عرفت مصر المدارس الخاصة ومراكز الدروس الخصوصية' السناتر' منذ قديم الأزل, وعلي مدي العصور والأزمان.. ففي عهد الأسر القديمة, وعصر ما قبل التاريخ بتاريخ, كان البالغون في هذه المجتمعات يقومون بتدريب ناشئي المجتمع وأشباله شفهيا عن طريق رواية القصص والحكايات والأساطير ونقل الخبرات تتري من جيل إلي جيل حتي أصبح التعلم حلما يراود أبناء الوطن, ورغبة لدي عامة الشعب, فاتسعت المدارك وتوسعت الثقافات, ومن هنا بدأ يظهر التعليم الرسمي من خلال المدارس الحكومية, أما أبناء الوزارء والقادة والأسر الغنية فلم يعد يناسبهم تلقي العلم في أماكن وجود طلاب من أبناء الكادحين من عامة الشعب ومن هم من طبقات دنيا فلجأوا إلي المدارس الخاصة والدروس الخصوصية لتلقين أبنائهم العلوم علي أيدي الكهنة, وربما كون الكاهن مجموعة صغيرة من أبناء أصحاب الحظوة في مركز أو' سنتر'خاص بهم, وهكذا من حقبة إلي حقبة تاريخية أخري. الأنبياء والرسل جميعا جاءوا معلمين لأممهم التي أرسلوا إليها فأيقنا أن التعليم من أبرز أهداف الرسالات السماوية وأسماها, حتي أنه عندما ارسل سيدنا جبريل إلي رسول الله'صلي الله عليه وسلم' كانت أول كلمة نطق بها الروح الأمين'اقرأ', ونظرا لشرف العلم والقلم أداة العلم. قال تعالي( ن والقلم وما يسطرون), كما وصانا الرسول( صلي الله عليه وسلم) علي طلب العلم في كثير من الأحاديث النبوية الشريفة, منها( طلب العلم فريضة علي كل مسلم ومسلمة) و(إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم), ومن الصحابة قال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: العلم خير من المال, العلم يحرسك وانت تحرس المال, والعلم حاكم والمال محكوم, والمال تنقصه النفقة والعلم يزكوا بالإنفاق, كذلك لم يغفل الصحابة والتابعين والامراء والملوك العرب التعليم ودوره فكانت النهضة العلمية الشاملة في صنوف العلم كافة, وفتحت المدارس والكتاتيب بكثرة, واتجه الملوك والسلاطين وكبار القوم إلي الدروس الخصوصية والمراكز التعليمية' السناتر'لتعليم أبنائهم شتي صنوف العلوم من فلك وحساب وكيمياء وطب وصيدلة بالإضافة إلي العلوم الدينية من فقه وحديث وتفسير....الخ وفي عصرنا الحديث أدركنا أن التعلم هو المحرك الأساسي في تطور الحضارات, وبه يقاس مدي تقدم الأمم, فتستطيع أن تعرف ثقافة أي مجتمع من نسبة متعلميه, لأن التعليم هو عملية اكتساب المهارات, والخبرات, والمعلومات التي يحتاج إليها الإنسان ليكون قادرا علي الإبداع, وزيادة التراكم المعرفي, الذي يؤدي بنا إلي آفاق أرحب, ويقودنا نحو ركب التقدم والحضارة وبناء المجد, وصدق شاعرنا العربي عندما قال: العلم يرفع بيوتا لا عماد لها.. والجهل يهدم بيت العز والكرم واليوم..لأننا نعتمد في مصر علي التلقين لا التعليم, ولم نعد نعبأ بنوعية ما نقدمه لفلذات أكبادنا داخل الفصول علي شتي مسمياتها من حكومية وتجريبية ونموذجية ولغات ودولية, ورأينا العجب العجاب من ضعف محتوي التعليم وحشو مناهج وتدني مستوي المعلمين, وكثافة فصول, ومدارس آيلة للسقوط, تعرض التعليم لنكبات وضربات أخذت به إلي هوة سحيقة, ولم يجد الطلبة وأولياء الأمور مفرا سوي الذهاب إلي' السناتر'ومراكز الدروس الخصوصية, راضين ومجبرين في آن واحد, وهناك يصنع المدرس كل مالديه من خبرات اكتسبها من تعامله مع طلبة تسعي إلي الحصول علي المجموع المرتفع, ومناهج في أغلبها تستعصي علي الأفهام, فيتم تحويل المواد إلي' منولوجات' و'اسكتشات' فكاهية حتي يتقبل الطالب المادة ويصمها صما مع شهادة ضمان من' السنتر'والمدرس واثنين من المساعدين' الأسيستانس' بعدم نسيان المادة حتي بعد انتهاء الامتحان ب48ساعة!