تزامنا مع احتفالات عيد القيامة، البابا تواضروس يترأس قداس خميس العهد    بالأسماء، وزير الداخلية يأذن ل 21 مواطنا بالحصول على الجنسيات الأجنبية    «بحر البقر».. أكبر محطة بالعالم لمعالجة الصرف الزراعى بسيناء    رئيس الوزراء يُهنئ البابا تواضروس الثاني بعيد القيامة المجيد    المشاط: استمرار التنسيق بين الجهات الوطنية والاتحاد الأوروبي لدفع جهود الإصلاح الاقتصادي    «الإسكان»: جاري تنفيذ 64 برجاً سكنياً و310 فيلات بمشروع «صواري»    رئيس الوزراء يبحث مع شركات كوريا الجنوبية سبل تعزيز استثماراتها في مصر    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الخميس    «الأهلي للصرافة» تجذب حصيلة 6.9 مليار جنيه خلال شهر أبريل    وزير التعليم العالي يستقبل مدير المجلس الثقافي البريطاني لبحث آليات التعاون المُشترك    شيخ الأزهر ينعي الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان    جيش الاحتلال يقصف مسجد القسام في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة    سفير روسي: اتهامات أمريكا لنا باستخدام أسلحة كيميائية «بغيضة»    غضب الله.. البحر الميت يبتلع عشرات المستوطنين أثناء احتفالهم على الشاطئ (فيديو)    الدفاع الروسية تعلن إحباط هجوم جوي أوكراني وتدمير 12 طائرة مسيرة كانت تستهدف مناطق في العمق الروسي    تفاصيل جلسة جوميز مع لاعبي الزمالك قبل مواجهة البنك الأهلي    بايرن ميونخ يكشف حقيقة اتصالات ريال مدريد لضم ديفيز    تفاصيل مفاوضات الأهلي مع خادم دياو بديل معلول    صباحك أوروبي.. حقيقة عودة كلوب لدورتموند.. بقاء تين هاج.. ودور إبراهيموفيتش    حالة الطقس اليوم الخميس.. أجواء معتدلة على أغلب الأنحاء    تفاصيل مصرع سيدة ونجاة زوجها في حريق شقة بحلوان    تحرير 11 محضرًا تموينيًا لأصحاب المحال التجارية والمخابز المخالفة ببلطيم    العثور على جثتي أب ونجله في ظروف غامضة بقنا    مصرع طالب صدمته سيارة مسرعه أثناء عودته من الامتحان ببورسعيد    أخصائية تربية تقدم روشتة لتقويم سلوك الطفل (فيديو)    الفنان ياسر ماهر ينعى المخرج عصام الشماع: كان أستاذي وابني الموهوب    هل توجد لعنة الفراعنة داخل مقابر المصريين القدماء؟.. عالم أثري يفجر مفاجأة    تامر حسني يدعم بسمة بوسيل قبل طرح أغنيتها الأولى: كل النجاح ليكِ يا رب    بعد أزمة أسترازينيكا.. مجدي بدران ل«أهل مصر»: اللقاحات أنقذت العالم.. وكل دواء له مضاعفات    رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال أبريل 2024    ملخص عمليات حزب الله ضد الجيش الإسرائيلي يوم الأربعاء    حملة علاج الادمان: 20 الف تقدموا للعلاج بعد الاعلان    هل يستجيب الله دعاء العاصي؟ أمين الإفتاء يجيب    تحديد أول الراحلين عن صفوف برشلونة    ماذا يستفيد جيبك ومستوى معيشتك من مبادرة «ابدأ»؟ توطين الصناعات وتخفيض فاتورة الاستيراد بالعملة الصعبة 50% وفرص عمل لملايين    مشروع انتاج خبز أبيض صحي بتمويل حكومي بريطاني    أوستن وجالانت يناقشان صفقة تبادل الأسرى والرهائن وجهود المساعدات الإنسانية ورفح    تعرف على أحداث الحلقتين الرابعة والخامسة من «البيت بيتي 2»    الصحة: مصر أول دولة في العالم تقضي على فيروس سي.. ونفذنا 1024 مشروعا منذ 2014    خبير تحكيمي يكشف مدى صحة ركلة جزاء الإسماعيلي أمام الأهلي    تأهل الهلال والنصر يصنع حدثًا فريدًا في السوبر السعودي    بتهمة التحريض على الفسق والفجور.. القبض على حليمة بولند وترحيلها للسجن    متى تصبح العمليات العسكرية جرائم حرب؟.. خبير قانوني يجيب    عميد أصول الدين: المؤمن لا يكون عاطلا عن العمل    لاعب الزمالك السابق: إمام عاشور يشبه حازم إمام ويستطيع أن يصبح الأفضل في إفريقيا    عاطل ينهي حياته شنقًا لمروره بأزمة نفسية في المنيرة الغربية    كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي في الموارد البشرية؟    هاجر الشرنوبي تُحيي ذكرى ميلاد والدها وتوجه له رسالة مؤثرة.. ماذا قالت؟    هذه وصفات طريقة عمل كيكة البراوني    حكم دفع الزكاة لشراء أدوية للمرضى الفقراء    مظهر شاهين: تقبيل حسام موافي يد "أبوالعنين" لا يتعارض مع الشرع    يوسف الحسيني : الرئيس السيسي وضع سيناء على خريطة التنمية    برج الميزان .. حظك اليوم الخميس 2 مايو 2024 : تجاهل السلبيات    بعد أيام قليلة.. موعد إجازة شم النسيم لعام 2024 وأصل الاحتفال به    مفاجأة للموظفين.. عدد أيام إجازة شم النسيم في مصر بعد قرار ترحيل موعد عيد العمال    بقرار جمهوري.. تعيين الدكتورة نجلاء الأشرف عميدا لكلية التربية النوعية    أكاديمية الأزهر وكلية الدعوة بالقاهرة تخرجان دفعة جديدة من دورة "إعداد الداعية المعاصر"    النيابة تستعجل تحريات واقعة إشعال شخص النيران بنفسه بسبب الميراث في الإسكندرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة إلي المصري
نشر في الأهرام المسائي يوم 29 - 07 - 2017

الدولة العظمي لا يقضي عليها من الخارج قبل أن تقضي هي علي نفسها من الداخل.. مبدأ سياسي خبيث اعتمدت عليه الولايات المتحدة في إسقاط الاتحاد السوفيتي, ليخلو وجه العالم لالقطب الواحد مستغلة العرقيات والديانات المختلفة
والنعرات لبث الضعف في أوصال القطب الثاني, ولتنتهي الحرب الباردة بالسقوط في فخ التطاحن والصراعات داخل البيت السوفيتي الذي ودع الاتحاد إلي جمهوريات ودويلات, ودب روسي حالم بإعادة سيرته الأولي, وباحث عن إرثه القديم في عالم تستحوذ فيه أمريكا صاحبة نظرية الإسقاط من الداخل علي الهيمنة, والعزف المنفرد علي وتر الإمبريالية العالمية.
