أنا رجل اقترب من الخمسين, تزوجت من أكثر من عشرين عاما من فتاة رشحتها لي الأسرة ووجدت فيها العقل والهدوء والأصل الطيب بالإضافة إلي جمال هادئ فتوسمت فيها القدرة علي مشاركتي الحياة وتحقيق الطموحات معا. ولم تخيب زوجتي ظني فأنجبت لي الذكر والأنثي وانكبت علي تربية الأبناء وتركتني أشق عباب الحياة العملية دون أن أحمل هما للبيت ولا للأولاد الذين حملت هي مسئوليتهم الكاملة, فلم أخيب أنا أيضا ظنها وكنت لها الزوج المخلص الذي لا يتواني عن تحقيق سبل الراحة لها وللأولاد واضعا إياهم في مقدمة أولوياتي وسارت حياتنا هانئة يحسدنا عليها المحيطون بنا. لكن أبي القدر إلا أن يضعني في اختباراته العنيفة, فقد تعرفت علي سيدة لفتت انتباهي من اللحظات الأولي بجديتها وإخلاصها في العمل وقوة شخصيتها التي تواجه بها أشد الرجال, ولم يتعد الأمر في بدايته أكثر من الإعجاب بتلك الشخصية المستقلة التي تناقض شخصية زوجتي, ولا أدري متي بدأ حبها يتسرب إلي قلبي وكنت أظن أنني فقط اعتدت علي وجودها, لكن عندما قررت اختبار مشاعري بإبعادها عني لم يزدني هذا إلا اقترابا منها, وعندما صارحتها بمشاعري نحوها بعد سنوات من معرفتي بها تأكدت أنها تبادلني المشاعر نفسها فقررنا الارتباط بالزواج احتراما للدين وللأعراف. سيدتي إن المرأة التي أرغب في الزواج منها لا تمانع في إخفاء زواجنا عن زوجتي وبالطبع لا تمانع في إعلانه, وقد تركت لي القرار وفقا لمصلحتي.. لكنني غير قادر علي اتخاذ هذا القرار, فالبعض ينصحني بإخبار زوجتي وتحمل العاصفة بتبعاتها, والبعض الآخر ينصحني بالزواج في السر حتي أجنب زوجتي الألم قدر المستطاع وأجنب نفسي المشكلات خاصة أنني لا أنوي تطليقها حرصا علي العشرة بيننا وحرصا علي الأبناء.. فبماذا تنصحينني؟ عزيزي المحب من أول وجديد. من حق سيادتك أن تحب وتحب وتعيش مغامرة تدغدغ مشاعرك وتستفز رجولتك بما تمتلكه المرأة الأخري من استقلالية وقوة شخصية ساهمت في انجذابك لما هو عكس صفات زوجتك كأنك اعتدتها وربما مللت من هذه الصفات بعد مضي عشرين عاما من الهناء! لكن إذا اعتبرت حقك في الاختيار من جديد حقا مشروعا قانونا وشرعا فلا يمكنني إغفال حق شريكة حياتك شرعا وعرفا وقانونا وقبل كل ذلك حقها المعنوي في الاختيار هي أيضا إذا ما أرادت الانفصال أو إذا ارتضت مشاركة أخري بشروط تتفقان عليها. استرعي انتباهي أنك أخفيت علاقتك وارتباطك بالحب الجديد عدة سنوات وأثار دهشتي أن زوجتك لم تلحظ أي تغيير فيك وفي تعاملاتك معها, ولو حدث ربما شجعتها تلك الشكوك علي معرفة ما تحتاجه أنت من تجديد وتغيير ولحاولت مواكبته لتوفير احتياجاتك وربما أغناك هذا عن الدخول في معترك علاقة موازية بما تحمله من مخاطر علي أسرتك المستقرة, كما أنك لم ترو ظروف المرأة المستقلة التي تعرف من أين تؤكل الكتف والتي لا تري غضاضة في الارتباط بك سواء أعلنت أو أخفيت ذلك عن زوجتك قريرة العين من جراء ثقتها فيك وانكفائها علي راحتك أنت وأولادك, أرجو ألا تسئ فهم كلماتي بأني أثنيك عما تنتوي أو أنتقد محبوبتك لموقفها الذي يفسره مبدأ الغاية تبرر الوسيلة, لكني في الواقع أحاول أن أفتح عيونك عليالفعلة أقصد الارتباط الجديد بما يحمله من معطيات وملابسات تستدعي التروي قبل الإقدام لتتحمل التبعات بوعي ومسئولية. عزيزي الذائب في حب معشوقته الجديدة. لقد نعمت طيلة عشرين سنة بالهدوء والسكينة مع شريكة حياتك لأنها عكس محبوبتك الجديدة في كل شيء مما يجعلني أتساءل عن قدراتك علي التكيف مع الفرق الكبير بين تلك وذاك تحت سقف بيت واحد! فشرب القهوة أو اللقاءات بينكما التي تنتهي بنوم كل واحد في بيته علي سريره الآمن الهادئ( في أحضان شريكة حياتك) بعيد كل البعد عن سطوة زوجة مستقلة لها احتياجاتها وأجندتها من هذه الزيجة بما في ذلك الإنجاب منك إذا أرادت وإذا كانت الفرصة متاحة بحكم ظروفها التي لم تذكرها, فماذا سيحدث لو أنجبت؟ وكيف ستكون تبعات ذلك علي شريكة حياتك وأولادك لو لم تعلمهم بقرارك من البداية ؟ إن المواجهة ستكون أصعب وأكثر قسوة علي كل الأطراف لذا أتصور أن مفاتحة زوجتك قبل أن تقدم علي الزواج هي وقاية خير من ألف علاج, فقد كانت لك سندا وعونا ولا عائل لها الآن نفسيا, معنويا, اجتماعيا وماديا سواك, وأظن أن علمها بالمسألة قبل حدوثها سيعضد قرارك إذا ما عزمت علي المضي فيه, ويجعلها شريكا فعليا في عواقب الأمور بما فيها احتمال رغبتها في الانفصال إذا لم تتقبل الوضع, وأظن أن عليك الانصياع لحقها الأصيل في هذا, أخيرا تذكر أنك في سن تراجع فيه قطار حياتك لتقيم خطواتك وتحاول أن تغير مساره لما تظنه أفضل, وأن ضباب أزمة منتصف العمر لا يدعك تري كل الأمور بما لها وما عليها, ففاتح زوجتك واستشرها لأن هذا أول طريق القرار السليم.. السند المناسب لمواجهته وتوكلي علي الله وواجهيه وأنت جاهزة في قرارة نفسك للحصول علي الحد الأدني من الحقوق الذي ترغبينه لك ولأولادك. كان الله في عونك ووفقك لما فيه خيرك.