عقب اندلاع ثورة25 يناير عام2011 خرج الشعب علي بكرة أبيه كل يعبر عما يجيش صدره وفق رؤيته ووسيلته اتخذ آلاف المواطنين من الشباب والمثقفين والفنانين جدران وأسوار الشوارع والميادين نافذة للتعبير عما يريدونه فتحولت شوارع وميادين محافظات الجمهورية إلي لوحة وطنية تحمل أحاسيس ومشاعر المواطن. ومن هنا كان انتشار ما يسمي بالفن الجرافيتي الذي تحول إلي سلوك خلال هذه الفترة.. وفي الإسكندرية تحديدا كان الوهج الوطني كبيرا فتحولت الشوارع الرئيسية والجانبية أيضا وكذلك الميادين وكورنيش البحر إلي لوحات فنية رائعة.. ومع مرور الوقت اختفي الفن الجرافيتي وأزيلت اللوحات والصور وسكن مكانها القبح بمختلف صوره بعدما قرر أصحاب المهن والأعمال الخاصة تحويل جدران وأسوار شوارع الإسكندرية إلي ساحات للإعلانات عن بضائعهم. تصدم الأعين وفي جولة بأحياء الإسكندرية المختلفة تصطدم الأعين بالجدران المشوهة حيث حلت الإعلانات مكان الجرافيتي علي أسوار المدارس والمستشفيات وحتي المدافن ووصل الأمر لأن يغتصب المدرسون جزءا من جدران الشوارع للإعلان عن دروسهم الخصوصية وكذا عن شركات لنقل الأثاث.. ومراكز طبية وأخري للحجامة.. وبيع وتصليح للأجهزة الإلكترونية ناهيك عن مراكز للدجل والشعودة وفك السحر وخلافه.. خلاف العبارات الخادشة للحياء علي مساحات شاسعة هي بالفعل مهزلة بكل المقاييس تشهدها شوارع وميادين الإسكندرية التي أصبحت مباحة لكل ما هو قبيح.. والرقابة في سبات عميق وكأن جدران الشوارع بلا صاحب.. إنها جريمة مكتملة الأركان ولكن للأسف بلا عقوبة ينص عليها القانون. الأمراض النفسية وبسؤال الدكتور عبدالسلام عيد رائد فن الجداريات, أستاذ التصوير الجداري بكلية الفنون الجميلة جامعة الإسكندرية عما يحدث بشوارع عروس البحر قال للأسف ظاهرة تشويه جدران الشوارع بالإعلانات القبيحة تمت في غياب الوعي بأهمية البيئة المرئية والتي تؤثر في السلوك الإنساني مثلما تؤثر البيئة المسموعة التي تحمل كما مخيفا من الضوضاء والضجيج, وهذا التلوث والتشويه يصدر أبشع أنواع الأمراض النفسية للإنسان. حسرة وأضاف: أمر يدعو للحسرة أن تتحول الجدران منذ عدة سنوات مضت إلي هذا الكم من القبح بعد أن كانت منذ(25) عاما لوحات من الفن الراقي.. فالإسكندرية أول محافظة علي مستوي الجمهورية شهدت أعمال الجداريات علي بعض الأماكن الحيوية وقد قمت بنفسي بتنفيذ أول جدارية علي واجهة أحد الفنادق.. وكانت الجدارية الثانية علي واجهة كلية الفنون الجميلة.. كما قمت بتنفيذ جدارية علي واجهة كلية الطب وكانت جدارية سور مستشفي مصطفي كامل علي كورنيش البحر من أكبر وأشهر الجداريات التي قمنا بتنفيذها. غياب الوعي والرقابة وأضاف أن هذه الجداريات كانت تزين شوارع الإسكندرية وتضفي البهجة للمواطن وتمنحه طاقة إيجابية وكانت مقصدا لالتقاط الصور في كل المناسبات العامة منها والخاصة وفي ظل غياب الوعي والرقابة من المسئولين اغتصب كل ما هو جميل. جريمة القتل ويؤكد أحمد الباز أمين عام نقابة التشكيليين بالإسكندرية.. أن هذه الظاهرة مرفوضة ولها تأثر سلبي علي معنويات المواطن السكندري وعلي الإسكندرية بشكل عام.. قائلا إن تحويل الجدران والأسوار إلي لوحات إعلانية مفتوحة جريمة بكل المقاييس فلابد من احترام الشوارع وخصوصية الأسوار لأنها ملك عام للشعب.. وللأسف لقد تخطت هذه الظاهرة كل الحدود حتي وصول الأمر لانتهاك أسوار وجدران المساجد والمدارس والمستشفيات والمدافن أيضا.. أين الرقابة من هؤلاء الذين يهدمون الجمال ويشوهون هوية المدنية.. نطالب بتوقيع أقصي عقوبة علي هؤلاء الذين يرتكبون جريمة لا تقل عن جرائم القتل, فالمواطن هو الضحية في كلتا الجريمتين.