لعبة الموت البطيء للأوطان تستهدف المدنيين
.. والدولة تتصدي لمخططات الإفشال بالإرادة والانتماء
طريقة إسقاط الدول وإفشالها باستخدام مواطنيها هي السلاح الأخير من حروب الجيل الرابع, بعد فشل المواجهات العسكرية, وإضعاف القوات المسلحة للدول المراد إسقاطها, والهدف دولة فاشلة بأيدي أبنائها, وتلك هي لب المؤامرة, والنسخة الأخيرة من مخططات هذه الحروب القذرة.
في مصر كان المستهدف ولا يزال إضعاف قدرات الدولة, والعبث بمعنويات الشعب, وإضعاف الروح الوطنية لديه, ليبدو ناقما علي دولته, فاقدا فيها الأمل, عازفا عن المشاركة في كل ما هو وطني, ولم يكن ذلك الإضعاف والإفشال يبدو عشوائيا أو قدريا خالصا, وإنما كان مخططا احترافيا تدعمه وتموله أجهزة ودول معادية وبؤر خيانة في الداخل. فماذا حدث؟
انتبهت الدولة لالمؤامرة, ودشنت خطة وآليات لمواجهتها, واعتمدت علي سلاح الإرادة القوية, والإدارة الواعية لتعميق الانتماء لدي مواطنيها, وإنعاش الروح الوطنية التي عمل المتآمرون, وشياطين الجيل الرابع علي إضعافها, حتي اصطدموا بحزمة عاجلة من المشروعات القومية العملاقة التي أعلنها وأنجزها الرئيس عبد الفتاح السيسي بعد30 يونيو, كقناة السويس الجديدة, والعاصمة الإدارية, وغيرها من الإنجازات التي تضاف إلي الإنجاز الكبير استعادة الدولة, ليقطع الطريق علي مخططات النيل من عزيمة المواطن المصري.
استهدفت حروب الجيل الرابع مصر باعتبارها حجر الزاوية في استقرار الشرق الأوسط, التي استعصت علي مخطط التقسيم, في وجود جيش وطني منزه عن الطائفية والصراعات, لا يدين بالولاء إلا لهذا الوطن ولشعبه, وما رسي كهنة الجيل الرابع كل أساليبهم القذرة لضرب المواطن المصري في صلب عقيدته الوطنية, تارة بالتحريض وتارة بالتمويل لخفافيش الظلام, وتارة بالعزف علي أوتار النعرات الطائفية والعرقية, ثم بالشوكة المغروسة في جسد الوطن, أو مايعرف بمنظمات المجتمع المدني, وكذلك بالضغوط الاقتصادية والسياسية, لكن الدولة التي أبت أن تضعف أو تفشل كانت علي الجبهة يقظة لكل ما يحاك ضد مواطنيها, وواجهت بكل حزم, وتحملت الكثير من الانتقادات والهجوم, والحملات المدفوعة الأجر في قنوات مشبوهة ومواقع تواصل وفضاء إعلامي يسبح بحمد مموليه, حتي تكشف الحقائق.
وكما كانت مصر وستبقي دائما عصية علي كل مؤامرة, أزاحت الستار عن اللعبة, وفضحت تفاصيلها, ولم يكن حديث السيسي في مؤتمر الشباب الأخير عن مخطط الدولة الفاشلة سوي ناقوس خطر كعادة مصر التي نبهت العالم إلي خطر الإرهاب, وصدقت نبوءتها وتجرع القاصي والداني هذا الشر الأسود, ثم ما لبثوا أن بحثوا عن التجربة المصرية في حصار فلول الإرهاب داخل بؤر في سيناء كالجرذان.
الدولة الفاشلة.. هي نقطة الوصول إلي المحطة الأخيرة في لعبة حروب الجيل الرابع.. والسلاح هو المواطن الذي يقاد بدس السم في العسل رويدا رويدا, حتي يتحول مع الوقت الذي يريده الأعداء إلي مواطن ناقم علي وطنه, يراه فاشلا, وبدون مستقبل, وعندئذ يصفق الكهنة, ويحتفلون بسقوط عمود الخيمة.. قاتلهم الله أني يؤفكون.
