انطلاق التصويت في ثاني أيام المرحلة الثانية من انتخابات النواب بالخارج    أسعار الأسماك اليوم 22 نوفمبر.. «البلطي» يبدأ من 57 جنيها للكيلو    أسعار اللحوم الحمراء اليوم السبت 22 نوفمبر    شعبة مواد البناء: انخفاض الحديد 4 آلاف جنيه بسبب الركود.. وبعض المصانع تعمل ب 30% من طاقتها    استقرار سعر الريال السعودي في بداية تعاملات اليوم 22 نوفمبر 2025    خلال 5 أيام، التفتيش على 1273 منشأة بجميع المحافظات وتحرير 439 محضر حد أدنى للأجور    مادورو يواجه تهديدات ترامب ب"الرومبا" ويدعو الفنزويليين للرقص (فيديو)    مواعيد مباريات اليوم السبت 22 نوفمبر 2025 والقنوات الناقلة    ارتفاع تدريجي في الحرارة وأجواء خريفية مستقرة اليوم السبت 22 نوفمبر2025 فى المنيا    إصابة 28 عاملا فى حادث انقلاب سيارة ربع نقل بمركز سمسطا جنوب بنى سويف    تفاصيل ثانى جلسات محاكمة رمضان صبحى و3 آخرين فى قضية التزوير.. فيديو    مواقيت الصلاه اليوم السبت 22 نوفمبر 2025 فى المنيا    منافسات قوية في دوري المدارس    ليفربول في ورطة.. عقد صلاح يقترب من نهايته والعروض السعودية تضغط بقوة!    اليوم.. محاكمة 6 متهمين بقضية "خلية مصر الجديدة"    دميترييف: خطة واشنطن للسلام تهدف لوقف خسائر أوكرانيا    تخفي وراءها أمراضا قاتلة، خبراء أعصاب يحذرون من مخاطر نوبات الضحك غير الطبيعية    دافع عن خطيبته من متحرش.. فشوه المتهم وجهه وجسده بساطور    تعريفة ثابتة ولون موحد للمركبات البديلة للتوك توك قريبًا.. تفاصيل    حين صدحت مصر بصوتها.. حكاية «دولة التلاوة» كما رواها الناس    فرنسا لمواطنيها: جهزوا الطعام والماء لحرب محتملة مع روسيا    عمرو أديب: هو إحنا مانعرفش نعمل انتخابات بما يرضى الله.. اجعلوها شريفة عفيفة    سارة الشامي بفستان كلاسيكي أنيق في ختام مهرجان القاهرة السينمائي    الكشف الطبي على 5 أطفال في واقعة التعدي عليهم داخل مدرسة دولية بالسلام    الاتحاد الأوروبى يدعو طرفى القتال فى السودان لاستئناف المفاوضات    ضباب وشبورة كثيفة.. «الأرصاد» تحذر من الساعات المقبلة    «يوميات ونيس».. العمل الذي صنع ذاكرة جيل ورسّخ قيم الأسرة في الدراما المصرية    أسعار الدواجن والكتاكيت والبيض في السوق المصرية    بعد تصديق الرئيس.. تعديلات قانون الإجراءات الجنائية نقلة حقيقية في ملف حقوق الإنسان    فلسطين.. جيش الاحتلال يقتحم حي الضاحية في نابلس شمال الضفة الغربية    المرأة العاملة| اختيارها يحمي الأسرة أم يرهقها؟.. استشاري أسري يوضح    بيسكوف: مستوى اتصالات التسوية بين موسكو وواشنطن لم يحدد بعد    برنامج «دولة التلاوة» يعيد لمة العيلة المصرية على شاشة واحدة    حدد الموعد، رئيس الاتحاد الفرنسي يتحدث عن اقتراب زيدان لتدريب منتخب الديوك    محمد موسى يهاجم الجولاني: سيطرتك بلا دور.. والسيادة السورية تنهار    أبرزها وظائف بالمترو براتب 8000 جنيه.. «العمل» توفر 100 فرصة للشباب    تطورات مثيرة في قضية سرقة عصام صاصا للحن أغنية شيرين    محمد التاجي: لولا تدخل السيسي ل"طبل" الجميع للانتخابات وينتهي الأمر دون كشف التجاوزات    استشارية: خروج المرأة للعمل لا يعفي الرجل من مسؤولية الإنفاق أبدًا    عضو "الشؤون الإسلامية" يوضح حكم التعامل مع الدجالين والمشعوذين    صافي الأرباح يقفز 33%| بنك البركة – مصر يثبت قوته المالية    شيكو بانزا يوضح سبب تأخر عودته للزمالك    مداهمة مفاجئة تكشف الإهمال.. جمعية زراعية مغلقة وقرارات حاسمة من وكيل الوزارة    اتحاد الكرة يعلن حكام مباريات الأحد في الدوري الممتاز    مصطفى حجاج يكشف حقيقة الخلاف بينه وبين هاني محروس    صلاح بيصار ل العاشرة: أحمد مرسي علامة كبرى في الفن والأدب السريالي    محلل أداء الأهلى السابق: الفريق استقبل أهدافا كثيرة بسبب طريقة لعب ريبيرو    مسئول إسرائيلى: سنحصل على الشرعية