ما بين عام2014 وحتي2018, تغير حال الاقتصاد المصري بشكل كبير, حيث شهد عام2014 تراجعا في معدلات النمو وارتفاع عجز الموازنة وعجز الميزان التجاري, ونسبة البطالة, وتراجع حجم احتياطي النقد الأجنبي, وتراجع حجم الاستثمارات الأجنبية, ومعدلات السياحة, ولكن مع العام الماضي فقد تغير الوضع تماما, حيث ارتفعت معدلات النمو وتراجع عجز الموازنة العامة للدولة, وأيضا عجز الميزان التجاري, وارتفع حجم الاحتياطي الأجنبي إلي أرقام غير مسبوقة, وارتفع صافي حجم الاستثمارات, هذا ما أكده خبراء الاقتصاد من خلال تقييمهم للوضع الاقتصادي خلال هذه السنوات, وما مر به من فترات عصيبة وحتي تحقيقه أرقاما ومعدلات أشادت بها معظم المؤسسات الدولية العالمية... يقول الدكتور هشام إبراهيم, أستاذ الاستثمار والتمويل بجامعة القاهرة, إن الفترة من عام2014 وحتي نهاية2017, تعد فترة قليلة في الاقتصاد, كما أنها لم تكن بالفترة السهلة, في ظل الظروف غاية الصعوبة سواء داخليا أو خارجيا. أضاف, فيما يتعلق بالنواحي الداخلية فقد كانت هناك صعوبات تتمثل في مواجهة الإرهاب, فضلا عن أن البنية الأساسية لم تكن ملائمة علي جميع النواحي, ومؤشرات الاقتصاد في حالة تراجع علي كل المستويات سواء في عجز ميزان المدفوعات أو الميزان التجاري وأيضا العجز بالموازنة العامة للدولة وكذلك تراجع معدلات النمو, وأيضا لم يكن هناك دستور أو مجلس نواب, وبالتالي فالأوضاع الاقتصادية في عام2014 كانت في غاية الصعوبة. وأشار إلي أنه فيما يتعلق بالنواحي الخارجية, فقد كانت هناك أطراف تعمل ضد نهوض الدولة المصرية وعدم الاعتراف بالقيادة السياسية بعد ثورة30 يونيو, فضلا عن أن المنطقة المحيطة بنا كانت ملتهبة بالصراعات والحروب كما هو الحال في سوريا وليبيا والعراق واليمن والسودان, وأيضا التقلبات التي شهدها الاقتصاد العالمي خلال هذه الفترة, وبالتالي فقد كانت هذه الفترة رغم قصرها إلا أنها تعد من أصعب الفترات الاقتصادية التي مرت بها مصر. ويوضح أنه كان هناك تراجع واضح في قطاعات مهمة ومؤثرة مثل الكهرباء والإسكان والغاز وأيضا البترول والذي يعد من القطاعات الضاغطة علي الاستثمار والموازنة, كما أن العجز في مصادر الطاقة كان يحمل موازنة الدولة سنويا أكثر من18 مليار دولار لاستيراد مشتقات البترول, ولكن مع نهاية العام الماضي أصبح هناك اكتفاء ذاتي من الغاز, كما تراجع حجم استيراد مشتقات البترول. وفيما يتعلق بالاستثمارات, يؤكد أن حجم الاستثمارات خلال عام2014 كان ضئيلا للغاية ولم يكن يزيد علي ثلاثة مليارات دولار سنويا, ولكن حاليا أصبح يصل إلي8 مليارات دولار ومتوقع أن يصل إلي10 مليارات دولار بنهاية العام المالي الحالي. ولفت إلي أن معدلات النمو خلال عام2014 كانت لا تزيد علي2%, ولكن مع نهاية عام2017 بلغت5%, ومتوقع أن تصل إلي6% مع نهاية العام المالي الجاري, كما تراجعت معدلات البطالة لتصل إلي11.9%, بعدما كانت قد بلغت13.8%. وأشار إلي أن مستوي احتياطي النقد الأجنبي بالبنك المركزي ارتفع ليصل إلي42.5 مليار دولار وهو أعلي مستوي في تاريخه, بعدما كان لا يزيد علي16 مليار دولار عام2014, كما ارتفعت عائدات السياحة لتقترب من10 مليارات دولار مع نهاية2017, بعدما كانت لا تزيد علي3 أو4 مليارات دولار من قبل. وأوضح أن أعباء التنمية التي كانت بحاجة إلي مزيد من التمويل أدت إلي ارتفاع حجم الدين الخارجي من42 مليار دولار إلي81 مليار دولار, كما ارتفع حجم الدين الداخلي من2.8 تريليون جنيه إلي4 تريليونات جنيه, ولكن في ظل تحسن الظروف الاقتصادية الحالية فإن مصر تستطيع الوفاء بالتزاماتها الخارجية, وأيضا تراجع حجم الدين الداخلي. وتابع: القطاعات الحالية أصبحت جاذبة للاستثمار في ظل وجود قانون استثمار جديد ولائحة تنفيذية تعطي المزيد من الحوافز للمستثمرين المحليين والأجانب علي حد سواء, فضلا عن القوانين المكملة مثل قانون الإفلاس, وتعديل قانون الشركات, مما جعل مناخ الاستثمار في مصر مناخا جيدا وجاذبا للاستثمارات, بل أصبحت مصر الدولة الأولي جذبا للاستثمارات متفوقة علي جنوب أفريقيا. من جانبه قال الدكتور فخري الفقي, الخبير الاقتصادي ومستشار صندوق النقد الدولي سابقا, إن الاقتصاد المصري اعتمد علي ثلاثة