سيدي المواطن.. هذه هي مصر الأبية.. وهؤلاء هم زبانية الجيل الرابع.. وهذه خططهم.. وهذا وعد الله ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين.. فانتبه لوطنك ولا تكن سلاحا يضرب بك العدو قلبك, ثم يتركك نادما علي ما فات, وباحثا عن وطن..
انبته يا عزيزي; فمصر التي تتجول فيها بحرية, وتمتلك كل شبر فيها من الشمال إلي الجنوب, ومن الشرق إلي الغرب, يريد المشروع الصهيوأمريكي وأراد لك المقبور برنارد لويس أن تكون مواطنا فقط في دويلة من خمس دويلات لا قدر الله علي خريطة أعدوها لمصر الحضارة والتاريخ والعروبة.. ولكن هيهات هيهات لما يوعدون.

قواعد لعبة إفشال الدولة
1 قتل الذات الوطنية
تبدأ المهمة بنشر روح التشاؤم, والتلكيك والتشكيك في كل ما تفعله الدولة صغيرا كان أم كبيرا, وقد كانت مصر هدفا إستراتيجيا في مرمي حروب الجيل الرابع, تم حشد كل آليات إفشالها وفق مخطط يبدأ من دب الوهن أفصال العمود الفقري للدولة, وهو المواطن البسيط في المقام الأول, وليس أدل علي ذلك متابعة سير الأحداث التي شهدتها مصر في الفترة الأخيرة, وانظر كيف تبدأ اللعبة؟
الواقعة البسيطة التي تحدث في أي بقعة من المحروسة, وقد تكون فردية مدفوعة بسلوك شخصي تجد فجأة بعض العناصر التي لا يمكن أن تكون حسنة النية تنفخ في النار, وتتلكك لمنح تلك الواقعة بعدا جماهيريا وإسقاط كل تقصير علي الدولة التي تصبح متهمة بأنها هي من أشعلت أزمة الخبز في منطقة كذا, أو أن شخصا سرق مالا عاما بسبب تراخي الإدارة الحكومية, وبزعم احتضان الدولة للفساد, وفي المقابل يتم العزف من قبل جنود حروب الجيل الرابع علي وتر قتل الذات والمظلومية والتهميش, وأن المواطن المصري يعيش في دولة لا يملكها, أو بمعني آخر مواطن درجة ثانية.
لا يمضي وقت كثير حتي تكون تلك الحرب النفسية قد آتت ثمارها من دون تكلفة لمن يضمرون العداء لمصر, فبطريقة هادئة, وبتصرف خبيث جدا يتحرك كهنة الجيل الرابع لقتل العزائم, وإضعاف الروح الوطنية, وتسطيح الشعور بالانتماء لدي المواطن الذي يجد نفسه محاصرا بكل ما هو سلبي, وما هو أسود, وبمرور الوقت يكون قد حثت فجوة بين الإبن المواطن والأم الدولة, ثم قتل الذات, وفقدان الثقة في النفس أولا وبالتباعية في الدولة.
قس علي ذلك كل حدث يحدث في منطقتك, أو في مدينتك, أو في محافظتك, ستجد متطوعين هذا ما تظنه لكن الحقيقة أنهم مدفوعون دفعا لقتل إحساسك الوطني, وإجهاض غيرتك علي بلدك بغرض هلهلة النسيج الوطني, والإفراط في إظهار الصورة سوداء في كل شيء حتي تصل إلي مرحلة التفريط في كل شيء أيضا, وعلي رأسها التفريط في وطنك والفاع عمن يهاجمه سواء كلن بالداخل أو الخارج.
أليس ما يحدث في مصر من الأعداء هو ما ظهر قبل نحو ربع قرن, وتحديدا في عام1989 من تعريف لحروب الجيل الرابع, وأنها وفق تفسير المحلل الأمريكي ماكس مانوارينج تهدف إلي إفشال الدولة من خلال فرض واقع جديد يصنعه الخونة بأيدي مواطن لا يعلم, ثم تكون النهاية قتل وطن من دون رصاصة واحدة.
2 التقزيم قبل التقسيم
لعل أبرز ما يميز المصري عن غيره من مواطني الدول الأخري هو حبه لوطنه, واعتزازه بمصر القيمة والقامة, حيث يعتبر المصري نفسه محظموظا لأنه صاحب حضارة7000 عام, أن أجداده الفراعنة علموا الكون بأسره أبجديات الطب والهندسة, حتي التوحيد أيضا, فكل ما نبغ فيه العالم نشأ في مصر القديمة, وترعرع علي أيدي المصريين وفي حضارة وادي النيل.