لنزع سلاح حماس إذا لم ينجح الأمريكيون    أحمد حسن يكشف أسباب عدم ضم حجازى والسعيد للمنتخب الثانى بكأس العرب    محمد أبو سعدة ل العاشرة: تجميل الطريق الدائري يرتقى بجودة حياة السكان    11727 مستفيدًا في أسبوع سلامة الدواء بالمنوفية    رئيس جامعة المنيا يناقش إعداد الخطة الاستراتيجية للجامعة 2026–2030    نصر عبده: إعادة الانتخابات تصحح الصورة الدولية.. ومصر تأتي ببرلمان يريده الشعب    جعجع: لبنان يعيش لحظة خطيرة والبلاد تقف على مفترق طرق    عالم بالأوقاف: الإمام الحسين هو النور المكتمل بين الإمامة والنبوة    شوقي علام حول التعاملات البنكية: الفتوى الصحيحة تبدأ بفهم الواقع قبل الحكم    «الزراعة» تواصل حملاتها لحماية الثروة الداجنة    جامعة بنها ومؤسسة حياة كريمة ينظمان قافلة بيطرية بمنشاة القناطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تاريخ من المذابح
والجرائم والاستيطان إسرائيل.. حان وقت العقاب
نشر في الأهرام المسائي يوم 31 - 05 - 2018

70 عاما كاملة عاثت خلالها دولة الاحتلال الإسرائيلي القتل والدمار والاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة,70 عاما تمارس قوات الاحتلال غطرستها وتقتل الشباب والأطفال والنساء الفلسطينيين بدم بارد.. أعوام طويلة مرت والفلسطينييون يرزحون تحت وطأة الحصار والتعذيب والاعتقال الإسرائيلي
ورغم ذلك كانوا ينصتون لصوت السلام, فخاضوا مفاوضات شاقة منذ اتفاق أوسلو عام1993 ولمدة22 عاما حتي اكتشفوا أن تلك المفاوضات ما هي إلا إضاعة للوقت وتكريس للاستيطان والاحتلال, وفاقم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كل ذلك عقب إعلانه القدس الشرقية عاصمة لإسرائيل ليعطي مالا يملك لمن لا يستحق ونقل السفارة الأمريكية للمدينة المحتلة, مما فجر بركان الغضب الفلسطيني الذي تمثل في خروج آلاف الحشود التي عرفت بمسيرات العودة لتطالب بحق اللاجئين, وكان استهداف قوات الاحتلال لتلك الاحتجاجات السلمية بالرصاص الحي وسقوط مئات الشهداء والمصابين وصمة عار في جبين قوات الاحتلال وانتهاك صارخ للقانون الدولي واتفاقيات جنيف,
ونقطة ارتكاز فلسطينية جديدة لفتح ملف المذابح والمجازر الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني الأعزل أمام المحكمة الجنائية الدولية, فما أهم الجرائم التي أحالتها فلسطين أمام الجنائية الدولية, وهل يمكن بالفعل محاكمة إسرائيل الدولة غير العضو بالمحكمة, وما المميزات التي ستجنيها فلسطين من هذه الخطوة, وهل تمارس أمريكا ضغوطها لمنع هذا التحرك الفلسطيني الذي يوصم إسرائيل أمام العالم, وما الدعم المصري لفلسطين خلال هذا التحرك المصيري؟
بداية أكد د. أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي, عضو المجلس المصري للشئون الخارجية أن هذه ليست المرة الأولي التي تقوم فيها فلسطين الدولة العضو في المحكمة الجنائية الدولية بالطلب من المدعية العامة للمحكمة أن تقوم بالتحقيق الجنائي في جرائم تتهم إسرائيليين بارتكابها, موضحا أنه سبق للمدعية العامة للمحكمة فاستو بانتودا أن أعلنت منذ أكثر من عام أن مكتبها قد شرع في فتح( فحص أولي) في الجرائم التي تتهم دولة فلسطين إسرائيليين بارتكابها, سواء جرائم الاستيطان المستمرة منذ يونيو عام1967 أو جرائم الحرب التي ارتكبها جيش الدفاع الإسرائيلي في حملة( الجرف الصامد) عام.2014
وحول ما إذا كان من حق فلسطين إحالة جرائم الاحتلال الإسرائيلي أمام الجنائية الدولية علي الرغم أن إسرائيل ليست عضوة بها, قال سلامة: إن فلسطين دولة كاملة العضوية بالمحكمة منذ عام2014, ومن ثم فلها كل الصلاحية والاختصاص وفقا للمادة14 من نظام المحكمة أن تقوم بإحالة أي جرائم مدعي ارتكابها في إقليم دولة فلسطين, وبغض النظر عما إذا كان مرتكب الجريمة يحمل جنسية دولة ليست عضو في نظام المحكمة كما تدعي إسرائيل.
