مسلسلات السيرة الذاتية خرجت من الموسم الدرامي دون حس ولكن بأكثر من خبر.. وجميع هذه الاخبار لم تكن في صالحها لتكون النتيجة النهائية بالنسبة لها هي الصفر هذا العام شهد سوق الدراما المصرية مسلسلين عن السيرة الذاتية لنجم ونجمة من عظماء الفن المصري الذين لم تستطع السنوات ان تمحو نجوميتهم.. فالأول عن قصة حياة قيثارة الغناء (ليلي مراد) والثاني عن احد اهم نجوم الكوميديا (اسماعيل ياسين).. لتستمر موجة تشويه السيرة الذاتية لكبار النجوم حيث تظل ثلاثة مسلسلات فقط هي الأكثر والأقرب للصدق بالنسبة لأعمال السيرة الذاتية الخاصة بنجوم الفن. أسرار نجاح كوكب الشرق .. حيث لا يزال مسلسل كوكب الشرق ام كلثوم متربعا علي عرش مسلسلات السيرة.. حيث التأليف الرائع للكاتب الكبير محفوظ عبد الرحمن والذي رصد في مسلسله كل نجوم العصر واهتم بأدق تفاصيل جميع الشخصيات الذين عاصروا ام كلثوم دون الاكتفاء بالتركيز عليها بمفردها حيث من الممكن وبعد كل هذا السنوات القول ان المسلسل كان عبارة عن سيرة ذاتية لكل الشخصيات التي ظهرت فيه بداية من الشيخ ابو العلا محمد الذي تاه وسط التاريخ الفني للأسماء الشهيرة رغم البصمات التي وضعها الرجل في تاريخ الموسيقي العربية والتواشيح ومحمد القصبجي الذي يعد احد اهم العلامات الفنية في تاريخ الفنان احمد راتب والشيخ زكريا احمد الذي تألق في تقديم شخصيته الفنان المهضوم حقه محمد كامل وشخصية رياض السنباطي التي جسدها ايمن عزب بإتقان شديد وبالطبع شخصية الشاعر الكبير احمد رامي الذي تقاسمت الاحداث في المسلسل بين شخصيته وشخصية ام كلثوم بفعل اداء رائع للفنان كمال ابو رية.. إضافة الي بقية الشخصيات في المسلسل ومن ابرزهم الموسيقار محمد عبد الوهاب وبيرم التونسي وسيد مكاوي وبليغ حمدي بل جمال عبد الناصر وعلاقتها بالكاتب الكبير مصطفي امين.. وطلعت باشا حرب وشريف باشا والملحن محمود الشريف والحفناوي كما لم تنس الاحداث ان تشير الي حقيقة العلاقة بينها وبين المطربة منيرة المهدية نجمة الفترة التي سطعت فيها ام كلثوم.. باختصار كان المسلسل بمثابة تأريخ حقيقي لنجمة العصر وكل من عاصرها.. كان المسلسل عبارة عن حالة خاصة نجحت المخرجة الكبيرة انعام محمد علي في رصد ادق تفاصيلها بأسلوب اخراجي بديع بعيداً عن الكروتة. ونجحت في ان تجعل صابرين قادرة علي اداء الشخصية بشكل استحوذ علي اعجاب الملايين 0لذا لم يكن غريبا ان تصل آثار المسلسل الي الدول الأوروبية وامريكا. لغز ابداع اسمهان قريب من النهج السابق ولكن ليس بنفس القوة جاء مسلسل (اسمهان )الذي نجح العام الماضي في ان يستحوذ علي انظارجميع المشاهدين في الوطن العربي.. وسر نجاح المسلسل بدأ ايضا من السيناريو الرائع والصادق للراحل بسيوني عثمان الذي نجحت قصته بالفعل في تعريف الجمهور علي شخصية اسمهان التي ظلت لغزًا كبيرًا منذ بداياتها وحتي بعد رحيلها.. فكثير من ابناء الجيل الحالي يسمعون عن اسمهان الكثير وسمعوا عن صوتها وعن منافستها لأم كلثوم ولكنهم ورغم ذلك اعتبروا هذه الشهرة والنجومية وكأنها احد الموروثات المفروضة عليهم مثل كثيرين من امثال نجيب الريحاني الذي ارتبطوا به ذهنيا كنجم نجوم الكوميديا دون ان يشاهدوا من اعماله سوي القليل جدا في بعض الافلام وهو نفس حال اسمهان التي لا تتوافر من اعمالها كثير من الاغنيات المسلسل نجح في زيادة ارتباط الجمهور بأسمهان وتحول اعجابهم بها من مرحلة السمع المشوش الي مرحلة الرؤية شبه الصادقة.. ويعود السر في نجاحه الي الإنتاج السخي بالإضافة الي تعليم كل ممثل للدور المكلف به وتدريس ابعاد الشخصية عن طريق السيناريو المحكم والاخراج المتميز للمخرج شوقي الماجري.. لذا لم يكن غريبا الا يتوقف الإعجاب عند سلاف فواخرجي فقط لكنه امتد الي بقية المشاركين في العمل .. لذا لم يكن غريبا ان يحصل المسلسل وابطاله علي هذا الكم الرهيب من الجوائز علامات جودة الملك فاروق علي نفس الوتيرة يأتي مسلسل ثالث محققا لشهرة واسعة لمسلسلات السيرة الذاتية رغم الصدمة الدرامية والتاريخية