هذا الإرث الكبير جعل مهمة حروب الجيل الرابع تعمد إلي الطعن فيه, وتغييبه باستغلال الوضع الاقتصادي, ومن خلال أدواتهم في مصر بدأ اللعب مجددا علي وتر الأزمات, فعندما بدأت موجات الاضطراب تعصف بالاقتصاد المصري كشأن أي دولة تحدث بها ثورة, وسارع بعض الأشقاء إلي تقديم المساعدات للشقيقة الكبري صاحبة اليد الطولي في مساعدة جيرانها وأشقائها والتاريخ يشهد بذلك, تباري جنود الجيل الرابع لتقزيم مصر وإظهارها أمام مواطنيها بأنها دولة سقطت من برجها العالي وريادتها, وأصبحت تتسول قوتها ووقودها.. ألم تري عزيزي المواطن قصة المساعدات الاقتصادية كيف تم ترويجها والتهكم بها علي الدولة والنظام الحاكم بعد30 يونيو من قبل زبانية جماعة الإخوان الإرهابية التي تمثل الذراع اليمني لكهنة حروب الجيل الرابع لتنفيذ مخطط إفشال الدولة في مصر؟
ألم تنتبه كذلك عزيزي المواطن إلي أن السنة الكبيسة التي قضاها محمد مرسي مندوب مكتب الإرشاد في قصر الاتحادية لم تشهد أية ألاعيب من هذا النوع, فالنغمة التي كانت سائدة وقتها عزفت علي وتر أن الرجل الذي ينتمي إلي جماعة الدم والمؤامرات قد ورث إرثا ثقيلا من عهد مبارك, وورث اقتصادا متهالكا ونظاما سياسيا متصدعا؟
ألم تنتبه كذلك إلي أن الإخوان وهم أكبر تنظيم في العالم يمتلك ثروات لا يعلم مصدرها إلا الله, ويعملون في غسيل الأموال والتجارة في كل ما هو غير مشروع لم يضخوا جنيها واحدا في خزينة الدولة, ولم يجن الوطن من ملياراتهم وإمبراطورياتهم العملاقة سوي التآمر علي الدولة التي كانوا يحكمونها, والتحالف مع زملائهم من أدوات الجيل الرابع لإفشالها من أجل تنفيذ مخطط التقسيم الذي رسمه برنارد لويس للدول العربية والإسلامية, والذي يقوم علي تقسيم مصر باعتبارها قلب العالم العربي والإسلامي إلي دولة إسلامية سنية, ودولة مسيحية, ودولة للنوبة, ودولة للبدو في سيناء, ودولة فلسطينية علي شمال شبه الجزيرة بعد ضمها إلي غزة.
لقد فضح الإخوان أنفسهم, وكشفوا عن وجههم القبيح, وأسقطوا قناع الوطنية الزائف الذي كانوا يبيعون به الوهم للشعب طوال80 عاما قضتها الجماعة كالشوكة في ظهر الوطن منذ المؤسس حسن البنا حتي المعزول محمد مرسي, وليس أدل علي ذلك من الإرهاب الذي يحدث الآن بتوقيع ودموية جماعة الإخوان الإرهابية, لذلك تجدهم وحلفاءهم من تيارات أخري معادية للدولة يقومون بأدوار ممنهجة لإظهار الدولة في ثوب المذلة والتقزيم للوصول مع الوقت إلي مخطط برنارد لويس والمشروع الصهيوأمريكي لتقسيم المنطقة ومصر أولها.
3 مارك ورفاقه
قبل اندلاع ثورة25 يناير لم يكن الكثير يعلم ما هو فيس بوك أو تويتر, ولم يكن مفهوم مواقع التواصل الاجتماعي قد انتشر بشكل ملحوظ في المجتمع المصري, إذ كان مقصورا علي مجموعة معينة من الشباب ممن يجيدون استخدام التكنولوجيا الحديثة, وعقب الثورة أصبحت تلك المواقع وسيلة سهلة ومتاحة في يد كل مصرية عبر الهاتف المحمول.
لم تغفل حروب الجيل الرابع التكنولوجيا الحديثة كأداة لنشر الفوضي وتعميق الانقسام المجتمعي, في إطار المخطط المرسوم للوصول إلي الدولة الفاشلة وصناعتها عبر أبناء هذه الدولة من مستخدمي ورواد مواقع التواصل الاجتماعي, ولجأت في سبيل ذلك إلي حشد كل عناصرها بتقنيات متطورة لتنفيذ هذا المخطط, فعلي موقع فيس بوك نشطت الكتائب الإليكترونية التي تتربص بالوطن, وتدرس جيدا كل ما يحدث فيه, لعرض صورة مرسومة ومقصودة لدولة هشة كما أرادوها يعاني فيها المواطن من سوء الخدمات, والتهميش والبيروقراطية, وينتشي الفساد.. دولة أرادوها أن تبدو سلطوية مستبدة تقمع الحريات, وتنتهك حقوق الأقليات, وتغرد بعيدا عن أحلام وطموحات مواطنيها, وفي المقابل تقوم مجموعات بإعادة تدوير وفبركة مواد إعلامية موجهة ومدفوعة الأجر, معتمدة علي قلب الحقائق, ومستغلة انتشار ظاهرة الجهل في توثيق المعلومات والتثبت من مصادرها وصحتها, حتي تنتشر موادهم المسمومة كالنار في الهشيم.
الحال نفسه ينطبق علي تويتر, الذي يجذب قطاعا كبيرا من الشباب, وبالتالي فهو هدف ثمين لحروب الجيل الرابع, باعتباره القوة الضاربة في المجتمع, وعليه تظهر تغريدات وتعليقات وأفكار مغلوطة تأتي في معظمها من جهات أجنبية أو ممولة تدفع المستخدم في التفكير في ردود وتغريدات قد لا تعكس شخصيته وأسلوب تعامله في الواقع, وتلك هي الحرب النفسية التي يعتمد عليها الجيل الرابع في إفشال الدولة. وإزاء الإقبال المتزايد علي استخدام تويتر اتخذ منه كهنة الجيل الرابع وسيلة لترويج النعرات والانحراف الفكري والتطرف وضرب الثوابت الوطنية, والتطاول علي الرموز والإساءة إلي أمن الدولة, وزعزعة استقرارها بكل الوسائل والتقنيات التي يتيحها هذا الموقع, وليس أدل علي ذلك من ظهور الهاشتاجات عقب اندلاع أي أحداث أو سن أي قرار, ليحتل بعد سويعات قليلة الصدارة في قائمة الهاشتاجات.