ويؤكد سلامة في ذات السياق أن المحكمة سبق لها وبواسطة مدعيها العام أن فتحت فحصا أوليا في جرائم الحرب الجسيمة التي أقرتها المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية عام2010 ضد عمال الإغاثة الإنسانية الأتراك حين قتلت قوات الكوماندوز البحرية الإسرائيلية أكثر من10 عمال إغاثة إنسانية مدنيين عزل في عرض البحر المتوسط وخارج المياه الإقليمية الإسرائيلية, وبعد أكثر من عام من الفحص الأولي أغلقت المحكمة ذلك الفحص ولم تتحرك للخطوة التالية, وهي فتح تحقيق جنائي تجاه مرتكبي جريمة الحرب الخطيرة, وبرر مكتب المدعي العام للمحكمة ذلك بأن هذه الجرائم لا تتوافر فيها عنصر النطاق الواسع أو الشدة المطلبين في جرائم الحرب وفقا لنظام المحكمة,
وهذا يثبت أنه علي الرغم أن إسرائيل ليست طرفا في نظام المحكمة الجنائية الدولية إلا أن ذلك لم يغل يد المحكمة في مباشرة التحرك وفتح التحقيقات الجنائية أو الفحوصات الأولية; حيث إن دولة جزر القمر والدولة العربية العضو في نظام المحكمة هي التي كانت قد طلبت من المحكمة الجنائية الدولية التحقيق الجنائي في هذه الجرائم.
جرائم اسرائيلية متعددة
وأكد سلامة أنه بموجب الإحالة التي قدمتها فلسطين والإعلان الرسمي من السيدة فاستو بانتودا المدعي العام بتلقيها طلب الإحالة من وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي فإن المحكمة الجنائية الدولية يمكنها أن تقوم مباشرة بالتحقيق الجنائي في جرائم الاستيطان الإسرائيلية المستمرة منذ يونيو عام1967, وجرائم قتل الفلسطينيين العزل في المظاهرات السلمية التي استمرت علي مدار أكثر من شهر في قطاع غزة والتي أسفرت عن استشهاد عشرات الفلسطينيين وإصابة أكثر من2000 آخرين.
ويجزم د. سلامة أن مكتب المدعي العام سيقوم بالتحقيق الجنائي في جميع هذه الجرائم التي تتهم فلسطين الإسرائيليين بارتكابها.
وكشف د.سلامة أن المحكمة الجنائية لا تلاحق جنائيا الدول أو الحكومات, ولكنها تلاحق الأشخاص مرتكبي الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة, وهي جرائم الحرب والإبادة الجماعية, وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والعدوان.
وتوقع د. سلامة أن تشمل التحقيقات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ووزير الدفاع أفيجدور ليبرمان, وقائد قوات حرس الحدود, وقائد التشكيل العسكري الإسرائيلي المكلف بالتعامل مع المظاهرات الفلسطينية الأخيرة.
قوة مفرطة
وأضاف سلامة أن المدعي العام ستتحقق من كل الأدلة والمصوغات الفلسطينية عن الاستخدام المفرط للقوة المسلحة من جانب القوات الإسرائيلية, وستتحقق أيضا من انتهاك قواعد الاشتباك الإسرائيلية لمبادئ وقواعد القانون الدولي الراسخة والمعنية بكيفية تعامل عناصر إنفاذ القانون مع التوترات أو الاضطرابات الداخلية.
