أنا رجل في نهاية الثلاثينات تزوجت من صديقة إحدي أخواتي بعد أن جذبني مظهرها الهادئ وأخلاقها التي يتحدث عنها الجميع وسرني أنها كانت قد تخرجت وعملت دون أن تمر بقصة حب أو ارتباط واحدة, و هذا ما تأكدت منه, وأنجبت لي زوجتي ثلاثة أبناء خلال رحلة زواج اكتشفت منذ أيامها الأولي عصبيتها الشديدة إذ كانت تثور لأتفه الأشياء, صحيح أنها لم تكن تتجاوز في حقي عند ثورتها لكنها أحالت حياتنا إلي جحيم متواصل من النكد والخصام والغضب, ولم تهدأ عصبيتها بعد إنجاب الأطفال بل زادت جدا, وبسبب تلك العصبية قررت طلاقها لأنجو بما تبقي لي من أعصاب خاصة بعد أن رفضت هي اللجوء لمتخصص, وبالفعل كنا ننفصل تحت سقف واحد شهورا طويلة حين تعرفت علي سيدة تلاقت أفكارنا ومشاعرنا سريعا واتفقت معها علي الزواج بعد إنهاء أمور الطلاق مع زوجتي التي ما أن علمت بنيتي في الزواج من أخري حتي أخذت تسوف في اتفاقات الطلاق بحجة انتهاء الفصل الدراسي تارة وبحجة طلبات مادية إضافية تعلم رفضي لها وعجزي عن تسديدها تارة أخري, وترتب علي تسويفاتها تأجيل موعد زواجي من الأخري التي أصرت علي عدم إتمام زواجنا إلا بعد الانتهاء تماما من إجراءات طلاقي للأولي, ومرت الشهور وأنا لا أحرز تقدما في أي ناحية حتي فاجأتني زوجتي بعدم رغبتها في الطلاق الذي كانت توافق بل تلح عليه قبل, وطلبت فرصة أخيرة لعودة الحياة بيننا مؤكدة أنها تعلمت الدرس وأن أعصابها أصبحت أكثر هدوءا, وعندما نلتقي أحيانا بناء علي طلبها لمناقشة بعض الترتيبات ألحظ فعلا تغييرا في سلوكها لكن المحيطين بي من الأصدقاء يحذرونني من إعادتها لأنها ستعود حتما إلي عادتها القديمة, وعلي الجانب الآخر أخشي أن أخسر حبيبتي إلي الأبد إذا قررت إعطاء زوجتي فرصة جديدة ولم تنجح مثلما هو المتوقع.. فماذا أفعل؟ عزيزي المقدم علي الزواج للمرة الثانية ما يحدث لك مع زوجتك أم أطفالك هو قصة مكررة تحدث في كثير من البيوت, كما أن ما حدث من انخداعك في طباع زوجتك وانجذابك لهدوئها ثم نفورك من عصبيتها التي تتجاوز قدراتك علي التحمل كلها سيناريوهات مكررة لما يحدث في زواج الصالونات حيث يعرض كل طرف أفضل ما عنده ويخفي عيوبه حتي تتم الزيجة, وقبل أن أتطرق إلي وضعك مع زوجتك أحب أن أتناول معك وضعك مع حبيبتك ولها كامل الاحترام حيث أصرت علي عدم المضي في علاقتكما وإتمام الزواج قبل أن تتبين موقفك من زوجتك, فدعني أسألك ما الذي يجعلك تظن أن حبيبتك تختلف عن زوجتك الحالية فيما تخفيه عنك من عيوب؟ أتظن أنك تعرف كل شيء بعد تجربتك مع زوجتك؟ أتمني أن تكون قد وعيت هذا الدرس علي الأقل, ففي مجتمعاتنا الشرقية لا يتعرف الزوج علي شريكة حياته إلا بعد شهور وربما سنوات من الزواج, فهما لم يقضيا معا قبل الزواج حياة حقيقية احتراما للأعراف وللأديان, فكيف سيكون حالك لو طلقت زوجتك الحالية لتغنم السعادة مع حبيبتك لتكتشف عيوب الحبيبة( وهو شيء طبيعي حيث إن الكمال لله وحده) ؟. أما بالنسبة لزوجتك وما طرأ عليها من تغيرات بعد علمها بنيتك لطلاقها فهذا شيء جيد لك ولأولادكما إذا كان تغيرا حقيقيا لكن هل كانت عصبية زوجتك هي الشيء الوحيد الذي تشكو منه قبل أن تجد راحتك مع من تصفها علي أنها حبيبتك؟ أم أن هناك خصالا أخري تفتقدها في الزوجة ووحدتها في محبوبتك؟ فيما يخص عصبية زوجتك أشارك أصدقاءك الرأي في أن ريما ستعود لعادتها القديمة إذا لم تتلق علاجا علي يد متخصص وأن التغيير الحالي هو مؤقت سينتهي بعد وقت قصير من رجوعك إليها, فالعصبية الشديدة عرض أو جزء من مرض كاضطرابات الشخصية واضطرابات الانفعالات والمشاعر وهو يستدعي تدخل الطبيب خاصة عندما تكون آثاره مدمرة كما هو الحال الذي دفعك للابتعاد والمضي للطلاق الذي يتراءي لي من كلماتك أنك صرت مترددا في إتمامه آملا خيرا في زوجتك, فهل لي أن أنصحك بأن تطلقها بلا فرصة ثانية؟ إنه بالتأكيد قرار صعب يعتمد في المقام الأول علي رغبتك الأصيلة في الاستمرار معها أم المضي مع حبيبتك لتكتشف علاقة جديدة بحلوها ومرها. أظن أن كلا الخيارين صعب عليك, وفي رأيي أن أفضل الخيارات هو الذهاب لمتخصص مع الزوجة للوقوف علي حالة عصبيتها وجديتها في التغيير هذه المرة, وهذا في نفس الوقت هو اختبار حقيقي لمدي جديتها ورغبتها في التغيير الحقيقي بعد أن كانت ترفض العلاج, وعلي ضوء ما سيتكشف إليك في هذه الزيارة تأخذ قرارك الأخير بلا إذعان لمماطلة الزوجة الذي أحسته محبوبتك ورفضته, وحاذر أن تتحول إلي ساندويتش عاطفي بين شد وجذب زوجتك ومحبوبتك فعليك الاختيار والقرار سريعا بعد اختبار زوجتك عن طريق متخصص.