التي اصاب بها الكثيرين وهو مسلسل الملك فاروق.. الذي اظهر الوجه الاخر الذي لا يعرفه احد عن فاروق.. نفس عناصر نجاح المسلسلين السابقين تنطبق علي هذا المسلسل قصة تم تأليفها بحرفية شديدة وركزت علي ادق التفاصيل ومخرج رغم انه سوري ايضا_حاتم علي_نجح في استغلال قوة السيناريو لرسم الخطوط العريضة للاحداث بدليل هذا النجاح الكبير الذي حظي به الممثل السوري تيم الحسن بعد تجسيده للشخصية رغم اختلاف اللكنة.. ومع تيم نجح فريق العمل بالكامل من امثال صلاح عبدالله في شخصية النحاس باشا ومعه طابور طويل يشمل عزت ابو عوف وهادي الجيار ومحمود الجندي ووفاء عامر سر نجاح المسلسلات الثلاثة بعيدا عن النواحي الفنية يعود الي هذا النجاح الكبير في الاهتمام بتفاصيل كل شخصية تحيط بنجم العمل بالإضافة الي التركيز علي حقيقة الاحداث السياسية وواقع المجتمع في هذه الفترة وعنصر شديد الاهمية وهو الإنتاج السخي سمعة صعود وهبوط عندما ننظر لكل المسلسلات الاخري وباستثناءالقليل منها مثل قاسم امين وايام طه حسين.. سنجدها مسلسلات اساءت الي مسلسلات السيرة الذاتية ومن قام ببطولتها لدرجة انها لم تحظ بأقل القليل من الاعجاب وبالقياس للمسلسلات الثلاثة السابقة يمكن ان نحكم علي مسلسلي السيرة الذاتية لهذا العام (اسماعيل ياسين-ابو ضحكة جنان) و (ليلي مراد).. فالمسلسلان لم يتوها وسط الزحام الدرامي كما يسعي البعض لإيهامنا ولكن الحقيقة ان القياس لم يأت في صالح ايا منهما.. بدليل ان مسلسل اسماعيل ياسين يحظي بنسبة مشاهدة كبيرة ولكنه لم يصل لمرحلة الإعجاب فسبب ارتفاع نسبة المشاهدة يعود الي البداية الجذابة للمسلسل في مرحلة ما قبل ظهور اشرف عبد الباقي في الحلقات حيث نجح الثلاثي.. الطفل هادي خفاجة الذي جسد مرحلة طفولة اسماعيل ياسين والرائعة عائشة الكيلاني التي جسدت شخصية جدته لأمه والفنان القدير لطفي لبيب الذي جسد شخصية والده في جذب انظار المشاهدين بخفة ظلهم بالإضافة الي شغف الجمهور لمعرفة الجانب الخفي في طفولة اسماعيل ياسين.. والسؤال هنا هل كان المخرج الراحل ياسين اسماعيل ياسين كان قد انتهي بالفعل من كتابة قصة والده كاملة؟.. ثم هل كان من المنطقي ان يتم تقديم مسلسل عن اسماعيل ياسين من وجهة نظر ابنه ياسين وابن صديق عمره المؤلف ابو السعود الابياري أحمد.. ؟ان مسلسلات السيرة تحتاج بالطبع الي سرد كثير من التفاصيل عن طريق الابناء والاصدقاء ولكنها لا تعني ان يقوموا هم بتأليفها.. المؤلف.. شهيد ليلي مراد يختلف مسلسل ليلي مراد بشكل كبير.. فإذا كان سيناريو مسلسل اسماعيل ياسين احد ابرز نقاط ضعفه فإنه اقوي ما في مسلسل ليلي مراد فالسيناريو الذي كتبه مجدي صابر هو اقوي مافيه.. ولكن للأسف فإن السيناريو القوي لا يستطيع بمفرده ان يحقق النجاح للعمل الفني.. فسيناريو مجدي صابر اذا تم طبعه في كتاب وطرحه في الاسواق فسيجني من ورائه كثيراً من الارباح وسيكون بالفعل بمثابة مادة تأريخية ثرية عن الفنانة الراحلة.. مجدي صابر بمفرده هو شهيد المسلسل حيث جاء الاخراج مملا لأقصي درجة حيث لم ينجح المخرج السوري محمد زهير في التعامل مع السيناريو ولم ينجح في اختيار الممثلين القادرين علي انجاح المسلسل.. فالسورية صفاء سلطان رغم جمالها علي الشاشة الا انها افتقدت اهم مميزات ليلي مراد التي كانت تحمل الروح المرحة والحضور الطاغي.. وهنا نقف اما ظاهرة اخري تتمثل في تساؤل حول ضرورة الاستعانة بممثلة سورية ومخرج سوري لعمل مسلسل عن سيرة ذاتية مصرية.. لقد تعجلت شركة انتاج المسلسل في خروجه الي النور رغم ان موجة الاعتذارات المتتالية للنجمات المرشحات لتجسيد شخصية ليلي مراد كان ينبغي معها ان يتم التأجيل لحين العثور علي الشخصية القادرة علي اداء الدور.. مسلسل ليلي مراد كان من الممكن ان يحقق النجاح بسهولة شديدة وان ينافس مسلسلي كوكب الشرق واسمهان اذا ما كانت شركة الانتاج قد اجلت تصويره لاختيار الممثلين المناسبين لمسلسل بهذه القوة تأليفا.. وهو ما يجعلنا نقول اننا امام مسلسل فشل لسوء اختيار ابطاله