4 فضاء مسموم
بعد ثورة30 يونيو وسقوط الإخوان كانت جولة جديدة من حروب الجيل الرابع يجب الإعداد لها, بينما قام بتنفيذ الهاربون من الوطن إلي قبلات الخيانة والدول الحاضنة للإرهاب, وكشف التنظيم الدولي وحلفاؤه من منفذي أجندة حروب الجيل الرابع عن العداء لمصر في أبشع صوره التي تجلت في تمويل فضائيات مسمومة تعمل علي مدار الساعة علي محور وحيد, هو مصر, وتستهدف جمهورا وحيدا هو المصريين, بهدف أوحد: تشويه كل ما هو مصري مهما كان جيدا, ومهما أشاد به العالم.
لجأت فضائيات الخيانة إلي الضرب العابر للحدود تحت غطاء أجنبي, وتمويل من الأعداء, وأطلقت سهام بثها علي كل صغيرة وكبيرة تحدث بالوطن, فهي لم تقتصر فقط علي تناول احتجاج بسيط لفئة من الموظفين المطالبين بحق مشروع وتضخيمه بعبارات مثل: هذه هي مصر التي أصبحت بهذه الصورة, وإنما امتدت كذلك أمام حالة الفقر المعلوماتي وضعف المادة الحقيقية إلي البحث في مواقع التواصل الاجتماعي عن التغريدات والتعليقات التي يدونها المصريون علي صفحاتهم اعتزازا بوطنهم, أو انتقادا لوضع لا يعجبهم, أو احتفاء بنصر أحرزه جيشهم علي فلول الإرهاب في سيناء, ثم تفاجأ بوصلات من الردح, والطعن غير المهني في مؤسسات الدولة.
تستعين فضائيات السموم وأخواتها بمن يصفونهم بالمحللين والمتابعين للشأن المصري, وهم قلة مأجورة يتناوبون الظهور علي تلك الفضائيات في ورديات مدفوعة الأجر لافتعال أزمات, وتصدير مشكلات, وتكثيف المحتوي النفسي السلبي الذي يتم بثه في عقول من يشاهدونهم فيما تكون هناك مجموعة من عملائهم تتولي ترويج هذا المحتوي المسموم علي مواقع التواصل والصفحات المجهولة لمن أنقذهم القدر من مشاهدة البث المباشر للأكاذيب الإخوانية.
وفي النهاية يبقي السؤال للمواطن: كيف يشعر بمعاناتك وهمومك شخص ارتمي في أحضان أعدائك ومنحوه بوقا ليزعق كالغراب في وطنك الذي يريدونه أطلالا وركاما, ويريدون لك بكائية تنزف فيها دموع الندم, وتعيش مثلهم مدعية مظلومية, كما تبدو سيرتهم منذ أن ظهر للعلن تنظيمهم السري؟
5 النتيجة .. احترس
بعد قتل الذات الوطنية, وفقدان الثقة في الوطن, والطعن في الثوابت, وتسويد المستقبل, والإصابة بسموم فضائيات الشر, والعدوي التي تنتقل إليك من مواقع التواصل الاجتماعي كما يريدون, تكون قد سقطت في الفخ الذي نصبه لك أباطرة الجيل الرابع, ويصبح وصفك في منهجهم مواطن بائس في دولة فاشلة.
والسؤال.. هل علي البائس أن يطمح في مستقبل؟ هل يحلم من فقد الأمل وروح الوطن بغد أفضل لنفسه ولأهله؟.. الإجابة متروكة لك.
النتيجة التي ستصل إليها من حيث لا تدري عندما يسري في جسدك سم الجيل الرابع هي مواطن يؤمن بأن الحرب هي الإكراه, وأن الدولة هي الفاشلة, وأن العدو صديق, ثم تكفر بفكرة الحدود, وتؤمن بالتقسيم بأنه لن يكون في عقيدتك وقتها وجود لما يسمي بالوطن.. الوطن الذي جردوك من حبه, وأكرهوك علي كرهه بمحض إرداتك, وجعلوه في نظرك فاشلا. فهل تقبل؟
مشروع برنارد لويس الصهيو أمريكي.. عالم إسلامي ممزق
ثمة عملية جراحية خطط لها برنارد لويس لتغيير ملامح العالم الإسلامي, وتقطيعه إلي شتات في هيئة دويلات مقسمة علي أسس دينية وعرقية وسياسية, وهذا المخطط الذي تم رسمه لن يتحقق إلا بحرب من نوع خاص علي المنطقة, وهي حروب الجيل الرابع والتي تستخدم حاليا ضد دول وتقاومها دول أخري علي رأسها مصر. يشرع هذا المخطط إلي تقسيم مصر إلي خمس دويلات: الأولي إسلامية سنية, والثانية مسيحية, والثالثة نوبية في أسوان, والرابعة بدوية في سيناء, والخامسة فلسطينية علي شماء سيناء ستنضم إلي غزة.
