الأسطر التالية تجيب عن تساؤلات تدور في خلد الكثير خاصة بالطاعات في شهر رمضان المعظم والذي يعد شهر المنافسة للفوز بالرحمة والمغفرة من الله عز وجل وفيه نفحات ربانية تملأ بيوت المسلمين بالخيرات, وتحث المؤمن علي الجود والكرم ومساعدة الفقراء.. والحكمة من الصيام والهدف منه ومبطلاته وأجر الصائمين وحقيقة سلسلة الشياطين. يقول الشيخ عبدالحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوي سابقا إن شهر رمضان من المنح الإلهية التي امتن الله بها علي أمة محمد صلي الله عليه وسلم فقال علماء اللغة إن كلمة رمضان مأخوذة من( الرمضاء) والمقصود بها الحجارة المحماة وقد سمي بهذا الاسم لأنه يحرق الذنوب جميعا, فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال يا رسول الله, إنك حين صعدت المنبر, قلت: آمين. آمين. آمين. قال: إن جبريل عليه السلام أتاني, فقال: من أدرك شهر رمضان, فلم يغفر له, فمات, فدخل النار, فأبعده الله, قل: آمين. فقلت: آمين. قال: ومن أدرك أبويه, أو أحدهما, فلم يبرهما, فمات, فدخل النار, فأبعده الله, قل: آمين. فقلت: آمين. قال: ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك, فمات, فدخل النار, فأبعده الله. قل: آمين. فقلت: آمين لذا فإن رمضان فرصة لغفران الذنوب كلها ولذلك يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه يقول, قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: قال الله: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به والصيام جنة وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح وإذا لقي ربه. ويضيف الأطرش أن الصائم حينما يصوم فهو يرتقي إلي درجة أكبر من الملائكية لأنه يمتنع عن تناول الطعام والشراب والشهوة التي خلقت بداخله من طلوع الفجر السابق وحتي غروب شمس اليوم الثاني بنية التقرب إلي الله تعالي, علي عكس الملائكة الذين لا يأكلون ولا يشربون ولم تركب فيهم الشهوة ولا يتحملون مشقة الصيام ومن هذا المنطلق جاءت أفضلية الصائم عند الله. ويقول ان الله تعالي أعطي الصائمين من أجر لا يعلمه إلا هو وورد في الحديث قول رسول الله صلي الله عليه وسلم:أعطيت أمتي في شهر رمضان خمسا لم يعطهن نبي قبلي, أما واحدة فإذا كان أول ليلة من شهر رمضان نظر الله إليهم ومن نظر إليه لم يعذبه أبدا, وأما الثانية فإنهم يمشون وخلوف أفواههم أطيب عند الله من ريح المسك, وأما الثالثة فإن الملائكة تستغفر لهم في ليلهم ونهارهم, وأما الرابعة فإن الله يأمر جنته أن استعدي وتزيني لعبادي فيوشك أن يذهب عنهم نصب الدنيا وأذاها ويصيرون إلي رحمتي وكرامتي, وأما الخامسة فإذا كان آخر ليلة غفر الله لهم جميعا. قال: فقال قائل: هي ليلة القدر يا رسول الله, قال: لا, ألم تر إلي العمال إذا فرغوا من أعمالهم وفوا. ويؤكد أنه ينبغي علي الصائم أن يتحلي بمكارم الأخلاق فإنه كالوردة المتفتحة وسط البستان حينما يمر الإنسان بجواره ويشاهد جمال الورد يجذبه وإذا ما دنا منها شم رائحة طيبة وإذا وضع يده علي ورقها وجد ملمسها كالحرير, فكذلك الصائم كما قال: صلي الله عليه وسلم: إذا أصبح أحدكم يوما صائما, فلا يرفث ولا يجهل, فإن امرؤ شاتمه أو قاتله, فليقل: إني صائم إني صائم. واما عن الهدف من الصيام فيحدثنا الشيخ علي أبو الحسن رئيس لجنة الفتوي الأسبق بالأزهر ويقول إن الصيام في حد ذاته تهذيب للنفس ومراقبة للضمير وتعويد علي الصبر ومشاركة للفقراء حتي يشعر المسلم بمرارة وألم الجوع فيعطف عليهم, كما أنه صيام للروح قبل الجوارح فقال رسول الله( صلي الله عليه وسلم) ومن صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. كما يلفت إلي أن فريضة الصيام كانت شاقة فكان يضاف للصائم ساعة بعد أذان المغرب ليتناول إفطاره ويشترط الا يأتي عليه المغرب وهو نائم ولو حدث ذلك يضطر إلي إكمال صومه حتي اليوم الثاني, إلا أن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينما نحن جلوس عند رسول الله صلي الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله, هلكت, قال: مالك؟ قال: وقعت علي امرأتي وأنا صائم فرد عليه رسول الله وأيحدث منك هذا يا ابن الخطاب؟, حتي نزلت الآية الكريم أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلي نسائكم, هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم, فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم, وكلوا واشربوا حتي يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر, ثم أتموا الصيام إلي الليل, ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد, تلك حدود الله فلا تقربوها, فكانت هذه أول فسحة للصائم يمسك عن الطعام والشراب من طلوع الفجر الصادق إلي غروب الشمس بنية التقرب إلي الله تعالي. وعن صلاة التراويح فيقول د. إسلام هاشم عضو لجنة الفتوي بالأزهر إن سنة القيام التي سنها رسول الله بعد صلاة العشاء والتي تؤدي ثماني ركعات قد تكون جماعة الرجل مع أهله أو في المسجد ليست فرضا علي الجميع ولكنها تكملة لروشتة الصائم في رمضان لكي يجتاز الشهر الكريم وهو مغفور له فكثرة الصلاة تكفر الذنوب والخطايا وتعتبر قربانا إلي الله عز وجل, ولكن من ليس لديه القدرة علي ذلك فليقرأ ماتيسر من القرآن ويذكر الله ويستغفر كثيرا والأهم من كل ذلك أن يصوم عن الغيبة والنميمة والمشاحنات والتي تعد من مبطلات الصيام وتنقص من عمل المسلم في رمضان. ويضيف أن الصيام يهذب النفوس ويبعد الشياطين وقد جاء في الحديث قال رسول الله: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجري الدم, فضيقوا مسالكه بالجوع, كما انه يقرب العبد من ربه فقال صلي الله عليه وسلم: وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه, وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتي أحبه, بخلاف أن الثقة في الله والتضرع إليه مطلوبة في هذا الشهر الكريم ففي الحديث الشريف كيف أصبحت يا حارث؟, قال: أصبحت مؤمنا حقا, قال: انظر ما تقول فإن لكل قول حقيقة. قال: يا رسول الله, عزفت نفسي عن الدنيا, فأسهرت ليلي وأظمأت نهاري, وكأني بعرش ربي عز وجل بارزا, وكأني أنظر إلي أهل الجنة يتزاورون فيها, وكأني أنظر إلي أهل النار يتعاوون فيها. وأما عن القول بأن الشياطين تسلسل في رمضان فيقول إن المقصود هنا ليس تقييدا للشياطين بمعناه الفعلي ولكن المقصود هو أن من كثرة تقرب المسلم لله بالطاعات والصلوات والصيام فلا يكون للشيطان عملا لأن ذكر الله يبعد الشياطين, فعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: إن إبليس قال يا رب وعزتك وجلالك لا أزال أغوي بني آدم ما دامت أرواحهم في أجسامهم, فقال الرب: وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني,وهو مايدل علي أنه متي أصبح الصائم فانه يستعصي علي الشيطان.