تحولت أزمة قطر مع جيرانها العرب إلى كرة لهب متدحرجة جعلت حكم تميم بن حمد آل ثانى فى مهب الريح.. وتدفع التطورات السريعة والمتلاحقة إلى تساؤل رئيسى يحمل عنوان «ماذا بعد تميم؟ .» قبل أيام نشرت الصحف السعودية رسالة من عدد من أبناء أسرة آل ثانى الحاكمة فى قطر إلى العاهل السعودى الملك سلمان بن عبد العزيز، يعتذرون فيها عن إساءات الحكم الحالى فى قطر تميم بن حمد، كما ذكرت صحيفة الرياض. وأكد البيان، الذى حمل عنوان: «بيان فرع أحمد بن على من أسرة آل ثانى »، رفضهم لسياسات الأمير تميم والتبرؤ من تلك السياسات قبل أن تغرق المركب بالعائلة. اعتذار عدد من أبناء أسرة آل ثانى الحاكمة فى قطر إلى العاهل السعودى الملك سلمان بن عبد العزيز كشف بما لا يدع مجالًا للشك عن حالة غليان غير مسبوقة داخل القصر الأميرى القطري، وعن نار تشتعل تحت الرماد توشك أن تأكل أحلام «تميم » وتهدد بقاءه على عرش قطر التى تشهد حاليًا تطورات غير مسبوقة منذ إعلان الاستقلال عن بريطانيا عام 1971 . صدور بيان الاعتذار معنونًا ب «بيان فرع أحمد بن على من أسرة آل ثانى » كشف مجددًا تصدعًا وانشقاقًا كبيرين فى العائلة الحاكمة، يؤشر على أن الأيام المقبلة حبلى بمزيد من المفاجآت، حيث يتوقع مراقبون عودة العرش إلى الأسرة الأصلية المالكة. وتعود قصة الانقلاب على عائلة أحمد بن على إلى خليفة بن حمد جد «تميم »، وال ذى انقلب على الحاكم الفعلى لقطر فى 22 نوفمبر 1972 ، رغم استقرار الحكم فى البلاد وقتها، ومن يومها لم يعد الحكم إلى عائلة أحمد بن علي. يشار فى هذا الصدد إلى أن الشيخة «موزا » والدة «تميم » متهمة بأنها هى التى اختطفت الحكم لصالح نجلها، وإجبار والده على التنازل له عن العرش طواعية خشية تمكينه من المنصب، بمساندة الجناح المعارض. وفى هذا السياق توقعت صحيفة «الرياض » السعودية وقوع انقلاب سادس فى قطر بعد سلسلة الانقلابات الخمسة التى ج رت ف ى ال دوح ة، منذ ال ع ام 1971 وحتى العام 2013 . وقالت: «بعد 4 سنوات من الحكم، لم ينجح تميم فى كسب أى صديق أو قريب، بل حصد عداوة الجميع، فالتهديد الأول الذى ينتظره يأتى من أسرة أحمد بن على التى تسعى للانتقام، وذل ك لأنها صاحبة الحق الأصلى والشرعى فى حكم قطر .» الأكثر خطورة فى هذا الصدد أن الأسرة الحاكمة فى قطر بها عدة تيارات متعارضة أقواها التيار السلفى الإخوانى الذى يعتقد بأنه يقف وراء دعم الجماعات الإرهابية فى المنطقة. كما أن ل «تميم 3 » أشقاء أكبر منه هم: فهد وجاسم وعبدالله، ورغم ذلك تم تعيينه أميرًا لقطر. أبرز المرشحين لخلافة «تميم » بيان الاعتذار الذى وجه إلى الإمارات أيضًا حمل معه بروز اسم أحد المرشحين لخلافة «تميم » وهو المعارض الشيخ سعود «بن ناصر آل ثانى »، والذى قام «تميم » باعتقاله عقب وصوله الدوحة خشية تمكينه من حكم البلاد. وكان المعارض القطرى البارز «بن ناصر »، كشف عن تلقيه دع وة من الشيخ جوعان بن حمد بن خليفة آل ثانى «شقيق أمير قطر »، ومستشار الديوان الأميرى الدكتور عزمى بشارة، وتم اعتقاله هناك عقب وصوله. الشيخ مشعل بنحمد، الأخ الأكبر وغير الشقيق لأمير قطر، وال ذى قضى 20 عامًا بالسجن؛ بسبب اعتراضه على انقلاب والده على جده بات أيضًا من أقرب المرشحين لمنصب أمير قطر. فى هذا السياق يبدو من الضرورى الإشارة إلى خلافات حادة وصراعات بين الأميرين مشعل وتميم. فالأمير مشعل كان قد تعرض للإبعاد من المشهد على يد الشيخة «موزا » لصالح نجلها تميم. الأمير عبد العزيز وهو عم «تميم ».. ويرى قطاع من القطريين أنه أكثر عقلانية وأحق بالحكم بجانب إخوته غير الأشقاء من الأم. هناك أيضًا تيار يقوده الأمير حمد بن جبر، وهو التيار الذى يسعى للحفاظ على المصالح الأمريكية، بينما يعتمد «تميم » على عائلة أمه الشيخة «موزا » وهى عائلة المسند. اللافت فى هذا الصد د أن «تميم » حتى الآن لم يعين ولى عهد لأن نجله لم يتخط 7 سنوات وهو ما يعزز إمكانية الانقلاب عليه. الاقتصاد والقاعدة العسكرية تلوح فى الأفق أيضًا بوادر وتحركات لسحب القاعدة الأمريكية الموجودة فى منطقة العديد القطرية ونقلها إلى السعودية أو الإم ارات مع نوايا غير مكتومة تشير إلى توجه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب نحو فرض عقوبات اقتصادية على دولة قطر. وليس بعيدًا عن مستقبل «تميم » السياسى ذلك السؤال الحاضر بقوة عن مستقبل قطر الاقتصادى وهى من أكبر منتجى الغاز الطبيعى فى العالم. فى هذا السياق خفضت وكالة «موديز » التصنيف الائتماني، لقطر إلى AA3 من AA2 مع تعديل النظرة المستقبلية من مستقرة إلى سلبية. وأرجعت الوكالة بحسب رويترز، أسباب خفض تصنيف قطر إل ى «ضعف الم رك ز الخارج ى للبلاد والضبابية التى تكتنف استدامة نموذج النمو بعد السنوات القليلة المقبلة. وتوقعت «موديز » اقتراب ميزان المعاملات الجارية القطرى من التوازن فى 2017 مقارنة مع عجز نسبته %5.5 من الناتج المحلى الإجمالى فى 2016 . واعتبرت الوكالة أن مواطن الانكشاف الخارجى لقطر أكبر إلى حد ما من نظرائها الخليجيين الحاصلين على تصنيفات عالية نتيجة لأعباء الدين الخارجى الأعلى بكثير.