وفي آسيا, رسم المخطط دويلة للشيعة تسمي دولة الإحساء, وتضم قطر والإمارات والبحرين والإمارات وعمان وشرق السعودية, ودويلة للسنة في نجد, وأخري مثلها في الحجاز, بالإضافة إلي تقسيم العراق إلي ثلاث دويلات, فواحدة للسنة حول بغداد, والثانية للشيعة في الجنوب حول البصرة, والثالثة كردية في الشمال الشرقي حول الموصل وينضم إليها أجزاء من الأراضي الإيرانية والتركية والسورية. وبالنسبة لسوريا, هو التقسيم إلي أربع دويلات, شيعية علي السواحل, وسنية حول حلب, وسنية حول دمشق, ودرزية في الجنوب.
القطع الأصغر والأكثر رسمت للبنان, فثمان دويلات متفرقة هي الهدف الرئيس الذي وضع لبلاد حضارة فينيقيا, أربع منها مقسمة بين سنة وشيعة وعلوية ومارونيين ومسيحيين, وواحدة تحت النفوذ الإسرائيلي, وأخري دولية في بيروت, وثالثة درزية في أجزاء لبنانية مع أراضي فلسطينية, والرابعة حول صيدا تحت سيطرة منظمة التحرير الفلسطينية.
وعن فلسطين فتقرر ابتلاعها بالكامل لصالح إسرائيل وإبادة من يتمسك بالبقاء من شعبها, مع إعطائها أرض الأردن كاملة, أما إيران وباكستان وأفغانستان فرسم لهم تقسيما إلي عشرة كيانات عرقية ضعيفة, وانتزاع جزء من الأراضي التركية لصالح دويلة كردستان.
.. وآليات المواجهة
حكاية صمود
أزمات مفتعلة.. ترويج ل فشل الدولة.. والقوات المسلحة علي الجبهة ب سلاح صاحي
أما محاولات إفشال الدولة التي حشدت لها كتيبة الجيل الرابع من الحروب كل العدة والعتاد, كانت الدولة وأجهزتها علي الجبهة تحارب من أجل وقف هذا المخطط وإفشاله, وذلك بحزمة من الإجراءات التي اتخذتها قبل وبعد ثورة30 يونيو. تعد القوات المسلحة حجر الزاوية الذي اعتمدت عليه الدولة في التصدي لحروب الجيل الرابع, فعلي الرغم من أن المستهدف في الفصل الأخير من هذه الحروب هو المواطن, إلا أن القوات المسلحة تعاملت مع الأمر باعتبارها درع المواطن وسيفه, وتجلي ذلك في الأزمات المفتعلة التي كان يروج لها صناع هذه الحروب لفض العلاقة الوطيدة بين المواطن والوطن( وفي القلب منه قواته المسلحة).
في مسرح الأزمات المفتعلة في معظمها كانت القوات المسلحة تقوم بدورها الوطني في خدمة المواطن وانتشاله من براثن الفتنة التي يخطط لها رجال الجيل الرابع, فعلي مدار السنوات القليلة الماضية, يلاحظ المتابع للمشهد في مصر كيف كان يتم تصعيد الأزمة الجماهيرية في وقت قياسي وكيف كانت تنتفض جيوش وكتائب الأعداء في تضخيم الأزمة والترويج لما يسمونه عجز الدولة عن مواجهتها مستغلين البيروقراطية وضعف الأداء الحكومي وأحيانا عدم التناغم والتنسيق بين الجهات المختصة بالتعامل مع الأزمة.. فهل هناك أمثلة علي ذلك؟
يظل ملف الغذاء هو المادة الخام المستهدفة لحروب الجيل الرابع, ففي ترويجهم لأزمة أسعار المواد الغذائية وارتفاعها وأحيانا ندرتها, يعمل جناحان من التنظيم الناعم لكتائب الجيل الرابع علي اللعب بهذه القنبلة, الجناح الأول:مستتر يندس وسط المواطنين ويلهب حماس الباحثين عن السلع والطبقة الفقيرة من البسطاء ومحدودي الدخل وبالطبع تبدو الدولة عاجزة عن الوفاء بقوت مواطنيها, والجناح الثاني: يجنح إلي الاحتكار وجمع الأقوات والسلع الغذائية الاستراتيجية من الأسواق لتعطيشها ومن ثم ندرتها ثم اختفائها, ويتحالف الجناحان معا لتظهر الأزمة بلا حل.
تلك الأزمة تكررت كثيرا في مجالات عديدة تندرج تحت مظلة الاقتصاد الذي يعد الملعب الفسيح والأرض الخصبة التي تترعرع فيها مؤامرات حروب الجيل الرابع, لكن القوات المسلحة كانت دوما جاهزة للحلول الحاسمة, وانطلقت سيارات الخدمة الوطنية ترابط في الشوارع والميادين عارضة جميع أنواع السلع التي يحتاجها المواطن بأسعار في متناوله, لتقطع الطريق علي المحتكرين والمزايدين الذين لا يلبثوا أن يعودوا بافتعال أزمة جديدة أو استغلال أزمة قائمة. ألم أذرع الجيل الرابع في مصر الجماعة وإخوانها في تعقيد أزمة الدولار وسحبه من الأسواق, قبل أن تكتشف الأجهزة الأمنية تلك اللعبة ويتم القبض علي متورطين في ضرب الاقتصاد, والتحقيقات ومحاضر الضبط بمباحث الأموال العامة والجهات المختصة خير دليل؟
وفي الوقت الذي كان شعار العيش والحرية والعدالة الاجتماعية يهز الميادين في25 يناير, كان الجيل الرابع يستعد لضرب الثورة والدولة في أول مطلب نادي به الشعب, ورأينا طوابير الخبز الممتدة ومعارك العيش, وأمام تعقد الأزمة وتضخيمها, قطعت القوات المسلحة الطريق كالعادة- علي كهنة الجيل الرابع وفتحت منافذها خلال فترة المجلس العسكري أمام المواطنين, كما قامت بتوزيع كميات كبيرة من الخبز علي المخابز لحصار الأزمة ومن ثم إجهاضها.
