصالح اقتصادية ضخمة في الداخل والخارج‏..‏ فضلا عن قنوات للتبرع غير خاضعة لرقابة مجتمعية جدية‏..‏ وتستطيع الانفاق علي أنشطة تقوم بها أعداد كبيرة من الدعاة والمحرضين والمنظمين والإعلاميين‏..‏ حتي وإن عمل الكثير منهم علي سبيل التطوع‏.‏
أما الأحزاب اليسارية والناصرية فهي في وضع مالي شديد البؤس لأنها بالدرجة الأولي أحزاب للفقراء ومحدودي الدخل‏.‏ وإذا كان لديها عدد لا بأس به من النشطاء المتطوعين فإن هذا لا يكفي لمجاراة الانفاق الباذخ علي الأنشطة الدعائية لليبراليين والإسلاميين‏.‏
وبعد ثورة‏25‏ يناير دخل إلي عالم السياسة‏,‏ بل عالم الحزبية أيضا‏,‏ أعداد هائلة من الشباب الذين لا يملكون أموالا بالطبع‏,‏ إن لم يكن معظمهم بلا عمل أصلا‏.‏ ومن أجل هذا ثاروا‏.‏ فقد اكتشف هذا الشباب انه استطاع انجاح الانتفاضة في الشارع‏,‏ ولكنه لا يستطيع وضع الثورة في السلطة‏.‏ ولذلك أسباب كثيرة بالطبع‏,‏ ولكن المشكلة التي سيستحيل علي الشباب حلها هي مشكلة الانفاق علي أنشطة إعلامية وتنظيمية مستديمة‏..‏ وهذا ما أدركته جيدا قوي عديدة في الخارج فسارعت إلي محاولة الدخول إلي الشباب الثائر من باب التدريب وتمويل بعض الأنشطة‏.‏ ولكن الوعي العام للشباب المصري الثائر لايزال صامدا في وجه هذه المحاولات الخبيثة‏.‏
لا يزعم كاتب هذه السطور أن لديه حلولا سحرية لهذه المعضلة‏.‏ ولكنه يدعو جميع القوي الحريصة علي الديمقراطية المصرية الناشئة إلي صياغة ميثاق شرف أو مدونة سلوك للحياة الحزبية لا تسمح للمال بأن يصبح المتحكم الأول في قنوات التأثير في الرأي العام‏.‏
وقد يكون من الملائم إنشاء مفوضية قومية مستقلة لمتابعة انفاق وإيرادات الأحزاب‏,‏ وتتاح لها سلطة إبلاغ الرأي العام والهيئات الرقابية الرسمية أيضا بما تراه من مخالفات أو منافسة غير متكافئة‏.‏
كما تلوح هناك حاجة ماسة لأن تتضمن القوانين المنظمة للعمل السياسي ما يسمح للأحزاب الوليدة التي لم يمض علي عمرها خمس سنوات مثلا بأن تمارس أشكالا محددة من الأنشطة الاقتصادية ذات المعاملة الضريبية التفصيلية‏,‏ لتمويل عملها الحزبي حتي لا تلجأ إلي ممارسات غير شرعية أو تقع تحت سطوة الممولين‏.‏
أضف إلي هذا أن هناك ضعفا كبيرا في ثقافة التبرع للعمل العام‏,‏ وخاصة السياسي‏,‏ في مصر‏..‏ وهذا بالطبع من نتائج الإرث الطويل لمصادرة الحياة السياسية في المجتمع لصالح الحزب الوحيد أو المدلل‏.‏ ولابد من تشجيع المواطنين علي الاشتراك دون خوف في حملات اكتتاب تطوعي للأحزاب التي يؤيدونها‏.‏
أخيرا يقع علي عاتق الأحزاب نفسها أن تتعلم كيف تنجز الأنشطة الكبيرة بتكاليف أقل‏.‏ وألا تحاول تقليد الأحزاب الثرية في أنشطة بعينها‏.‏ وأن تسعي للوصول إلي الجمهور في القري والأحياء الشعبية بطرق مباشرة ومبتكرة‏.‏
إذا لم تتمكن الحياة السياسية المصرية من حل مشكلة المال السياسي فإنها تكون مرشحة للتعثر أكثر من التقدم‏..‏ حتي لو جاء الدستور أولا‏.‏
هذا ما كشفت عنه تجربة الاستفتاء علي التعديلات الدستورية‏,‏ ثم أكدته الممارسات الحزبية الأخيرة‏.‏ والمهم هنا أن الأحزاب الليبرالية والدينية هي أحزاب مؤيدة للنمط الرأسمالي بوجه عام‏,‏ أما الأحزاب ذات التوجه الاجتماعي اليساري‏,‏ والقوي الشبابية الجديدة‏,‏ فهي لا تستطيع التفاعل المتواصل مع جماهيرها المفترضة بسبب نقص الامكانات المالية‏.‏ وفي هذا خطر علي استقرار العملية الديمقراطية نفسها‏.‏ لأنها عندئذ لن يكون أمامها غير العودة للشارع‏..‏ ولكن ضد ديمقراطية يتحكم فيها الأثرياء‏.‏
عضو مجلس إدارة مركز البحوث العربية والإفريقية بالقاهرة
‏..‏مترجم وباحث في العلوم السياسية‏..‏
مدير تحرير مجلة إفريقية عربية‏(‏ مختارات العلوم الاجتماعية‏)‏

إضافة تعليق

البيانات مطلوبة

اسمك
*


بريد الالكترونى *
البريد الالكتروني غير صحيح

عنوان التعليق *


تعليق
*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.