وتعليقا علي حكم المحكمة الإسرائيلية العليا بشرعنة قتل المتظاهرين الفلسطينيين ونفي أي مسئولية للقوات الإسرائيلية عن قتل وإصابة المتظاهرين الفلسطينيين أكد د. سلامة أن ذلك الحكم يعد حجة علي إسرائيل وحكومتها, ولا تستطيع تل أبيب أن تتنصل من ذلك الحكم الذي وصف ما حدث في غزة بأنه نزاع مسلح بين جيش الاحتلال وميليشيات فلسطينية مسلحة وهذا يعني إقرار واعتراف صريح ومباشر, وليس ضمنيا من جانب إسرائيل بشرعية المقاومة المسلحة للفصائل الفلسطينية, وأنها ليست فصائل أو منظمات إرهابية, كما ادعت ذلك إسرائيل دوما بكذب وافتراء.
وقال د. سلامة كيف للمحكمة الإسرائيلية أن تتجاهل وتنكر الحقيقة الدامغة بأن قوات الاحتلال الإسرائيلية استخدمت القوة المسلحة المفرطة في التعامل مع المتظاهرين السلميين الأبرياء, مضيفا أن المحكمة لم تقدم دليلا واحدا علي إصابة اي من قوات الاحتلال علي مدار هذه المظاهرات التي استمرت أكثر من شهر, مما يؤكد أن العناصر الضرورية المتطلبة للجوء للقوة المسلحة من جانب إسرائيل لم يكن لها أي مبرر, أو سند شرعي أو قانوني, ولم تكن هناك أي ضرورة حتي ترتكب إسرائيل هذا القتل الممنهج للمتظاهرين الأبرياء السلميين العزل.
وأكد سلامة أن المحكمة الجنائية الدولية في مثل هذه الحالات ستقر بمسئولية رئيس الوزراء الإسرائيلي وكل الوزراء وغيرهم من المشاركين في مجلس الأمن الإسرائيلي المصغر الذي انعقد قبل بدء هذه المسيرات الفلسطينية السلمية مباشرة, وصادق علي قواعد الاشتباك لقوات الاحتلال الإسرائيلي الخارقة لمبادئ وقواعد القانون الدولي.
افتراءات الإخوان
وردا علي احتمال وقوف الضغوط الأمريكية كعائق يحول دون محاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين أمام المحكمة الجنائية الدولية, قال د. سلامة: إن هذه المحكمة هيئة قضائية محايدة نزيهة وسبق أن أصدرت قرارها القضائي برفض ادعادات حزب الحرية والعدالة ضد الحكومة المصرية عامي2014 و2015 عن طريق فريقهم القانوني الذي كان يترأسه اللورد البريطاني ماكدونالدز المدعي العام السابق; حيث تضمن قرار رفض المحكمة لتلك الادعاءات:( أن هذه المحكمة هيئة قضائية جنائية دولية مستقلة ويلتزم قضاؤها ومدعوها العام التزاما صارما بالنظام الأساسي لهذه المحكمة, ولا تحركها أي منافع سياسية أو مآرب شخصية, وأن نظام المحكمة هو الموجه الوحيد لعدالة المحكمة).
ومن جانبه, قال د. طارق فهمي رئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط: إن المخطط الفلسطيني يتضمن التقدم رسميا للمحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في كل الممارسات الإجرامية الإسرائيلية بحروب غزة الأخيرة وصولا لأحداث مسيرات العودة الفلسطينية يوم14 مايو الماضي, مشيرا إلي أن هذا المخطط يستهدف معاقبة إسرائيل وبدء تحقيقات دولية بشأن ممارساتها الإجرامية.
لماذا الآن ؟
وأكد د. طارق أن الجانب الفلسطيني يعد العدة قبل دورة سبتمبر المقبل, وهو موعد انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة, والتي سيسبقها طلب التقدم بالحصول علي العضوية وتغيير صفة فلسطين لكامل العضوية.
وكشف د. طارق عن بداية إجراءات فلسطينية عربية لنزع شرعية إسرائيل في المحافل الدولية, وهو أمر تخشاه إسرائيل وتعتبره يمس وجودها, خصوصا أنه مر علي قيامها70 عاما, وبالتالي نزع شرعية وجودها السياسي سيكون مكلفا للغاية في إسرائيل.