الفساد.. هنا مربط الفرس.. الذي انطلقت منه الدعاية السلبية لكتيبة الجيل الرابع من الحروب, خاصة ما يرتبط منه بقطاعات حكومية, وأمام النفخ في النار والكشف عن وقائع الفساد وتصدير الصورة للرأي العام بأن الفساد ينهش في جسد الدولة, كانت القوات المسلحة تتدخل لضبط المنظومة والرقابة المشددة من منطلق وازع وطني لسد منابع الفساد في مشروعات الدولة, ليست قضية فساد القمح التي أطاحت بوزير التموين السابق خالد حنفي ببعيدة عن الأذهان, وغيرها من القضايا التي كانت مادة خصبة لإظهار عجز الدولة عن مواجهة الفساد, وهي اللعبة التي تنبهت إليها القوات المسلحة. صمدت الدولة وما زالت تصمد وتقاتل في إجهاض هذا المخطط الخبيث, ويبقي المواطن في موقع المسئولية يقظا لما سيخرجه خفافيش الجيل الرابع من جعبتهم لإفشال الدولة.. لعل الرسالة وصلت.
استعادة الدولة وتثبيت دعائمها
لم تمر مصر بفترة عصيبة في تاريخها كتلك الفترة التي أعقبت ثورة25 يناير, والمعني بالذكر هنا شكل الدولة داخليا وخارجيا.. فعلي المستوي الداخلي كانت الحكومات تعمل بعشوائية, فلا أجندات مرسومة, ولا خطط مدروسة ولا تناغم في الأداء بعد أن تم اختيار الوزراء بمعايير بعيدة عن مفهوم رجال الدولة, وزاد من الأزمة ما كان يسيطر علي المشهد في ذلك الوقت من مطالب فئوية ومظاهرات احتجاجية ولعب علي المكشوف من جهات ولوبي مصالح.
علي المستوي الخارجي, تعرضت الدبلوماسية المصرية لأزمات عدة, وطفحت المشكلات الداخلية وحالة التدهور السياسي علي وضع مصر خارجيا, وبدا بساط الريادة ينسحب رويدا رويدا من تحت قدم أم الدنيا,وفي الوقت نفسه كانت مؤامرة الجيل الرابع من الحروب تعمل بدأب لبلورة هذا التراجع وتغليفه في إطار مصر التي كانت ولن تكون كما كانت, وبدأت بكائيات أفول نجم القاهرة تظهر بأشكال شتي علي مواقع التواصل وفي الإعلام الغربي والداخلي أيضا في ظل حالة الانفلات الذي كان قد طال كل شيء في ظل غياب شكل الدولة, وهذا ما جعل المهمة صعبة. قبيل ثورة30 يونيو, كان شكل الدولة المصرية قد وصل إلي حالة من الهلامية لم يصل إليها, وبدت مصر مطمعا للأقزام وأشباه الدول, ثم ما لبثت الدولة التي شكلتها30 يونيو أن استفاقت من تلك الغيبوبة, وعادت الدبلوماسية المصرية في الخارج إلي ساحة الكبار من جديد بعد أن تبلور شكل الدولة في الداخل وتحرر الكيان الوطني من جماعات المصالح وإيدلوجيات الصراع وفقه الدم, وبدأت الدولة المصرية التي عاد زعماء العالم ليستقبلوا رئيسها بمنتهي الحفاوة والتقدير في موسكو وروما وبرلين وباريس والأمم المتحدة وغيرها من مراكز صنع القرار العالمي, لتكون أول رصاصة تطلقها دولة30 يونيو علي مؤامرة إفشال الدولة التي انتهجتها حروب الجيل الرابع لإسقاط مصر.
عادت مصر الدولة الكبيرة إلي موقعها المعتاد في المحيط العربي والإقليمي وصار صوتها في مجلس الأمن الدولي ملاذا للباحثين عن طوق نجاة بالتجربة المصرية في محاربة الإرهاب.. داخليا, كانت30 يونيو تعيد تثبيت داعئم وأركان الدولة المصرية, ونجحت إرادة المصريين في سد فجوة أخري كانت تتيح لعناصر الجيل الرابع التلاعب والعمل بحرية في طريق تخريب الوطن وإسقاطه, وذلك بعد اكتمال مؤسسات الدولة بانتخابات رئاسية وتشكيل برلمان وإعلان الحرب علي الفساد من خلال تفعيل دور الأجهزة الرقابية وسيادة القانون والضرب علي أيدي مراكز القوي التي توحشت في فترة انفلات ما بعد.2001 وفي إطار تثبيت أركان الدولة, دخلت القوات المسلحة مرحلة جديدة من التطوير والتسليح وفق أحدث منظومات التكنولوجيا في هذا المجال, وعمدت الإدارة المصرية إلي تنويع مصادر السلاح ومواكبة التطور التكنولوجي حتي وصل الجيش المصري إلي مرتبة متقدمة بين أقوي جيوش العالم بما يحفظ الأمن القومي للوطن ويمثل درعا رادعة في ظل الأخطار التي تحيط بمصر والمخططات العدائية التي تحاك ضدها.
عادت الرائدة إلي ريادتها, وبحث صناع الحروب عن جولة جديدة لإفشال الدولة في شخص مواطن استعاد دولته.. فاعتبروا يا أولي الألباب.
