أعرب مندوب مصر الدائم لدي الأممالمتحدة السفير عمرو أبوالعطا, عن بالغ القلق من التداعيات المحتملة للقرار الأمريكي بشأن القدس علي استقرار المنطقة, لما ينطوي عليه من تأجيج مشاعر الشعوب العربية والإسلامية نظرا للمكانة الروحية والثقافية والتاريخية الكبيرة لمدينة القدس في الوجدانين العربي والإسلامي. وأشار السفير عمرو أبو العطا- في كلمة مصر أمس خلال جلسة مجلس الأمن الطارئة بشأن القدس إلي تأثيرات القرار الأمريكي السلبية للغاية علي مستقبل عملية السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي, والتي تأسست مرجعياتها علي اعتبار أن مدينة القدس تعد إحدي قضايا الوضع النهائي التي سيتحدد مصيرها من خلال المفاوضات بين الأطراف المعنية. وقال أبوالعطا: ما نشهده اليوم هو انعكاس للتخوف الشديد الذي انتاب المجتمع الدولي خلال الأيام القليلة الماضية إزاء إحدي القضايا التي أدرجت علي جدول أعمال مجلس الأمن منذ إنشائه, وهي القضية الفلسطينية.. بل يعكس أيضا التخوف من عواقب وآثار القرارات الأحادية التي تخالف القانون الدولي وتهدد منظومة العلاقات السياسية, والتي تأسست علي ميثاق الأممالمتحدة منذ أكثر من70 عاما للحيلولة دون تكرار مآسي الحروب, وضمان تنظيم العلاقات بين الشعوب في عصر من المفترض أنه يراعي الحقوق الأساسية لتلك الشعوب علي أساس من المساواة. وأكد مندوب مصر أن مجلس الأمن يجتمع اليوم في جلسة طارئة بناء علي طلب أغلبية أعضائه الذين ينتابهم, وعدد كبير من دول وشعوب العالم, القلق إزاء مسألة تتعلق بحفظ السلم والأمن الدوليين, وذلك في سابقة مهمة وغير تقليدية تستدعي التوقف عندها. وأضاف ما نحن بصدده اليوم هو اختبار لتلك المنظومة واختبار لسيادة القانون, ولن يتحقق النجاح في هذا الصدد إلا من خلال العمل الجماعي في إطار الشرعية الدولية, أما إذا استسلمنا للفشل فسيكون علينا التعامل مع عواقب وخيمة, بقضية اليوم أو غيرها من القضايا الدولية, ولسنوات طويلة مقبلة. وتابع أبوالعطا قائلا: إن عمر مسألة القدس الشريف يمتد إلي جذور التاريخ, وتعلق قلوب أجيال من شعوب العالم من الأديان السماوية الثلاثة بها يرجع لمئات السنين, قد تمكن المجتمع الدولي في العصر الحديث من خلال الأممالمتحدة من وضع محددات قانونية للتعامل معها منذ أن قررت تلك المنظمة إنشاء دولتين علي أرض فلسطين وفقا للقرار رقم181. وقال أبوالعطا إن المنطق الوحيد, والحقيقة الثابتة الوحيدة في التعامل مع القدس الشريف في إطار القضية الفلسطينية, هو هذا المنطق وتلك الحقيقة التي انعكست في القانون الدولي المتمثل في قرارات الأممالمتحدة, لاسيما قرارات هذا المجلس, والتي رفضت بما لا يدع مجالا للشك احتلال القدس الذي بدأ عام.1967 وأضاف بما أن مجلس الأمن يجتمع اليوم لتأكيد خطورة المساس بالمحددات القانونية التي تم التوصل إليها علي مدار عشرات السنين, فلعله من المناسب هنا استذكار أهم قرارات مجلس الأمن الملزمة, القديم منها والحديث, بشأن القدس; فالقرار242 نص علي انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها عام1967 ومن ضمنها القدس, كما رفض القرار478 احتلال المدينة بالقوة, واعتبر ما يسمي ب(القانون الأساسي) الذي فرضته إسرائيل انتهاكا للقانون الدولي ولا يغير من الوضع القانوني للمدينة, ولا يؤثر علي تطبيق اتفاقية جنيف المعنية بحماية المدنيين في وقت الحرب علي القدس الشريف. وشدد السفير عمرو أبوالعطا علي أنه من المهم أيضا استذكار آخر قرارات مجلس الأمن الصادرة في هذا الشأن, والتي لم يتخط عمرها العام الواحد, وهو القرار2334 الذي أكد عدم اعتراف المجلس بأي تغير في خطوط الرابع من يونيو لعام1967, بما في ذلك ما يتعلق بالقدس الشريف, إلا من خلال التفاوض بين الأطراف. وأشار إلي أن القرار478 طالب أيضا بسحب جميع البعثات الدبلوماسية من مدينة القدس كون المجتمع الدولي لا يعترف بها عاصمة لإسرائيل, وجاء القرار2334 ليطالب بوضوح جميع الدول بالتفرقة في تعاملاتها بين الأراضي الإسرائيلية وتلك الأراضي التي احتلت عام1967 وهي الأراضي التي تتضمن القدس. وفي ختام كلمته, أكد السفير عمرو أبو العطا مصر ستظل علي عهدها الذي قطعته في سبيل التوصل إلي سلام دائم وشامل وعادل في المنطقة.. سلام مبني علي محددات الشرعية الدولية.