الدروس الخصوصية.. لم تعد كما كانت زمان قاصرة علي سنوات بعينها.. وإنما منذ الحضانة هذه الأيام.. واستفحلت.. وانتشرت السناتر والمراكز ويتم الإعلان عنها بكل بجاحة.. أصبحت تجارة وشطارة.. كل من يمتلك محلاً أو شقة أو حتي منور في عمارة يحوله إلي سنتر.. يعمل به كل من أبي أن يكون معلماً وافياً في مدارس الحكومة.. معلناً التحدي للدولة.. وأصبحنا نقرأ الإعلانات في كل مكان عن "إمبرطور" اللغةالعربية و"جهبذ" الفزياء. وأصبحت الدروس الخصوصية تلتهم ميزانية الأسرة المصرية من خلال مطامع بعض ضعاف النفوس الذين يتاجرون بعلمهم ويستغلون مناصبهم ونفوذهم ويتربحون من وظائفهم دون خجل ولا حياء.. استغلوا فساد نظام التعليم.. وأن مقدرات الأمور في أيديهم ففسدوا وأفسدوا.. وصالوا وجالوا.. وامتلأت الجدران والشوارع والحواري والأزقةبإعلاناتهم في تحد صارخ لكل القيم والقوانين. بعض المدرسين تحولوا إلي عصابات يتعرض الطالب علي أيديهم لأبشع أساليب الضرب والتعدي والقهر لإجباره علي الدروس الخصوصية وإلا كان نصيبه الرسوب واللجوء للدروس الخصوصية في إجازة الصيف بأسعار خيالية.. فأصبحوا معاول هدم وإذلال لأبناء مصر سواء الطالب أو الأسرة.. تحطمت علي أيديهم قيم وتقاليد وأخلاق تربينا عليها وتعلمناها من مدرسينا.. استبدلوا الذي هو أدني بالذي هو خير.. استبدلوا متاع الدنيا وزخرفها والمال الحرام بنعيم الآخرة. لقد اعلنت الوزارة أن هناك قانوناً جديداً للتعليم.. أتمني أن يعالج هذه المشكلة ويخفف الأعباء والضغوط عن الطلاب وأسرهم.. لابد من وجود مجتمعي للقانون والتصدي لكل المشاكل التي تكبل العملية التعليمية والتربوية والتخفف من فتونة "المدرسين" واستفحال نفوذهم غير المشروع من خلال تفعيل عقوبات الدروس الخصوصية وجعلها جريمة في مصاف استغلال النفوذ والتربح من الوظيفة.. وإفساد أجيال لا يهابون المعلم الذي يمد يده للطالب ليأخذ السبوبة شهرياً.. فقد تناسوا أن الله ليس بغافل عما يعملون. لابد من توسيع مساحة الأنشطة لكي تؤهل المدارس لنا المهندس والدكتور واللاعب والفنان.. يتواكب مع ذلك النظر للمناهج التعليمية العقيمة التي تصيب الطالب بالإحباط والتبلد بإتباع سياسة الحفظ والتلقين وليس الفهم والإبداع والبحث والاعتماد علي سياسة التعليم الذاتي.. فوجدنا أجيالا فارغة العقل لا تعرف الفرق بين الزعيم سعد زغلول ومحطة مترو سعد زغلول.. جيل مصاب باعوجاج بالعمود الفقري بسبب كم الكتب والكراسات المحمولة علي الظهر يومياً واختفاء الملاعب والانشطة الرياضية.. لابد من تطوير المناهج لتركز علي الأنشطة التربوية والعلمية والثقافية والرياضية والفنية والإبداع والمهارات. يجب إعادة نظام التكليف لخريجي كليات التربية المؤهلين للعمل بالتدريس بعد ظلمهم منذ أكثر من 14 سنة بدلا من الاستعانة بخريجي الكليات الأخري والدبلومات الفنية في أعمال التدريس وخاصة في بعض المدارس الخاصة.. فعلا التعليم في حاجة لقانون وفكر جديد ليتواكب مع العصر الذي نعيش فيه بعد أن تخلفنا كثيراً.