وأوضح د. طارق أن ذلك يتعلق بتشكيل حملة إعلامية قانونية يشارك فيها عدد من فقهاء القانون وأساتذة السياسة علي المستوي العربي والدولي لتقديم ملف بالانتهاكات الإسرائيلية في المحافل الدولية, كما ستقوم الفضائيات العربية بحملة لنزع شرعية إسرائيل خصوصا الفضائيات العربية التي تتحدث بلغات أجنبية, إلي جانب قيام الأكاديميين العرب في أوروبا وأمريكا بحملة كبيرة للتنديد بالممارسات الإسرائيلية الوحشية وذلك علي غرار نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا.
د. طارق أكد أيضا رغبة الجانب الفلسطيني في إعادة تدوير حساباته السياسية والإستراتيجية في ظل استمرار الانحياز الأمريكي غير المسبوق تجاه إسرائيل وإسقاط الثوابت الخاصة بعملية المفاوضات والتي التزمت بها الإدارات الأمريكية السابقة منذ أكثر من25 عاما, موضحا أن التحرك الفلسطيني تجاه المحكمة الجنائية الدولية سوف تستتبعه خطوات أخري سترتبط بالالتحاق ب22 منظمة دولية وذلك بهدف اكتساب مركز سياسي وقانونيا في الفترة المقبلة.
وذكر د. طارق أن هذا الأمر سيدفع الإدارة الأمريكية إلي تقليص الموازنة الأمريكية في هذه المنظمات, كما سبق وتقلصت سابقا في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين( الاونروا), وهو ما حذر منه المتحدث باسم البيت الأبيض أخيرا.
المكاسب الفلسطينية
ومن أهم المميزات التي ستحصل عليها فلسطين جراء إحالة مسئولين إسرائيليين للجنائية الدولية, وفقا لدكتور طارق فهمي, محاولة إحداث اختراق في المواقف الأمريكية والإسرائيلية, ووقف الخطوات الإسرائيلية في ملفات قضية الصراع العربي الإسرائيلي خشية أن تقوم الإدارة الأمريكية بالاعتراف بضم المستوطنات, وإلغاء بنود حق العودة, وإغلاق ملف اللاجئين مما قد يسقط القرارات الدولية الشهيرة وهي242 و338 و193 و194 وهي قرارات حاكمة للصراع وثوابته التاريخية.
وأضاف د. طارق, أن هناك مكسبا مهما جدا وهو تطبيق مفاهيم العدالة الدولية بعدم إسقاط المسئولية الدولية علي احتلال الأراضي المحتلة واعتبارها أرضا لا تزال محل تنازع, مما يتطلب الحفاظ عليها قبل الدخول في أي مفاوضات قادمة مع أي حكومة إسرائيلية في الفترة المقبلة.
إلا أن د. طارق لم يستبعد المزيد من التشدد الإسرائيلي والأمريكي نتيجة هذه الخطوة, والاتجاه للخيارات الانفرادية, وتأجيل طرح مشروع السلام والتسوية التي أعلن عن طرحها الرئيس الأمريكي ومساعدوه كوشنر وفريدمان في منتصف يونيو المقبل, كما أن هذه الخطوة الفلسطينية سوف تعطي ذريعة لأمريكا وإسرائيل لتأجيل أي حديث عن أي مفاوضات أو اتفاقيات مالم توقف السلطة الفلسطينية إجراءاتها بالجنائية الدولية, خصوصا أن إسرائيل تتخوف من تفعيل عضوية فلسطين في عدد من المنظمات الأخري مثل( الإنتربول الدولي) مما قد يدفع لملاحقة مجرمي الحرب خارج إسرائيل
حيث تعد السلطة الفلسطينية قوائم كاملة لعدد كبير من السياسيين والعسكريين الإسرائيليين وقادة تشكيلات الحروب الأخيرة ومنهم رئيس الأركان الإسرائيلي الحالي غادي أيزنكوت والسابق شاءول موفاز, ورؤساء الائتلاف المشاركين في قرارات الحروب السابقة علي قطاع غزة.
وكشف د. طارق أن الرئيس الفلسطيني أبو مازن سوف يطلب من الجمعية العامة للامم المتحدة وضع الاراضي العربية المحتلة تحت الحماية الدولية لحين الفصل في العضوية للدولة الفلسطينية في الجمعية العامة وما ستتتبعها من خطوات عملية في هذا السياق.