انعاش الروح الوطنية
لأن حروب الجيل الرابع تعتمد في جوهرها علي القتل الحميد بلا رصاص ولا سلاح, فإن السنوات العجاف التي سبقت ثورة30 يونيو كانت فرصة لتنفيذ هذا المخطط بسلاح سيكولوجي كانت ضحيته الأولة الروح المعنوية للمصريين, إذ كانت قد انحدرت إلي مستوي غير مسبوق مدفوعة بخطط ممنهجة وعناصر مدربة علي قتلها, وساعد في ذلك التدهور الذي كان قد طال كل شيء.
لذلك كانت الحاجة ملحة إلي دفعة معنوية لتلك الروح المتدنية لإنقاذ الدولة من مخطط الإسقاط, وعليه كان لا بد من مشروع قومي يلتف حوله الشعب المصري ويستنهض الهمم الوطنية بداخله, ومن ثم كان مشروع قناة السويس الجديدة الذي أعاد للأذهان ملحمة بناء السد العالي, ونجت الدولة في مشروعها المعنوي قدر نجاحها في إنجازه في وقت قياسي وبعزيمة وإصرار, وأسقط في يد كهنة حروب الجيل الرابع لما رأوه من حماس لدي المصريين الذين سجلوا أرقاما قياسية بالأموال التي ساهموا بها في مشروع قناة السويس الجديدة, وكذلك الفرحة الوطنية التي صاحبت الإعلان عن تدشين المشروع ومتابعة أعمال الحفر وسنة الإنجاز المعجز التي أنهت فيها الهيئة الهندسية للقوات المسلحة تكليف الرئيس لها بإنجاز المشروع, ثم ما كان من افتتاح أسطوري بحضور زعماء وملوك ورؤساء العالم, وعادت مصر محط الأنظار في مشهد لن يغيب عن الذاكرة.
لم تكن قناة السويس الجديدة سوي بداية لمشوار طويل من الحرب المضادة التي أعلنتها الدولة علي الحروب النفسية التي يوجهها الجيل الرابع لنفوس المصريين, فقد جاء تنمية محور قناة السويس ووضع حجر الأساس للعاصمة الإدارية الجديدة ومحطة الضبعة النووية ومشروعات الإسكان والمشروع القومي للطرق وغيرها من المشروعات العملاقة التي تزامن تدشينها مع تطوير الخدمات المقدمة للمواطن في المناطق النائية التي كانت تعاني التهميش في السنوات الماضية, لتفتح بابا جديدا من الأمل ولتتخذه الدولة حائط صد لإجهاض مؤامرة إفشالها.
وعلي آليات المواجهة بإنعاش الروح الوطنية, تأتي انتصارات القوات المسلحة في سيناء ونجاحها في حصار فلول الإرهاب ومنع تسللهم إلي خارج الدائرة التي رسمها خير أجناد الأرض لسحق هذا الخطر الأسود, ليبقي المصري فخورا أن جيشه حمي عرين الوطن من أن تكون السيادة علي أرضه لغير المصريين, وأنه دائما علي العهد درع وسيف للوطن والمواطن وستبقي للأبد.
هذه هي حروب الجيل الرابع
المواطن الهدف والسلاح.. والدولة الفاشلة الخطة.. والتقسيم والسقوط النتيجة
بلا قوات مسلحة أو قواعد عسكرية أو طلقات نارية, أصبح للحرب مفهوما آخر, لا يستهدف العسكري المحصن بسلاحه, إنما يستهدف المواطن المدني بالتوجيه صوب ما يراد له وفقا لخطة مرسومة لإسقاط دولته, فحروب الجيل الرابع التي طلت علي العالم منذ عام1989 تقضي علي البلاد المستهدفة بالتنازع أو التناقم المؤدي إلي التقسيم أو انهيار الدولة. فكر الأوروبيون في حروب الجيل الرابع لتكلفتها القليلة من الخسائر المادية والبشرية, عن طريق إفشال الدولة المستهدفة, وزعزعة استقرارها, ثم فرض واقع جديد لا يقل خطورة عن حروب الأجيال الثلاثة الأولي, باستخدام المواطن في هدم دولته, وإنهاك الدولة من الداخل وقتلها بالبطيء مثلما تم مع الاتحاد السوفييتي الذي تقسم بعد أن كان صلبا متوحدا. وتستخدم حروب الجيل الرابع أدوات عدة في إفشال وإسقاط الدولة المستهدفة, فشحن الأقليات علي المجتمع بترسيخ مفهوم الاضطهاد يعد سلاحا, والهجوم النفسي عن طريق التلاعب بالحقائق واجتذاب العاطفة لاستغلالها في التنابذ يعد سلاحا, والتمويل غير المباشر للجماعات الإرهابية التي تزعزع الاستقرار يعد سلاحا, وتجنيد بعض المواطنين في خدمتهم يعد سلاحا.
وللدولة مفهوم وقت الحرب يفسر علي شقين, أولهما القوات المسلحة, وثانيهما القطاع المدني, فانهيار شق منهما يعني انهيار الآخر بالتباعية, وهو ما يقضي علي الدولة تماما, وفي حروب الأجيال الثلاثة الأولي كان المستهدف الرئيس منها هو الشق الأول القوات المسلحة, والذي بانحلاله تنحل الدولة, لكن حروب الجيل الرابع قررت أن تصل للنتيجة ذاتها سقوط الدولة من الشق الآخر, وهو القطاع المدني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.