محاور رئيسية خلال الفترة من2014 وحتي نهاية2017, مشيرا إلي أن المحور الأول كان يهتم بتوفير المناخ السليم للاقتصاد وتعافيه مرة أخري مما ألم به خلال السنوات ما قبل2014, فضلا عن تحقيق الاستقرار الشامل واكتمال مكونات الدولة من برلمان ودستور ورئيس, وأيضا استقرار البعد الأمني, كل ذلك من أجل تمهيد الطريق لتعافي الاقتصاد. وأضاف أن المحور الثاني اعتمد علي تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة, من خلال وضع أساسيات وقواعد, موضحا أن الاهتمام بالبنية الأساسية التي تعد أساس الاقتصاد من خلال إنشاء شبكة الطرق ومشروعات توليد الكهرباء, واستصلاح1.5 مليون فدان, وتطوير الموانئ والمطارات وشبكات الاتصالات والنقل, وإقامة المناطق الصناعية ذات الطابع الخاص مثل محور قناة السويس, فضلا عن إقامة مشروعات الإسكان الاجتماعي والمتوسط, وتطوير العشوائيات, وتحسين التشريعات التي تجذب الاستثمارات. وتابع الفقي: فيما يتعلق بالمحور الثالث, كان يتمثل في الإصلاح, والذي لم يكن ممكنا البدء فيه إلا من خلال شعور الشعب المصري بأن هناك أملا في نهاية النفق المظلم, وتم ذلك من خلال بعض الحزم والإجراءات التي تصب لحماية الطبقات الأكثر تضررا. ويشير إلي أن برنامج الإصلاح الوطني الذي عملت عليه الحكومة مع بعض مؤسسات التمويل الدوليه, والذي كان يهدف إلي تمويل الفجوة التمويلية بين الاستثمارات الطموحة, والمدخرات القليلة, حيث بدأ هذا البرنامج في نوفمبر2016, ويستمر لمدة ثلاث سنوات, وخلال العام الأول شهد تحقيق تطورات إفي كل المؤشرات الاقتصادية. ويوضح أن هذه التطورات شملت ارتفاع معدلات النمو لتقترب من5%, وزيادة حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة لتصل إلي8 مليارات دولار, وتراجع معدلات البطالة لتصل إلي11.9%, وتراجع عجز الموازنة لتبلغ10.8% مقارنة بمتوسط12.5%, ومتوقع أن تصل إلي9.5%, وارتفاع حجم احتياطي النقد الأجنبي إلي42.5 مليار دولار يغطي الاحتياجات الاستيرادية لأكثر من8 شهور, تراجع معدلات التضخم بعدما وصلت إلي أعلي مستوي لها بعد تحرير سعر الصرف ورفع جزء من الدعم عن المحروقات والكهرباء, والتي وصلت إلي33%, حيث وصلت إلي17% خلال يناير الماضي ومتوقع أن تصل إلي12% مع نهاية العام المالي. ولفت إلي أن التحدي الأكبر الذي يواجه الحكومة هو ارتفاع الدين العام ليصل إلي108% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي, ومن المتوقع أن يتراجع إلي100% مع نهاية السنة المالية الحالية, وهو بالفعل التحدي الكبير الذي تواجهه الحكومة, مؤكدا أن ما تم خلال السنوات الأربع الماضية يعد بالفعل إنجازا كبيرا. وقال الدكتور فرج عبد الفتاح, أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة, إنه خلال عام2014 كانت هناك نظرة لإعادة بناء وتأسيس الاقتصاد المصري, وهو أمر في غاية الأهمية, لأننا لم نكن نستطيع الاستمرار إلا من خلال إعادة البناء ووضع أسس سليمة يبني عليها الاقتصاد المصري. ويوضح أنه في عام2014 شهد تراجعا كبيرا في كل المؤشرات الاقتصادية سواء علي مستوي معدلات النمو أو الاستثمارات أو السياحة, وكذلك حجم الاحتياطي الأجنبي, وارتفاع عجز الموازنة ونسبة البطالة, وعجز الميزان التجاري, وهي ظروف بالطبع كانت في غاية الصعوبة خاصة علي متخذ القرار. وأضاف أنه علي الرغم من كل هذه الصعوبات, فإن هذه الفترة شهدت وضع قواعد وأسس لبناء وازدهار الاقتصاد خلال السنوات المقبلة, وهو ما عملت عليه الحكومة من خلال برنامج الإصلاح الاقتصادي, والذي بدأنا بالفعل نشعر بثماره الإيجابية. وأشار إلي أن ما تم إنجازه في قطاع البنية الأساسية, خلال هذه السنوات كان أمرا غير متوقع, وهو ما تمثل في حجم الطرق التي تم إنشاؤها, وكذلك زيادة محطات الكهرباء, والتوسع في استخدام الطاقة الجديدة والمتجددة, والاكتشافات التي تمت في قطاع البترول والغاز, وآخرها حقل ظهر والذي يوفر احتياطيا كبيرا من الغاز لمصر خلال السنوات المقبلة. وأكد أن كل المؤشرات الإيجابية التي يشهدها الاقتصاد المصري حاليا بشهادة المؤسسات الدولية الكبري هو خير دليل علي نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي انتهجته الحكومة خلال السنوات الماضية.