بالرغم من التأثير الوجداني الكبير للدراما المصرية الذي لم يقتصر علي عشاق الشاشة الصغيرة في بلادنا بل امتد ليشمل العالم العربي بأسره ليصل الأمر إلي انتظار أعمال معادة بعد مرور عشرات السنين عليها كما لو كانت تعرض لأول مرة نتيجة البصمة التي تركتها هذه الأعمال في قلوبنا لتتحول بعضها إلي جزء من ثقافة الشعب المصري مثل الدوامة, عيلة الدوغري, الشهد والدموع, دموع في عيون وقحة, ليالي الحلمية, رأفت الهجان, البخيل وأنا, الفرسان, لن أعيش في جلباب أبي, العائلة, أرابيسك, الوتد, الرجل الآخر, للعدالة وجوه كثيرة, يتربي في عزو وغيرها من عشرات الأعمال الدرامية التي أثرت الشاشة المصرية والعربية, فإن تاريخ المسلسلات المصرية شهد سقوطا مدويا لعدد من الأعمال من ذاكرة متابعيها واندثرت تماما نتيجة عدم التوفيق التي صاحبها والذي تأرجحت أسبابه بين سوء توقيت العرض والتكرار والمضمون الضعيف, ونستعرض في هذه السطور عددا من تلك المسلسلات التي سقطت في غياهب النسيان. سقطة العرضحالجي بعد النجاح الساحق الذي حققه الفنان فريد شوقي في مسلسلي صابر يا عم صابر في شتاء عام1989 ثم البخيل وأنا في خريف عام1990, أراد المخرج رائد لبيب استغلال هذا النجاح من خلال مسلسل العرضحالجي الذي تم عرضه في أغسطس1994 مستعينا بالنجم الكبير والكاتب محمود خليل الزهار وبعض عناصر العملين السابقين مثل الراحلين وائل نور وكريمة مختار ومحمد هنيدي مع ضم كوكبة من النجوم مثل أحمد مظهر وزوزو نبيل وهادي الجيار ومريم فخر الدين وحسين الشربيني وجليلة محمود وشيرين سيف النصر وحنان ترك وأحمد السقا, ولكن جاءت الصاعقة, حيث فشل المسلسل بشكل ذريع وسقط في فخ التكرار ولم ينجح في شد انتباه المتابعين الذين ظلوا يبحثون عن صابر والبخيل علي مدار حلقاته دون جدوي كما لو كان المخرج حسين عمارة هو تميمة الحظ لفريد شوقي بعد براعته في صابر ياعم صابر و'البخيل وأنا'. أبو العلا من تاني في شتاء عام1986 اجتذب مسلسل رحلة السيد أبو العلا البشري الملايين من المصريين بعد أن نجح المخرج القدير محمد فاضل في إخراج عمل متكامل مغرق في المحلية معتمدا علي طاقم عمل علي أعلي مستوي مثل الكاتب الكبير الراحل أسامة أنور عكاشة وكوكبة من الممثلين علي رأسهم العملاق محمود مرسي ومعه كريمة مختار, هالة فاخر, محمود الجندي, علي الحجار, محمد متولي, وأحمد صيام, وبعد مرور تسع سنوات بالتحديد في شهر رمضان عام1995 أعاد فاضل إنتاج المسلسل مرة أخري تحت اسم أبو العلا90 محتفظا ببعض نجوم الجزء الأول مثل النجم محمود مرسي وكريمة مختار ومحمد متولي ومحمود الجندي ومحمد وفيق وأضاف إليهم المطرب مدحت صالح بديلا لعلي الحجار مع وفاء صادق وبسام رجب وطلعت زكريا ومحمد شرف وسيمون وغيرهم, ولكن رسب المسلسل لينتصر الجزء الأول في معركة الاستحواذ علي قلوب المشاهدين وجاءت نسبة مشاهدته ضعيفة جدا بالمقارنة مع نسخة1986 ليبدي الراحل محمود مرسي ندمه علي تكرار التجربة. البطل كلب في أكتوبر1988 فوجئ عشاق الشاشة الصغيرة بعرض مسلسل ربما يعتبر الأغرب في تاريخ الدراما المصرية باسم ميشو وتتمثل غرابته في أن بطله كان كلبا صغيرا تاه من أصحابه ليتعرض لمواقف مثيرة منها مساهمته في القبض علي عصابة خطيرة ورغم وجود نجوم في العمل مثل الراحلين القديرين عبد المنعم إبراهيم وكوثر العسال ورأفت فهيم بجانب أحمد ماهر, فإنه لم يحقق النجاح المطلوب ربما لعرضه في وقت متأخر في موسم المدارس. كارثة المحطة في يناير من عام1991 تم عرض مسلسل باسم المحطة الأخيرة, ظهر فيه مجموعة من النجوم مثل النجم الكبير الراحل عمر الحريري وليلي فهمي إلا أن كارثة لحقت بالمسلسل وتمثلت في إيقافه بعد حلقتين بقرار من اتحاد الإذاعة والتليفزيون بسبب مخالفة في الإجراءات ومنها عدم مروره علي جهاز الرقابة علي الأعمال الفنية وظهور ممثلين كانوا لا يحملون تصريحا بممارسة المهنة مثل شعبان عبد الرحيم الذي ظهر ليقدم أغنية كداب يا خيشة. هزيمة الثلاثية لم يقتصر نجاح رائعة نجيب محفوظ الثلاثية بين القصرين وقصر الشوق والسكرية علي القصة في حد ذاتها بل امتد إلي نجاح ساحق بعرضها علي شاشة السينما من خلال إبداع يحيي شاهين وآمال زايد وعبد المنعم إبراهيم وصلاح قابيل وهالة فاخر ومها صبري ونعمت مختار بعد أن قدم مخرج الروائع حسن الإمام بين القصرين والسكرية وتولي القدير حلمي رفلة إخراج قصر الشوق, وفي نهاية الثمانينيات وبالتحديد في عام1987 حاول المخرجان يوسف مرزوق وإيمان مصطفي إعادة القصة مرة أخري من خلال مسلسل تليفزيوني ضخم وبدأ الثنائي ب'بين القصرين ثم قصر الشوق في العام التالي1988 واستندا إلي الممثل محمود مرسي ومعه هدي سلطان وشويكار وعزيزة حلمي وهادي الجيار وصلاح السعدني ومعالي زايد وراندا وأسامة طه ولكن لم تلق الفكرة إقبالا من المشاهدين بعد أن تم عرض المسلسل في الخليج ثم في مصر وظلت أفلام الثلاثية تحتل مساحة أكبر في قلوب عشاق الفن المصري.