الدعم المصري
وبالنسبة للتحرك المصري لمساندة فلسطين أكد د. طارق, أن هناك تنسيقا بين وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي والوفد المصري في الأمم المتحدة بالتنسيق مع الأشقاء في الكويت باعتبارهم أعضاء غير دائمين في مجلس الأمن للتأثير في دول مجلس الأمن خصوصا روسيا والصين وفرنسا بالأساس لتحديد مسارات التحرك القادم بناء علي دعم مصر والرئيس عبد الفتاح السيسي للقضية الفلسطينية, علاوة علي التنسيق المصري المتصل مع الوفد الفلسطيني في الجمعية العامة والمجموعة العربية أيضا لبناء موقف مصري فلسطيني عربي قبل اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل.
ومن جانبه أكد السفير رخا حسن مساعد وزير الخارجية الأسبق, عضو المجلس المصري للشئون الخارجية أن الدعم المصري للفلسطينيين سياسي وقانوني وسيتم ذلك من خلال الاتصالات الدبلوماسية علي مستوي وزير الخارجية ووزراء الخارجية الذين يزورون مصر, وسوف تطلب مصر الدعم في مسارين الأول: توفير الحماية للشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة, خاصة في غزة والضفة الغربية; حيث يتعرضوا لانتهاكات إسرائيلية جسيمة تخالف القانون الدولي, والمسار الثاني هو التحقيق في الجرائم الإسرائيلية ضد الفلسطينيين من خلال الاتصالات الدبلوماسية.
وذكر السفير رخا أن وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي قدم ملفات للمحكمة الجنائية الدولية بشأن جرائم الاحتلال الإسرائيلي, وتتضمن( سيديهات) مصورة بواسطة مراسلين أجانب وليست مجرد وثائق وسقوط شهداء ومصابين.
وأضاف أنه إذا نجحت فلسطين في الوصول إلي حكم أو اثنين ضد الإسرائيليين سيكون مكسبا كبيرا خاصة من الناحية المعنوية, مشيرا إلي أن أمريكا وأوروبا سوف يضغطون علي فلسطين بحجة أن هذه الخطوة ستؤدي لعرقلة عملية السلام التي هي غير موجودة من الأساس, مشددا علي أن إسرائيل ارتكبت أعمالا ترتقي إلي جرائم حرب أو ضد الإنسانية, وتخالف القانون الدولي ومعاهدات جنيف التي تنظم سلطات دولة الاحتلال.
اعتراف إسرائيلي
وكشف السفير رخا عن رأي قانوني لمستشار وزارة الخارجية الإسرائيلية في عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق ليفي إشكول عقب حرب1967 مباشرة وذلك عندما بدأ التفكير في إقامة مستوطنات لليهود في الأراضي المحتلة; حيث قال له مستشار الخارجية: إنه بالنسبة للأراضي المحتلة يجوز لدولة الاحتلال أن تنشئ مستوطنات عسكرية وذلك لدواعي حماية قوات الاحتلال, أما المستوطنات المدنية فهي غير شرعية وفقا للقانون الدولي ولا يجوز إقامتها علي الأراضي المحتلة.
قضية رأي عام
ومن جانبه أكد السفير د. السيد أمين شلبي الأمين التفيذي للمجلس المصري للشئون الخارجية أن التوجه للمحكمة الجنائية الدولية هو أحد التوجهات الفلسطينية في العمل الدولي لأن العمل الحربي أو الصدام ليس في صالحهم, مشيرا إلي استخدام واستثمار الفلسطينيين للمنظمات الدولية التي يتفهم معظمها وضع القضية الفلسطينية ولديها رفض للانتهاكات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين.
وأضاف أنه من حسن الحظ أن الرأي العام الدولي ومنظمات دولية كثيرة أصبحت تساند الفلسطينيين وتعترض علي السلوك الإسرائيلي, مشددا علي أنه علي الفلسطينيين استثمار ذلك. وأكد السفير شلبي أن المظاهرات والاحتجاجات الفلسطينية السلمية من الأعمال التي تلفت نظر المجتمع والرأي العام الدولي لما يتعرض له الفلسطينيون من انتهاكات إسرائيلية جسيمة, مما جعل منظمات دولية تتحرك ضد إسرائيل وتنادي بمقاطعتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.